أحدث المواضيع

البحث في ما ليس مهما بقلم الأستاذ حسن كاظم

الأستاذ حسن كاظم

من المضحك المبكي أن تجد البعض يبحث ويسأل في قضايا جوابها لا يقدم ولا يؤخر، ولا يترتب عليه تكليف معين. فمثلا يتناقل بعض الناس أن مرض الإمام زين العابدين عليه السلام في كربلاء كان هو فقر الدم المنجلي ((السكلر)). إن بحث هذه المسألة بأن نعرف ما هو مرض الإمام عليه اسلام في كربلاء خارج دائرة التكليف، ولسنا مطالبين لا عقلا ولا شرعا بمعرفة ذلك. إذ الحكمة من مرضه هو لكي يسقط عنه تكليف القتال مع أبيه الإمام الحسين عليه السلام بسبب المرض وتستمر الإمامة من بعد الإمام الحسين عليه السلام. فالمرض للإمام زين العابدين عليه السلام سبب وعلة لما هو أهم من المرض، فما المرض إلا طريق للهدف الذي يريده الله جل وعلا وهو بقاء استمرار الإمامة. والبحث في ما هو ليس مهما ولا مطلوبا لا فائدة منه، ناهيك عنه أنه يجعلنا سطحيين في انتمائنا الفكري لأهل البيت عليهم السلام. ويتحكم فينا الجهل باسم العلم، ونفتري افتراءات على ساداتنا تسيء لهم وتحط من قدرهم من حيث لا نشعر. فعلى أي أساس تم تشخيص مرض الإمام عليه السلام أنه السكلر؟

فأولا: لم تذكر أغلب الروايات اسم المرض، وقد ذكر الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد في رواية أن الإمام عليه السلام كان مريضا بالذرب، وهو من الأمراض الباطنية. فعدم ذكر اسم المرض في أغلب الروايات إشارة إلى عدم أهمية ذلك، وذكر اسم المرض في بعض الروايات جاء بشكل عرضي في الرواية فليس هو مبتغى الرواية

 ثانيا: مرض السكلر من الأمراض الوراثية، فهل أشارت الروايات إلى أن الإمام الحسين عليه السلام أو أم الإمام السجاد عليه السلام كان أحدهما مريضا وتأتيه نوبات السكلر؟ لا لم تذكر الروايات ذلك.

فتناقل مثل هذا الكلام والتحدث عنه ضرب من الاسفاف والسفه الفكري. الأولى والأفضل بل الواجب أن نبحث في عمق ودلالات الصحيفة السجادية، هذا الموروث العظيم الذي فيه من الدعاء ما يحتاجه العبد ويوصله لله سبحانه وتعالى. ما نحتاج إليه هو إبراز رسالة الحقوق التي وضعها إمامنا زين العابدين عليه السلام، فتكون وثيقة للتعامل بيننا، ونسير على نهجها وضوئها. ما يهمنا هو كيف واجه الإمام زين العابدين عليه السلام، انحراف الأمة الأخلاقي والديني، بسبب انفتاحها على ما هو خارج الإسلام، ووضع الصحيفة السجادية، لتثبت مبادئ الدين وتضيء إشراق النفس بالتوبة إلى الله جل وعلا. ما ينقصنا هو كيف نتعلم من إمامنا أن نتعامل مع خصومنا والمخالفين لنا، ما تفتقده نفوسنا وعقولنا هو كيف أن نجعل إمامنا مثلا نحتذي به ونسير على نهجه. أما أن نتحدث ونبحث ونسأل عن قضايا لا تؤثر في فكرنا ولا في تكليفنا، فذلك إجحاف بحق عقيدتنا وولائنا، والسماح لأعدائنا بالضحك علينا والسخرية منا. فاتقوا الله في ذلك.

شارك برأيك: