مقابلة خاصة: لقاء مع الشيخ عبد الكريم البربوري (حفظه الله) بمشهد المقدسة

IMG_5665أجرى اللقاء الأستاذ محمد أحمد سرحان
من أرشيف بوابة النويدرات الأحد 14 فبراير 2010

إن عطاء الأرض الحبلى لا يغمرها فحسب وإنما تجد وافرها يكسو البعيد والقريب، و ثمرها يطوف البلدان طوعا و قسرا ناشرا فوحها في الأقاصي، كذاك أرض بربورة الجميلة، التي عرض عليها بلاء التاريخ الذي لا يرحم، كما حل بأخواتها من فلذات أوال الحبيبة عبر تاريخ مليء بالقسوة على أهلها الآمنين المسالمين، ومن مفارقات الدهر أن بربورة برغم زوالها – بمعناه الجغرافي الطبيعي – إلا أن أعداءها فضلوا محوها نهائيا من التاريخ كذلك، وهل يوجد تاريخ يمحى؟
نعم. يعبث به ويشوه، ولكن لا احد يستطيع إلغاء الزمان مهما احتكر البعض كتابته.

هذه لقاء وترجمة لأحد علماء بربورة المهجرين أهله قبل ما لا يقل عن 200 عام، التقيناه في مدينة مشهد المقدسة، وكان لنا معه هذه المحاورة البسيطة.

اليوم: الجمعة 17/7/2009م
الزمان: الساعة 7 مساء
المكان: حسينية المرحوم آية الله العظمى السيد عبد الله الشيرازي (مشهد)

الاسم والنسب: عبد الكريم بن محمد بن ناصر بن حميد بن حاج علي بن حاج محمد البربوري البحراني.
العمر: 61 سنة

الأصول البحرانية:
عائلتهم ينتسبون لمنطقة بربورة في البحرين، بل أن المنطقة القاطنين بها في المحمرة، كلها تقريبا ذات أصول بحرانية، ومعروفين محليا في مناطقهم بأنهم يطلق عليهم البحارنة، ومن العوائل البحرانية المعروفة هناك عائلة آل نصيف وعائلة الجمري وعائلة القيدوم وعائلة البربوري، وجرت الصدفة وأنا أحادث الشيخ فالتقى بنا الشيخ الخطيب عزيز الواحدي فقال لي الشيخ هذا أيضا بحراني من المحمرة من عائلة نصيف.

زمن النزوح من البحرين:
الهجرة من البحرين هي من المعلومات التي حفرت في وعيهم الاجتماعي، فلا تنفك عنهم سواء في أنفسهم أو بتعامل الآخرين معهم على أنهم ذوي أصول بحرانية، بل عندما كنت- كاتب هذه السطور – مع الشيخ عبد الكريم أحاوره في الموضوع ونحن جالسين في زاوية من حسينية السيد عبد الله أتانا سماحة آية الله السيد محمد علي الشيرازي يسألنا عمّا نفعل، فقال له الشيخ عبد الكريم نتباحث في أصولنا البربورية البحرانية فابتسم السيد وقال: تدارسوها فيما بعد..، وعلى كل حال إلا أنه غير معلوم بوجه دقيق زمن النزوح، وإن كان يرجح أن الهجرة حصلت من زمان جده “حميد”، لربما لأنه الجد الذي تفرعت منه العائلة حاليا في المحمرة.

أسباب النزوح:
لا يمتلكون وثائق عن أسباب نزوحهم، ولكن ما توارثوه من آبائهم وما تناقلوه، يتحدث عن حالة من الظلم والاضطهاد تعرضوا لها أجبرتهم على النزوح لمناطق أكثر أمنا في حينها، وذات طبيعة قريبة من بيئتهم التي نزحوا منها، وبالنسبة إليهم كأحفاد لم يسعوا للتحقق والتقصي من ذلك الأمر.انتهى

وأقول:
يتبين للمراقب بأنهم فعلا عاشوا في مناطق تماثل بيئة البحرين من حيث المناخ والسطح والعلائق الاجتماعية والدينية، فمنهم من نزح للقطيف أو الاحساء والبصرة والمحمرة، بل أن الشيخ البروري حدثني بأن منطقتهم هي عبارة عن جزيرة تحيط بها مياه شط العرب، ولها تسمية تحمل إشارة لدى أهالي النويدرات حاليا، حيث تسمى جزيرة “صلبوخ” وهناك أحد أحياء النويدرات القديمة ما يحمل نفس الاسم، ولا ندري بوجه العلاقة إن وجدت، أم أنها محض صدفة.

مكان السكن:
في المحمرة: عائلة البربوري يعيشون في منطقة تسمى جزيرة صلبوخ وتغير اسمها حاليا لتحمل اسم ” مينو شهر” وهي قريبة من مدينة عبادان قرب شط العرب، و تقع بالضبط بين مدينتي عبادان وخرمشهر، وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية وقعت في قلب المعركة، فهجرها أهلها لمناطق مختلفة منها مشهد وقم و الأهواز وغيرها، ثم عاد بعد الحرب عدد منهم لمناطقهم الآن، وعدد البيوتات التي تحمل اسم البربوري حاليا حسب ما أعرف في داخل إيران 25 عائلة، بعضها في مشهد وبعضها في عبادان وبعضها في مينو شهر وخرمشر.
في مشهد: الشيخ عبد الكريم يعيش في مشهد المقدسة في منطقة بهمن شارع الشهيد ابراهيميان، مقابل شهرك بهشتي، ودير حسينية ” أم البنين ” وهو إمام جماعة وخطيب حسيني، ومرتبته العلمية حين سألت عنه قيل لي بأنه من الفضلاء، وهو قريب جدا ولصيق بسماحة آية اللـ.السيد محمد علي الشيرازي.

عوائل بربورية في العراق:
حدثني الشيح عبد الكريم بأن في العراق هناك عوائل بربورية، حيث لو تعرفنا المنطقة على الأرض سنجد بأن موقع سكناهم في المحمرة وفي العراق لا يفصل بينهما سوى نهر شط العرب، وفي تلك الأزمان لم توجد حدود سياسية تحد من تنقل العائلة من هنا وهناك، فالبربوريين بعضهم عاش في جزيرة صلبوخ “مينوشهر” بإيران حاليا وبعضهم في “أبو الخصيب” والبصرة بالعراق، ويقول الشيخ: بأن عمته وآخرين موجودين بالبصرة في منطقة “البراضعية” وفيها من العوائل البحرانية ومنها البربوري العدد الكبير.

شخصيات بربورية:
المجتمع الريفي المغلق الآمن الذي عاشوا فيه، جعلهم سكانا بسطاء يعملون في الزراعة وصيد الأسماك من شط العرب، وحسب قول الشيخ: بأن من عائلته من جده فقط لا يعرف أحدا منهم ذهب لطلب العلم سواه.
ولكنه يعرف بأنه كان بالبصرة الملا حسن البربوري وهو أحد الخطباء المعروفين والتقى به شخصيا، وقد توفي وله ابن يقطن في منطقة البراضعية بالبصرة.

العلاقة بالبحرين:
بطبيعة الحال هم ولدوا في المحمرة وعاشوا فيها جيلا بعد جيل، وانقطعت علاقتهم العائلية بالبحرين في زمن لا يعلمونه، وكل ما احتفظوا به هو النسبة وفي وعيهم بأنهم ذوي أصول بحرانية، لكن هناك من العوائل الأخرى لديها من التواصل مما جعل صلة أهل البحرين لم تنقطع بالبحارنة في المحمرة، فهو يتذكر ملا عطية الجمري وقال بأنه قرأ مجالس كثيرة في بيت والده بجزيرة “صلبوخ” وهناك شخصيات بحرانية كانت حريصة على القدوم للمحمرة حتى فترة السبعينات.

شارك برأيك: