إعداد الأستاذ يوسف مدن
البربوري في منتظم الدرين:
ذكره الشیخ محمد علي التاجر الشیخ علي بن عبد اﷲ البربوري في سفره الكبیر “منتظم الدُّ رَّ ین في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطیف والبحرین” مرتین، مرة بلقبه الصحیح “البربوري” مع الاكتفاء باسمه الأول واسم أبیه ثم إضافة اللقب ((البربوري))، وفي المرة الثانیة أشار إلیه بشيء من التفصیل ولكن بتصحیف في لقبه المذكور الذي حدد هویته في المرة السابقة، فكتب اسمیه الأول والثاني بإضافة كلمة “البوري” لقباً له بدلاً عن “البربوري” وهو لقبه الأصلي والصحیح،، حیث حُُذف من اللقب الأصلین حرفان هما الباء والراء، ولم ینتبه الشیخ التاجر إلى هذا التصحیف رغم تشابه الاسمین الأول والثاني في شخصیته، بل تكرار ذكر عالمین في صفحتین متقابلتین باسم واحد تقریباً مع إضافة اسم جعفر في هویة العالم الثاني، إذ ذكر الأول باسم “علي بن عبد اﷲ البوري البحراني” وذكر اسم العالم الثاني “الشیخ علي بن عبد اﷲ بن جعفر البوري” مع اختلاف بینهما في زمن وجودهما، فالأول عاش في القرن الثالث عشر الهجري، أما الثاني.. وهذا صاحبنا الذي نقصده في هذا البحث.. فعاش مخضرماً في قرنین هما الثاني عشر والثالث عشر الهجریین، ثم عاد في موقع آخر من صفحات كتابه فذكره هكذا ((علي بن عبد اﷲ البربوري)).. أي بذكر لقبه البربوري مع ذكر اسمه الأول (علي) واسم أبیه (عبد اﷲ)، حیث قدمه الشیخ التاجر لنا كناسخ لكتاب ((وفاة فاطمة الزهراء)) لمصنفه الشیخ علي بن یوسف بن علي بن حسین العسكري الشهدائي، وقد رآه التاجر بنفسه، وهذا هو الأثر الثقافي الذي ترك فیه البربوري ذكره.
ومجمل القول أن التاجر رحمه اﷲ، وهو مؤرخ معاصر، قد ذكره بإشارتين:
الإشارة الأولى للشيخ البربورري:
ذكره التاجر كناسخ لكتاب عالم بحراني، وذكره بلقبه الصحیح ” البربوري ” نسبة لبلدته التاریخیة بربورة المجاورة لقریتي النویدرات وسند التي أراد الاقصائیون شطبها اسمها وتغییر هویتها وهي في قلوب سكانها وسكان القرة المجاورة لها، حیث ذكر التاجر في إشارته للشیخ البربوري كناسخ لكتاب “وفاة فاطمة الزهراء” لمؤلفه الشیخ علي بن یوسف بن أحمد بن علي بن حسن العسكري الشهدائي البحراني أنَّ للأخیر: “عدة مصنفات، رأیت – كما یقول التاجر – منها كتاباً في وفاة فاطمة الزهراء علیها السلام بخط علي بن عبد اﷲ البربوري“.
لقد اكتفى الشیخ التاجر بلقب الشیخ البربوري وأثبت اسمه الأول (علي) واسم أبیه (عبد اﷲ) ولم یذكر اسم جدیه الأول والثاني على التوالي (حسین وجعفر).
الإشارة الثانية للشيخ البربوري:
وقبل الإشارة الأولى كان الشیخ التاجر قد ذكر ترجمة للشیخ البربوري تحت لقب “البوري” ولم یذكر لقبه “البربوري”، بل كانت إشارته باسم “الشیخ علي بن عبد اﷲ بن جعفر البوري”، ثم أخذ في ترجمته بقوله: “العالم العامل الفاضل، الأدیب الكامل المحدث، البارع التقي الأوَّ اه الشیخ علي بن الشیخ عبد اﷲ بن جعفر البوري” بحذف اسمه جده الشیخ حسین علیهم الرحمة وإضافة لقب “البوري” الذي لا یخلو من تصحیف للقبه الحقیقي “البربوري”.
وتابع الشیخ التاجر وصف البربوري بلقب “البوري” وهو بلا شك تصحیف للقب أن الشیخ البربوري: “أخذ العلوم الدینیة والأدبیة عن فضلاء عصره ومصره وبرع فیها، ولكن لم أتحقق زمانه، ولم أقف على تفصیل أحواله، والظاهر أنه من أهل القرن الثاني عشر، وكان عالماً فاضلاً محدثاً أدیباً شاعراً تقیاً صالحًاً، رأیت من تصانیفه مقتل النبي یحي بن زكریا علیه السلام، وفیه ما یدل على طول باعه في الحدیث، وردَّ فیه على الشیخ ناصر بن محمد الأوالي البحراني،المتقدم ذكره في الأصل، حیث ذكر في مقتله أنه نشر بالمنشار وخالفه المترجّم له من أنَّه إنَّ ما قتل بالسیف.
وعاد الشیخ التاجر – كما یبدو – في ترجمة الشیخ البربوري إلى مخطوطته عن وفاة النبي یحي، فیقول: “قال في دیباجته ((یقصد الشیخ البربوري)) وبعد: فیقول ذو البضاعة المزجاة التي لا تذكر والذنوب التي لا تعد ولا تحصر، المتعلق باسبب السبحاني والمتعطش للفیض الأقدس النوراني: علي بن عبد اﷲ بن جعفر البوري البحراني: إني لما وقفت على خبر الصفي ابن الأصفیاء، والنبي بن الأنبیاء، التقي الزاهد والعبد الصالح یحي بن زكریا علیه السلام من سجم أدمع الغمام التي أَّ لفها الثقة المتوالي والمنتجب المتوالي ناصر بن محمد الأوالي البحراني أسكنه اﷲ رحیب جنته، وصبَّ على تراب تضمَّ ن جسده عز رحمته، وهي النسخة التي تداولها أبناء الزمان وموجودة عند أهل الإیمان فوجدتها قد فقد منها الحدیث الصحیح في موت النبي الرجیح، بل ذكر أنَّ سبب انتقاله إلى الدار الباقیة أن شق بالمنشار، إلى أن قال ورأیت الأخبار من ذلك خالیة، وطرقنا عنها نائیة، وأنه قتل علانیة إلى آخره…”.
ثم عرض الشیخ التاجر للشیخ علي البربوري مقاطع شعریة منسوبة للمؤلف.. أي الشیخ البربوري لا ” البوري ” في رثاء سیدة نساء العالمین ((فاطمة الزهراء))، ومجموعة أبیات أخرى في رثاء النبي یحي بن زكریا علیه السلام بمجموعة أبیات نقلها الشیخ محمد علي التاجر في المنتظم.
ویستفاد من الإشارتین ما یأتي:
- أنه وقع تصحیف في لقب البربوري بلقب ” البوري “.
- أن الشیخ علي بن عبد اﷲ بن حسین بن أحمد بن جعفر البربوري یقوم بأكثر من عملیة ثقافیة لخدمة دینه ومجتمعه، فهو مؤلف ومصنف كتاب (مقتل النبي یحي) وهو ناسخ كما في نسخه بخط یده كتاب (وفاة فاطمة الزهراء) الشیخ علي بن یوسف بن أحمد بن علي بن حسن العسكري الشهدائي البحراني، وفي كتابه المصنف (وفاة النبي یحي) رد على عالم دین آخر هو الشیخ ناصر بن محمد الأوالي البحراني في اختلافهما حول أداة القتل.. هل هو بالمنشار أو بالسیف ؟.
- أننا نملك نسخة مخطوطة عمرها (٩٣) عاماً بخط ناسخ نویدري هو الخطیب الحسیني الحاج حبیب بن یوسف بن الحاج أحمد بن الشیخ یوسف بن الشیخ محمد بن شیخ عبد اﷲ تؤكد التصحیف وأن الاسم الحقیقي ” البربوري ” لا البوري كما في كلام الشیخ التاجر، وهذا ما أكدته نسختان مخطوطتان نملك الصفحة الأولى من إحداهما وفیها لقب ” الربوري ” ولیس البوري، أما الثانیة فسمعت بوجودها عند علماء الدین ولم أرها أو أشاهدها بعیني ببالغ الأسف.
- وصف التاجر الشیخ علي البربوري بأنه جمع علوم الشریعة وحذقه في بعض العلوم الإسلامیة وبخاصة علوم الحدیث، والتاریخ، والشعر والأدب، بالإضافة إلى تقواه وصلاحه واستقامته وإیمانه الدیني.