مقالات تربوية (٢): غصن العطاء بقلم الأستاذ عبد الإله قمبر

الأستاذ عبد الإله قمبر
الأستاذ عبد الإله قمبر

العطاء  وجهٌ للعدالة الإنسانية،  ومعادلة يتحقق معها التوازن في المجتمع، فهو إكرامٌ للنفس، وجودٌ أصيلٌ  وشيمةٌ خُلقية، لأنه إحساسٌ يتجاوز الذات ويتعدّاها للآخر، لتتحول إلى روح منسجمة بين الذات والآخر،  فلو عرفنا أن العطاء يساوي الأخذَ في المحصّلة والثمن، لأمكننا أن نغرسَ في أنفسنا ثقافة العطاء والبذل والتضحية. وإن حق لي القول فإن العطاء هو أن تعيش الأمان والاطمئنان.

وأسمى مشاهد العطاء،  هو أن تقدّم عطاء تطوعياً لا تبتغي به جاهاً ولا  شهرة ولا سمعة ولا شيئاً من أمر الدنيا، أو أنْ تقدّم غيركَ على نفسكَ، فيما يسلتذ به هواك ويعزه، كله في سبيل معشوق النبيين والأوصياء والأولياء الصّالحين.

والعطاءُ ثقافة حياتية واقعية ومحمودة يتداولها الجميع وفق نظام متناسق، فلو أنك لم تعطِ الخباز عشرين فلساً لما أمكنكَ أن تأخذ قرص (الخبز)، كما أنك لو لم تدفع الباب بيدكَ – ذلك أن اليدَ موضع الدفع  الطبيعية  – وفق “قانون التدافع” لما أمكنكَ أن تدخل لأي مكانٍ ترغبهُ، وهكذا في مجملِ شؤون يومياتكَ.

ثم لنتخيل معاً، كيف أن ابتسامة صادقة نعطيها، يمكننا أن نسرق بها قلبا مغلق المنافذ، أو لنتخيل كيف أن كلمة طيبة ننطقها، تنشلُ إنساناً من الهلاكِ والانكسار والضياع؟!

ومن العطاء النوعي كواجبٍ على شخصيتك أيضاً، أن توفر لبدنك راحة إذا تعبت، ولنفسك رَوحاً إذا مللت، وأن تقرأ الكتب، وتمارس الرياضة، وتستمع  لمصادر العلم والمعرفة والثقافة، حتى تعطي نفسكَ نجاحات أكبر.

هذه ثقافة العطاء، مهما عظمت فإنها تعني الأخذ، حتى الأبوين عندما يعطيان الحب والراحة والسهر والمشقة لأبنائهما، إنما يلبون نداء الفطرة الطبيعي من ضرورة الشعور بالبقاء والاستمرار والخلود.

وأقل درجات العطاء أن أعطي فيما أريد الأخذ منه، فكما تريد من غيركَ أن يعاملكَ بالحسنى، فعليكَ أن تقدّم الحسنى لهم، إذ إنكَ لن تسع الناس بمالك ولكن سعهم بخلقك.

 ورحمَ الله أجدادنا حين قالوا: “زرعوا فأكلنا ونزرعُ فيأكلون” مؤسسين بذلك لمفهوم العطاء بصورة جميلة جداً.

شارك برأيك: