حَيْرَةُ العَسَلِ للشاعر سلمان عبد الحسين

الأستاذ سلمان عبد الحسين
الأستاذ سلمان عبد الحسين

أحلى من الشهد ما أقساه من وصفِ
هل قلتَ للموت مشتاقا .. أيا لهفي؟!

هذا الفتى عسلٌ شاء الردى عسلاً
وللحسينِ ابتداءً حِيرةُ الرَّشفِ

يا خيرة الله .. يختار الحسين له
شهد المَقَاتلِ في الأحباب مِنْ كَلفِ

أو شهد إبقائهم والحرب قائمة
ورغبةُ الحفظ للميدان لا تُوفِي

نادى بقاسم: كيفَ الموتُ: قال له
أحلى من الشهدِ وصفٌ جاء مِنْ عزفِ

فَزادَ حِيْرَةَ مولانا وَغِبْطَتَهُ
فَمَنْ لِطِفْلٍ كَهَذَا فَارِساً يَنْفِيْ

هل وصفُكَ الموتَ شهداً بعدما سَكَبَ
الأَصْحَابُ مِنْ شَهْدِهِمْ أَلْوَانُ لا تَكْفِي؟!

أَمْ قلتَ هذا حماساً؟! أم خيال رؤى؟!
أم جئت من جنَّةِ الفردوس بالكشفِ؟!

أم حيرةُ السبطِ في الإصحاب إذ جدلوا
ساواكَ عذبُ دمٍ كالشهدِ في النَّزْفِ؟!

يا أنتَ من عَسَلٍ .. للسبطِ حيرتُهُ
في الصُّحْبِ .. فِيْكُمْ غَدَتْ تَرْقَىْ إلى الضِّعْفِ

فَإِنْ تقلْ عسلاً للموتِ .. إنَّ بهِ
أحقاد قوم .. فصفِّي حقدهم صفِّي

فالحقد في الموت تبضيع الجمال على
حدِّ السيوف وفيه الشهدُ لا يُشفي

فَمَا بُرُوزُكَ يا ابنَ المُجْتَبَى عَجِلاً
وَأَنْتَ فِيْ نَظْرَةِ المُحْتَارِ لِلْوَقْفِ؟!

وقفا على طالب نصرا بحيرته
وحفظ أبنائه الباقين من عسفِ

فيا بقية هذا البيت من حسن
إرث البقية يخشى غيلة الخطفِ

خزّنْ رحيقك في عينيه جامدة
عليك .. سُحَّ بها .. واحذرْ لها تُطفي

فإذ يراك حسينٌ .. لا يراك سوى
أخاه في ابن أخ .. من حربهم معفي

بين الطفوفِ التي صرعى أَهلَّتُها
وبين لقياكَ تُمْحَى صورةُ الطَّفِّ

**

يا قاسم عسلُ التأليبِ فيك على
أن تقحم الموت أعلى وهدةِ الجُرفِ

وأنتَ طفلٌ .. ومنك الكفُّ طائلة
للشهد .. ما كان أغنى مطلبُ الكفِّ

أَلِحَّ مِنْ بعد ردِّ السبط مطلبكم
للشهدِ إصراركم من أجملِ الشفِّ

أَلِحَّ .. كَيْ تَفْتَحَ الزَّهْرَاتُ مَحْضَنَها
إليك .. يَا أَنْتَ لمَّا رَوْنَقاً تُضْفي

في عاشر الزهر مفتوح الوصال على
لِقَاحِ سَيْفٍ وَمَعْدُودٌ إلى القََطْفِ

ولا يُفَتَّحُ إلاَّ قلب زهرته
يغدو كواعية للأنفس الغُلفِ

ولاعق الموت شهدا من تمنَّعه
ذاك الحسين كليف الأهل من عفِّ

ما عفَّ في منع فتيان مؤلَّبة
إلا وترَّب منهم راحة الكفِّ

فالحرب حاطبة شجعان فتيته
والموت يطلب والأسماءُ كالإلفِ

يا قاسم أنْ تقدَّم إذ تلحُّ فما
هذا التمنُّع إلاَّ الجِسرُ بالرصفِ

رصفت دربك منعا أنت تدهمه
رأيت مقدامك المنسلِّ من خَلفي

فقلت يا خَلَفاً في الطاهرين فذي
شجعانكم .. وعليها مونق حتفي

إنِّني أعدِّدهم .. رقَّمْتُ ناصرهم
ولا أناقصُ فيهم ساعة الزحفِ

رحيقهم كان مختوم الخلاصة
والباقي من الشمع مركون على الرفِّ

كأنَّ قاسمَ بالتبضيعِ يُهرِقُ من
جسمٍ .. خلية نحل موتها يُسْفيْ

كأنَّني واقع حُزناً عليه .. تُرى
وقعتُ في الشهد أَمْ أُوقِعْتُ في الخسفِ؟!

شارك برأيك: