أعداد الأستاذ يوسف مدن
قصة اكتشاف مثيرة لمخطوطة كتابه:
إنَّ لمخطوطة الشیخ علي بن الشیخ عبد اﷲ بن حسین بن أحمد بن جعفر البربوري الأوالي المتوالي في كتابه (وفاة النبي یحي) علیه السلام قصة مثیرة عشتها شخصیاً ،وهي ثمرة معاناة التقصي والبحث المستمر عن المعرفة، فقد كنت ممن یبحث عن وجود شخصیات علمائیة من بلدة ” بربورة ” كأحد أدلة إثبات وجودها بعد الضجة التي أثارها المرجفون حول وجودها ومحاولاتهم تسمیتها باسم نشاز، وقبیح، وسيء الصیت.
ومن مقدرات الموقف الإلهي عليَّ أن وقعت عیني فجأة وبدون مقدمات منتظرة على ترجمة قصیرة وعابرة لسیرة عالم من بربورة هو الشیخ عبد اﷲ بن الشیخ حسین بن أحمد بن جعفر البربوري البحراني والد الشیخ علي صاحب المخطوطة التي نحن بصدد الإشارة إلیها، وكانت الترجمة مكونة من صفحة واحدة مكتوبة ومرفوعة على جدار بالمدخل الداخلي لمبنى مسجد الشیخ مؤمن بمنطقة بربورة، ومذیَّ لة بقلم صدیقنا الأستاذ عبد العزیز سلمان بن محمد راشد العرادي المهتم بتراجم علماء البحرین، وكان الأخ الأستاذ محمد أحمد سرحان قد تقدم لي ببعض الأفكار والإشارات عن علماء بربورة قبل البحث عن المخطوطة المذكورة وقبل الاطلاع على الترجمة القصیرة للشیخ عبد اﷲ وذلك من خلال ترجمة قصیرة للشیخین أحمد بن حسن بن جمال البلادي وعلي بن محمد المقابي تضمنتا إشارة إلى الشیخ عبد اﷲ بن الشیخ حسین البربوري البحراني، وبالتالي فإن نقطة البدایة كانت حركة هادفة رغم محدودیتها، وقد تجمعت هذه الإشارات في تكوین أفكار سمحت بقدر من الانطلاق واتسعت فیما بعد، فالمعرفة عادة تنمو تدریجیاً وتتراكم بتلاحق اللاحق والسابق مع بعضهما في اتجاه واحد.
وأسرعت إلى قراءة الصفحة المرفوعة على جدار المسجد بسرعة وتمعن واستیقاف بین لحظة وأخرى، وبعد الفراغ من قراءتها داخلني دافع قوي لاقتنائها شخصیًاً، فتحدثت على وجه السرعة مع القائم على إدارة المسجد (قیومه) الأخ سعید ماجد بن حبیب بن یوسف بن أحمد بن الشیخ یوسف النویدري، وهو أحد أحفاد الخطیب الحسیني المعروف المرحوم الحاج حبیب یوسف ناسخ المخطوطة المذكورة للشیخ علي بن عبد اﷲ البربوري الأوالي البحراني، ووعدني الأخ سعید بتسهیل الأمر عليَّ مع كاتب الترجمة ،ثم استخرج تلفونه النقال الخاص وفتش عن بعض الأرقام داخله وسلمني بعد برهة قصیرة رقم تلفون كاتب الترجمة.
وبعد مضي قلیل من الزمن بادرت شخصیاً في الاتصال بالأخ عبد العزیز العراديعلى فترتین، وفي المكالمة الثانیة تم تحدید موعد لزیارة شخصیة ومقابلة ثنائیة والاتفاق على الاستفادة من مضمون الترجمة ومحتواها الثقافي – التاریخي، وأتذكر أنه تم ترتیب المقابلة المطلوبة بیننا في صباح یوم السبت الموافق ١٦ أغسطس ٢٠٠٨م ببیته في قریة ” عراد ” التاریخیة، وفیها طلبت من الأستاذ عبد العزیز:
- معلومات أوسع عن صاحب الترجمة.
- الحصول على نسخة كاملة مصورة من المخطوطة التي ما تزال حتى الآن بحوزته عن وفاة النبي یحي علیه السلام تألیف للشیخ علي بن عبد اﷲ البربوري فاعتذر لي لاتفاقه المسبق مع الشخص الذي أعطاه المخطوطة فاشترط علیه عدم تسلیمها أحداً غیره، فاحترمت وعده واتفاقه وقبلت بالأمر الواقع وتفهم ذلك عن طیب خاطر.
والحق یقال أن الأخ عبد العزیز لم یبخل علینا بشيء مما كان یستطیع، ولم یحرمني رغم قبوله للشرط بینه وبین صدیقه من المساعدة في أقل حدودها، حیث أعطاني صفحة واحدة مصورة من المخطوط تحمل اسم المؤلف الشیخ علي بن عبد اﷲ بن حسین بن أحمد بن جعفر البربوري الأوالي، وتحمل في مدخلها عنوان ” موضوعها الأساسي ” وهو قصة وفاة النبي یحي علیه السلام، ولكن لا تتضمن الصفحة اسم الناسخ ولا تاریخ النسخ لأن ذلك یكون عادة في آخر صفحات المخطوط، وإنما أبلغني بأن الناسخ شخص بحراني قد نسخها من أربعین عاماً لم أتمكن من معرفة اسمه، والمخطوطة – كما علمت منه – مكونة من سبعین صفحة تقریباً، ووجدت في هذا القدر من العطاء المبذول قدراً مقبولاً من العطاء والتعاون بیننا الذي یعیننا على معرفة شخصیة جدیدة لأحد علماء بربورة.
نعم قبلت الأمر.. ورتبت نفسي على توافر صفحة مصورة من المخطوطة شیئاً ثمیناً، فأدرجت الصفحة المصورة على نواقصها ضمن ملاحق الدراسة التي كتبتها عن تاریخ بربورة، كما مكنتني هذه الخطوة الأولیة من الكتابة وتقدیم معرفة مبسطة وأولیة عن مصِّ نف الكتاب (المخطوط) وهو الشیخ علي بن عبد اﷲ البربوري الأوالي البحراني، فما تحقق كان مفیداً إلى حد كبیر.
غیر أني لم اقتنع بما تحقق من خطوة سابقة، فالمعرفة تراكمیة ولا بد من إضافة اللاحق على السابق للوصول إلى الأفضل، كما أنَّ في الزمان متسع للحصول على تقدم في هذا المجال، وآثرت البحث عن المخطوطة بأكملها من مصدر آخر طالما تأكدت من وجودها فعلیاً بالعین المشاهدة مع أن الأستاذ العرادي لم یطلعني على المخطوطة،ولكن رؤیة الصفحة المهمة في المخطوط أقنعتني بذلك، إضافة إلى صدق رغبة الأستاذ عبد العزیز العرادي في تقدیم خدمة علمیة في هذا الشأن.
ومن جهة أخرى خشیت – في الوقت نفسه – أن یذهلني ذلك الانشغال بالمخطوطة والتمركز حولها عن أمور تفصیلیة أو مجملة أخرى یمكن بواسطتها إثراء دراستنا عن جانب من تاریخ بربورة وبخاصة بعض مظاهر الحركة الثقافیة فیها التي صنعها أجدادنا وعلماؤنا الأبرار، فصرفت النظر عنها مؤقتا وفي النفس شوق وتوقً عسى أن أوهب فرصة أفضل في قابل الأیام.
ولكني – بعد انتهاء المقابلة – أخذت فوراً بالنصیحة التي أسداها إليَّ صدیقنا الأستاذ عبد العزیز العرادي بضرورة الاطلاع على المخطوطات والكتب المكتوبة بالید التي یحتفظ بها عدد من القائمین على إدارة المآتم الحسینیة كالفخري والوفیات والموالید التي نسخها أبناء قریتي ((بربورة والنویدرات)) في فترة سابقة وبخاصة في القرنین الثالث عشر والرابع عشر الهجریین الماضیین، فما كتبه هؤلاء النساخون ذات أثر علمي یمثل بالنسبة للواحد منا وثیقة تاریخیة هامة ذات شأن ثقافي.
وبحثت بجدیة عما یمكن جمعه من المخطوطات حتى أصبحت بعض الكتب المنسوخة بالید من أهم المصادر التاریخیة الأساسیة لدراستي عن بربورة وعن حركة النساخین في النویدرات خاصة وأن اللجنة التي أخذت على نفسها كتابة تاریخ قریة النویدرات قد كلفتني بدراسة وتدوین بعض مظاهر الحیاة الثقافیة فیها كحركة النساخین وعملیات نسخ الكتب والمخطوطات التي تقرأ عادة في المآتم قبل بدء الخطابة الحسینیة المعتمدة في النشاط الثقافي والروحي للحسینیات بالقریتین وبقرى البحرین، فوجدت ضالتي في بعض هذه المخطوطات التي كانت تعكس حالة من تاریخنا الثقافي – الروحي للقریتین اللصیقتین ببعضهما بلا فواصل.
ومما أود التأكید علیه أني بقیت فیما بعد هذه النصیحة أتعقب بعض القائمین علىإدارة المآتم في النویدرات للحصول على كتب منسوخة بالید ومخطوطات كانت تستخدم منذ سنین تمتد لقرن وأبعد، وكانت النیة منعقدة على متابعة هذه المهمة الثقافیة حتى لو اضطررت لمتابعة هذا النشاط مع قائمین على إدارة المآتم بقرى مجاورة كالعكر والمعامیر وسند، فتحققت – بعد هذه المتابعة – ثلاثة أمور كنت أحتاجها كباحث في إنضاج دراستي وجني ثمارها العلمیة، وهذه الأمور الثلاثة هي كما یأتي:
- العثور على مزید من النساخین من النویدرات وبربورة وقرى بحرانیة محیطة بها، وقد توفقتُ في العثور على (عشر نساخین) تحملوا مشاق الكتابة بخط الید ونسخ الكتب للمآتم أكثر من ثلثیهم من أهالي قریتي النویدرات وبربورة، وأتینا على ذكر بعضهم في تضاعیف دراستنا ((بربورة وشهادة التاریخ)) في الملحق رقم(٧) الخاصة بشهادة النساخین.
- العثور في مخطوط كبیر ضم أكثر من خمسة كتب مخطوطة بالید على نسخة كاملة لمخطوطة الشیخ علي بن الشیخ عبد اﷲ بن الشیخ حسین بن أحمد بن جعفر البربوري الأوالي في وفاة النبي یحي علیه السلام التي كنت أبحث عنها فترة من الزمن، وكانت بالنسبة لي مفاجأة سارة ومذهلة، ومما زاد من شعوري بالارتیاح والثقة بالذات أنها كانت بخط ناسخ من أبناء منطقة النویدرات هو الخطیب المعروف المرحوم الحاج حبیب بن یوسف بن أحمد بن الشیخ یوسف النویدري البحراني، وهي نسخة فرعیة ولیست أصلیة، وتعود إلى عام ١٣٣٨ من الهجریة النبویة الشریفة، أي أن عمرها الآن یقارب (٩٣) عاماً هجریاً، فحمدت اﷲ سبحانه كثیراً أن سه ل عليَّ اقتناء المخطوطة كاملة والعثور علیها بخط واضح یمكن قراءته بیسر، وقد خَُِتمَت المخطوطة في ظهر آخر صفحاتها بصیغة لفظیة مألوفة لدى النساخ والقراء آنذاك، وهي صیغة ” وقف شرعي ” للمخطوط مذیلة بتاریخ الثامن من شهر رجب الأصب سنة ١٣٣٨هـ، وقد أملى صیغة العقد وكتبها المرحوم محمد بن سلمان بن عبد اﷲ البحراني، وذیَّ له بختمه ومهره، والناسخ المذكور هو والد الشیخ منصور محمد سلمان الستري رحمه اﷲ، وسنعرض لذلك في كتابنا “بربورة وشهادة التاریخ“ في الملحق رقم (٣).
- والمخطوط الكبیر الذي عثرنا في صفحاته علي مخطوطة الشیخ علي بن الشیخ عبد اﷲ البربوري ضم بالإضافة عدداً من كتب الوفیات التي نسخت مع بعضها وجمعت في مخطوط واحد بخط ناسخ واحد هو الحاج حبیب بن یوسف بن الحاج أحمد بن الشیخ یوسف النویدري، وكان هذا المجلد المخطوط محفوظاً في مأتم المرحوم علي بن أحمد بن إسماعیل لدى حفیده عبد النبي جاسم الذي لم یتردد في مساعدتنا بمطالعة مخطوطات المأتم والإفادة منها في تتبع نشاط النساخین بالقریة، وبعد الاطلاع والتدقیق في المخطوط المشار عثرنا فجأة دون قصد موجه على مخطوطة الشیخ علي بن عبد اﷲ البربوري الأوالي في وفاة النبي یحي بن زكریا وعدداً من الكتب التي ضمها ” المخطوط الكبیر” في مجلد واحد قد نسخها بخط یده المرحوم الحاج حبیب بن یوسف النویدري البحراني ، وهي على التوالي:
أ – مخطوط وفاة الإمام الحسن العسكري علیه السلام مرفقاً بصیغة عقد الوقف الشرعي للمخطوط مؤرخة سنة ١٣٣٨هـ.. أي عقد وقف الكتاب للمأتم، ومؤلفه صاحب السداد العلامة الشهید الشیخ حسین بن محمد آل عصفور البحراني. .
- مخطوط وفاة أولاد مسلم مرفقاً بصیغة الوقف الشرعي للمخطوط مؤرخة سنة ١٣٣٨هـ .
- مخطوطة وفاة السیدة مریم العذراء مرفقاً بعقد الوقف الشرعي للمخطوط مؤرخة سنة ١٣٣٨هـ .
- مخطوط ” وفاة الإمام السجاد أو زین العابدین ” علیه السلام للشیخ حسین آل عصفور مرفقًاً بصیغة عقد الوقف الشرعي مؤرخة سنة ١٣٣٨هـ .
هـ – مخطوط وفاة النبي یحي بن زكریا للشیخ علي بن عبد اﷲ بن حسین بن أحمد بن جعفر البربوري الأوالي.