إن مما لاشك فيه، أن مراجعة أهداف العمل، وثماره ونتائجه، سواء كانت (الأهداف) معنوية أم مادية، فردية أم جماعية، هي من الأمور التي تعزز الاندفاعة نحوه بإرادة ومثابرة وإتقان، كذلك هي مما يؤدي بك لـ (الثبات) على العمل والتصلّب فيه، وعدم التزعز والانهيار تحت أي ظرف من الظروف، إذ إن غفلة الإنسان وسهوه ونسيانه، وميل الهوى فيه والنزعات الطائشة، ومشاغلُ الحياة وهمومها، تحول ضباباً بين الإنسان وفطرته السليمة النقية، وأن مراجعة (الأهداف والنتائج) بما تمثله من (دافعية)، هي عملية تطهير وإزالة لجميع الترسبات الملوثة للنفس، كما أنه إطلالة متكررة على نافذة (القيم العليا) التي هي أشبه ما تكون بمنطاد نجاة لكل فرد منّا.
فالصلاة – مثلاً – بما يكتنفها من صور الالتزام التعبدي لما أوجبه الله عز وجل، هي مليئة (بالأهداف والنتائج) التي ينبغي علينا مراجعتها وتذكارها كلَّ حين، لنصل بأن تترسخ وتتعمق بما يشجعنا لتأديتها بصورة متميزة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أرقى فلسفات الصلاة، كما أنها تغسل الذنوب وتطهر النفس من الآثام، وتدعو للنظافة بالابتعاد عن الحدث الأصغر والأكبر ونجاسة الدم، وتكونُ حجاباً عن المعاصي المستقبلية، وذلك لما تعززه داخل النفس في معسكر الإيمان، وتهذب الفضائل الأخلاقية، وتتكامل بالإنسان عندما يخرج من الجدران المادية، وتعلمنا الانضباط في الأوقات والمطلوبات، واحترام أموال الآخرين وممتلكاتهم المنعكس في مراعاة ماء الطهارة، والملبس، والمكان..الخ. وقِس على ذلك جميع الأعمال كطلب العلم، والوظائف الرسمية والتطوعية، كلها مهام موكلة بنا، ونحتاج فيها لمراجعة دورية (لأهدافها ونتائجها)، لكي نؤديها كما أريد منا تأديتها، سليمة معافية من كل شائبة ونائبة، ترتقي بنا ما قبل الموت وما بعده.
إن هذه الحاجة للمراجعة ليست مختصة بزمنية معينة، أو ظرفية خاصة، أو مكانية ما، تنتهي بانتهاء أحدهم، إنما هي عملية مستمرة ما دامت طبيعة النفس البشرية تميل إلى المخادعة والمغالطة، حتى نصل إلى مرحلة تستقر فيها الأهداف داخلنا بكامل نضارتها وصورتها وتجلياتها، وعلينا للبدء في صعود أولى عتبات هذه المراجعة أن نجيب على السؤال التالي: لماذا أعمل هذا العمل؟ وستأتيك الإجابة – حسب حجم السؤال الذي يتحدد بحجم العملِ – فطرية، أو من خلال واقعك الذي تعيش فيه، أو عن طريق التعلم والمعرفة من أهل الاختصاص والخبرة.
وحين لانقوم بمراجعة أهداف ما نشتغل فيه وثماره، سنجد أنفسنا تبرد وتكسل، ويأفل لبّ أعمالنا، تظل القشور هي ما يطفو على أسطحنا، وهي التي تقود زمامنا، وسنجد أيضاً أن النتائج تأتي معكوسةً، ربما أضرت بنا وبمجتمعاتنا، هذا إذا ما ترِكنا أعمالنا وسخفناها!!