وأَقْمِرْ للشاعر سلمان عبد الحسين

الأستاذ سلمان عبد الحسين
الأستاذ سلمان عبد الحسين

أنَا قَطرةُ الماءِ التي تَتَحسَّرُ
وأنتَ بِكفِّ المنعِ عنِّي تُدثَّرُ

أكنتَ بوحيٍ مِنْ حرائِك هاتِفاً
تنحّى فراتاً سوف يأتيكَ كوثَرُ

أُساقيكَ عُطشانا .. وأيقنتُ أنَّني
بكفِّكَ للريِّ المظفَّر أعبرُ

أكفُّكَ أم كفُّ الفراتِ تمنَّعَتْ؟!
وأيُّهُما تروي لأخرى ستخدرُ؟!

تنبّأتَ أن النهر يسقط جرفه
وأنَّ له غوراً به الماء يطمَرُ

فقلت لي الكفان نهران قُطِّعا
وما أنا من تقطيع كفيَّ أبَتَرُ

أنا ناصر الزهراء في عضد ابنها
وما هي بتراء ورفديَ أنهرُ

تقول: تساقى من رصيدي كوثرا
ولا تبق أطفالا عطاشى تُحيَّرُ

فنحن إذا حرنا على الماء قد جرى
لنا حائر من مائنا لا يُخيَّرُ

فإماّ لنا يجري .. وإما لغيرنا
فجوهرنا العطشانُ نهرٌ مدبَّرُ

وجوهرنا العطشانُ ينحل جسمنا
من الظمأ القاسي الذي يتفجَّرُ

سنبقى مع العباس .. كل فراتكم
تعطّلَ وهو الغور إذ يتجذَّرُ

إذا شحَّ ماء النهر منسوب حيدر
بعباس سقّاءً فلا يتغيَّرُ

**

أمولاي يا عباس إذ تستحثني
إلى مصرع .. في موت مثلك أكفرُ

هنا سيرة الأقمار أنزلن للثرى
تقول: مع العباس طاب التجمهرُ

وما الشمس في ظهرية العشر أسقطت
على جسمك الموسوم لا تتمظهرُ

أيا قمرا في ليل أو ظهر عاشر
لأنس حسين كل حين ستقمرُ

فأنت تنحِّي الشمس نزَّاعة الشوى
فمنها جسومٌ عفّرتْ سوف تصهرُ

وتقمرُ للصرعى الذين توسدوا
جمالك في وسط الثرى منك أزهروا

فعمَّا قليل سوف يأتي حسينها
حنى الشمس ظهرا إذ عليك تُكوَّر

فأقمر لأنس السبط ما الظهر حجة
لك الشمس من حرّاقة سوف تخدرُ

أبوك يردُّ الشمس بعد مغيبها
وإن شئت تغييبا لها .. تتنكَّرُ

ومثلُ حسين إن رآك على الثرى
موزع أشلاء لشمس تبعثرُ

سيدعو بكسر الظهر .. أحنى تفجُّعا
لجسمك مفروزا فمن يتصبّرُ

فأقمِرْ عن العين التي فيك أطفأت
لنورك يا مولاي ما السهم يُهدِرُ

وأقمِرْ عن الرأس الفضيخ فبدركم
بحجر حسين كاملا يتدوَّرُ

وأقمرْ على كفيّك حين تقطّعا
بدونهما ما الماء والضوء ينشرُ

وأقمرْ .. فقد جاء الحسين مجالسا
وإن لوداع .. منكما طاب معشرُ

تمنَّعْ .. وقلْ للبدرِ ضوءُ شظيّة
إذا حُمِلتْ أطرافها تتقعَّرُ

وها أنا قد قعَّرْتُ جسمي في الثرى
بجسمي معفورا أخي سوف تُعفَرُ

فدعنا للحظات الوداع تقابلا
ودوني ملقى حرب مثلكَ تنفرُ

ستبقى وحيد الضوء يا ابن أبي فقل
بعيدي إقمارا .. هنا الظهر يكسرُ

وودع .. كلينا من مواريث حيدر
وفي حربنا أعداه ها نتطهَّرُ

أرى حيدرا يأتي لتوديع حيدر
وظلٌّ إلى الاثنين في الطف حيدرُ

شارك برأيك: