طرقاتٌ جميعها آذان
لغريب .. لا تُسنِدُ الجدرانُ
قبل هذا .. كان الغريبُ أميرا
فوحيداً .. تمجُّهُ كوفانُ
مسلمٌ يا أمير قوم سكارى
سكروا .. ما بِسُكْرِهِمْ رجحانُ
كيف مالوا إليك .. فلتترقبْ
حين ميلٍ عليك .. أين الرهانُ؟!
يا سفيرَ الحُسينِ .. ما لحسينٍ
حين خفَّتْ عقولُهُمْ ميزانُ
إنَّما وازنوا به الذهبَ الأصفرَ
ترجيحهم هو اللمعانُ
لو تثقَّلتَ بالنبيِّ وبالكرارِ
بالطهرِ فاطمٍ .. لا أمانُ
أنت في كوفة .. بما أنت أسلفتَ
لأسمائهم .. يغيبُ البيانُ
ويجيءُ الجهل المركَّبُ شدِقاً
بين فكَّيهِ يُولدُ الخوَّانُ
رسلُ القوم للحسينِ ألا اقدمْ
طَفَحُ الحبِّ وسطَها الشنآنُ
مثلما تطفحُ الدماملُ بالقيحِ
وتسييلُ قيحِها إدمانُ
عَدُّ أجنادهم كألوية النصرِ
بساحِ الوغى هو الخسرانُ
كامنٌ صفرهم لآلاف جندٍ
أصلُ تبخيرِهِمْ لصفرٍ دُخانُ
دخَّنوا شائعاتِهِم لانفضاضٍ
عنك يا مسلمٌ فغاضتْ سنانُ
وتجلَّى بأنَّ للشام جيش
الرعب .. والوهمُ سلُّهُ والطعانُ
وبأنَّ السيوفَ عند العراقيين
في ضدِّها الشجاعُ جبانُ
ليس مثل العراق يحوي من الشجعانِ
ما فيه عُنِّقَ الميدانُ
وبذات العنقاء .. طارت خرافاتٍ
وإذ بالخرافة الشُّجعانُ
مسلم يا سفير حسن النوايا
النوايا يلوي بها الثعبانُ
والنوايا مجروحة السوء ختلاً
قبلَ جرحٍ تنالُهُ الأبدانُ
من نواياهم امتشقتَ أميراً
من سيوفٍ شكوكُها الإعلانُ
من نواياهم انتبذت وحيداً
كوفة اليمُّ .. طُرْقُها طوفانُ
جثثٌ يا أمامُ صلَّيتَ فيها
فطفتْ .. إنَّ بحرها النسيانُ
هولاء الموتى بدون حراكٍ
هربوا منك .. موتهم عصيانُ
صرتَ يا مسلماً إماماً لرجليكَ
وحيداً .. وإذ خطاكَ أذانُ
أنت من وحدةِ الحسينِ انشطارٌ
حين غاب الأصحابُ والخلاَّنُ
لم يطعْكَ المبايعون انتحالاً
بانتحالٍ .. لا تُقطَعُ الأَيْمانُ
قد أطاعتكَ طوعةٌ .. فاستضافتْ
وتكربلتَ .. لم يطعكَ الزمانُ
سوفَ تلقى من فوق قصرٍ أيا شاهق
والكوفةُ الصَّغَارُ تُدانُ
وتزمُّ العطيشِ ثغراً من الكوثر
فالثغرُ كوثرٌ ريَّانُ
هو يسقي الأشباهَ في القتلِ ظمئى
غربةٌ أنّْ يفرَّدَ العطشانُ
نشوةٌ أن يكون جمع العطاشى
كلُّهم في الظما لقتلٍ دِنانُ