اجتمعت النقود في المساء من أجل احتفالات التقاعد. فهذه الليلة ستنظم قطعة مئة فلس لأمها وجدتها وجدة جدتها وجدة جدة جدتها لحياة أخرى، حياة الراحة والدعة، حياة اللامسؤلية.
ابتدأت الواحد فلس بالمرور بين الحضور تتفرس الوجوه ومرحبة بهم، لقد تقوس ظهرها وصاحبتها عصا تساند مشيتها بعد أن أكلت السنون الطويلة من لحمها وعظمها، معذرة من معدنها.
كان الجميع في غاية السعادة تعلو ضحكاتهم المكان، حتى بدأت العشرة فلس بالحديث إيذانا ببدأ مراسيم تقاعد مئة الفلس قائلة:
عندما بدأت الأسعار بالارتفاع احيلت امي الواحد فلس للتقاعد ومع مرور السنين جاءني الدور ومن ثم ابنتي الغالية الخمسين فلسا، واصدقكم القول لم أتوقع أن أرى هذا اليوم، يوم تقاعد حفيدتي المئة فلس، لقد أصبحت الأسعار خيالية لدرجة أن ذهبنا الواحد تلو الآخر للتقاعد.
انتهت خطبة العشرة فلس وسط تصفيق حار ممزوج بقطرات دموع غالبت الكثير من الحضور.
بعد فترة طويلة من البكاء بدأت المئة فلس بالحديث قائلة بأنها غير قادرة على التحمل بعد اليوم معللة بأن الزمن تجاوزها فأصبحت على الهامش، فقد كانت تتفاخر بقدرتها على إسعاد الأطفال بشراء أكثر من غرض والآن فهي غير قادرة على شراء اليسير بل اليسير جدا. واختتمت قولها بأن الخير والبركة في ابنتها الخمس مئة فلس وباقي العملات.
طأطأت العملات برؤسهن، ومن ثم بدأن بتحيتها، ومبايعة ابنتها الخمس مئة فلس.
وفي تلك اللحظات وصلت رسالة بالبريد تطلب من الخمس مئة الاستعداد للتقاعد.