أحدث المواضيع

ندوة الفقر صناعة بشرية للدكتور جعفر محمد الصائغ

أقامت الجمعية الحسينية يوم الثلاثاء ٦ يونيو ٢٠١٧م الموافق ١١ من شهر رمضان ١٤٣٨هـ ندوة ثقافية بعنوان (الفقر صناعة بشرية) بمشاركة الدكتور جعفر محمد الصائغ، تناول فيها أهم عوامل الفقر وطرق علاجه، وقد تطرق في كلمته إلى الدور الرئيسي الذي يلعبه البشر في استمرار الفقر، مشيرا إلى ضرورة تغيير منهجية المساعدات التي تقدم للأسر الفقيرة من قبل المؤسسات الخيرية والتركيز على طرق تحول تلك الأسر إلى أسر منتجة تستطيع.

خلاصة البحث:

مفهوم الفقر: الفَقْر في القاموس العربي يعني العَوَز والحاجة والحرمان، وتطور مفهوم الفقر تطوراً تاريخياً، وهو يختلف اختلافاً شاسعاً من حضارة إلى حضارة، والمعايير التي تستخدم في التفرقة بين الفقراء وغير الفقراء، هي معايير تجنح إلى كونها تعكس مفاهيم معيارية خاصة بالرفاهة والحقوق.

يعرّف التقرير الفقر بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة، كما يُعرف الفقر الآن بأنه عدم القدرة على الحصول على الخدمات الأساسية، ويعني ذلك وجود أوضاع وظروف معيشية لفئات اجتماعية، وهي أوضاع تتسمم بالحرمان على مستويات مختلفة، كما يعرف على أنه عدم القدرة على بلوغ الحد الأدنى من الشروط الاقتصادية والاجتماعية التي تمكن الفرد من أن يحيا حياة كريمة.

الفقر دّاء قديم حديث ومستمر: وهو المهدر الأوّل للكرامة الإنسانية، وهو سبب لضياع الدول وتدمير الحضارات وانتشار الجهل، هو السبب لانتشار الجرائم وسوء الأخلاق، وهو مرض لا يزال الإنسان يبحث له عن الدواء المناسب، وتركز بعض مفاهيم الفقر على أشكال مختلفة من الحرمان.

الفقر في العالم: يُقدر حجم الفقر ما بين 10% إلى 15% من سكان العالم أي ما يقارب 702 مليون شخص، كما أن مقدار الدخلى اليومي إلى 22% من سكان العالم هو 1.25 دولار في اليوم أو أقل، ويعتبر 14.5% من الأمريكين تحت خط الفقر.

أنواع الفقر: الفقر له درجات:

  • الفقر المدقع أو الفقر المطلق: ويكون دخل الاسرة أقل من الحد الأدنى و يمكن به توفير الحاجات الأساسية، مثل السكن، الغذاء، والملبس.
  • الفقر النسبي: يشير الفقر النسبي إلى الحالة التي يكون فيها دخل الأسرة أقل بنسبة معينة من متوسط الدخل في البلد.
  • فقراء الدخل.
  • فقراء الحاجات غير المتوقعة.
  • فقراء الحرمان من بعض السلع مثل السيارة المناسبة او المنزل.
  • الفقر المؤقت أو الطارئ أو الظرفي: هو الناجم عن أزمة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية عابرة أو الكوارث الطبيعية وهو عادة ما يمكن تجاوزُه بالتكافل والتضامن الشعبي والدولي.

أهم الأسباب: تنقسم الأسباب إلى أسباب طبيعية وأسباب غير طبيعية:

الأسباب الطبيعية: مثل:

  • الإعاقة الجسدية والعقلية
  • كبار السن
  • العجز بسبب تطورات غير متوقعة مثل: الحرب – الحريق – الكوارث الطبيعية – المرض – السرقة – فقدان الوظيفة وعدم وفرتها لأي سبب كان.

الأسباب غير الطبيعية، مثل:

  • الاسراف والتبذير والإهمال.
  • غياب التخطيط المالي والرؤية المستقبلية لكثير من الأفراد والعوائل.
  • غياب العدالة الاجتماعية.
  • سوء استخدام الموارد المتاحة.
  • عدم ملائمة النظام الاقتصادي والسياسي.
  • تسلط الأغنياء على الفقراء ومحاولة سلب حقوقهم المالية وغيرها.
  • غياب القانون الرادع لتسلط الأغنياء على الفقراء.
  • أغلب الدول الفقيرة كانت يوما ما ضحية للدول الاستعمارية التي نهبت خيراتها ودمرت حضارتها.
  • انتشار البطالة أو عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل.

غالبية الفقراء في العالم هم من الأسباب غير الطبيعية ولهذا يمكن القول أن الفقر هو صناعة بشرية بامتياز.

كيفية القضاء على الفقر: أغلب الحلول في القضاء على الفقر في مجتمعاتنا تنحصر على المساعدات المالية والجمعيات الخيرية، ولا يمكن القضاء على الفقر ومعالجته من جذوره فقط من خلال المساعدات العينية والمالية فقط، وهي في حقيقتها تخفف من أعباء الفقر ولكنها قد تطيل الفقر، وتحتاج عملية مكافحة الفقر اعادة النظر في النهج المتبع لتحويل الأسر الفقيرة من أسر مستهلكة إلى أسر منتجة.

الحل الأوّل والأساسي لمشكلة الفقر يكمن في وجود إرادة سياسية حقيقية، إذ تعتبر الإرادة السياسية هي أساس مشروع مكافحة الفقر، حيث تستطيع هذه الإرداة استثمار كافة الكفاءات العلمية والموارد البشرية المؤهلة للنهوض بالدولة مما يخلق فرص العمل.

كما تكمن الحلول الأخرى في مكافحة الفساد، واستغلال الموارد المتاحة، وتشجيع أفراد المجتمع على حب العمل حيث يعتبر العمل أساس الحياة التي نعيشها ونحياها، فهو المصدر الرئيسي للرزق والقوت الذي يرتجيه كل إنسان على وجه الأرض، والعمل معروف بالنسبة للإنسان منذ بدء الخليقة، حيث يعتبر بالنسبة له أحد العوامل الرئيسية لإستمرار الحياة وتوفير مستلزماتها، والإنسان الذي لا يعمل غير فعال وغير منتج وتقل أهميته، حيث إن العمل يحدد مستوى الإنسان المعيشي والثقافي.

قدسية العمل: قدس الإسلام العمل وحث عليه وجعله باباً من أبواب العبادة التي يتقرب بها العباد  إلى الله عز وجل، وقد ذكرت كلمة “العمل” وما اشتق منها في آيات القرآن الكريم في ثلاثمائة وستين موضعاً أي بعدد أيام السنة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية العمل وعلى مدى حرص الإسلام عليه. وقد أمر الله عز وجل بالعمل وحث عليه في كثير من الآيات القرآنية الكريمة منها:

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك 15).

قوله تبارك وتعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (الجمعة  10).

وهذا أمر بالاباحة بمعنى إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الارض للتجارة والتصرف في حوائجكم يعني للعمل، وابتغوا من فضل الله أي من رزقه أي العمل.

شارك برأيك: