وكيل الدمع للشاعر سلمان عبد الحسين

الأستاذ سلمان عبد الحسين
الأستاذ سلمان عبد الحسين

ولقد بكيت على الحسين طويلا
متنزِّلاً وحي الدموع هَطولا

..

فمحمد مذ كان غار حرائِهِ
أوحى له .. والوحيُ كانَ ثقيلا

..

جعل السنين الماسكاتِ لوحيِهِ
متخفِّفاتٍ ثقله المحمولا

..

إلاَّكَ في رزء الحسين
سنينكم تمضي
وتكشفُ حزنكم تفصيلا

..

ما خفَّ ماءٌ في يديك بحمله
فالماء عن جبلٍ هوى وأزيلا

..

الماء في كفَّيك أثقل سيدي
من وحي أحمد هابطاً ومقيلا

..

إذ لم يُقِلْ عطشانَ وقعة كربلا
لما قضى ظامٍ بها وجديلا

..

الماء دمع عيونكم
يجري وماء النهر من منعٍ
غدا منحولا

..

ارجف لمنظر مائهم في سقيه
واحمرَّ في شفق الوجوه عليلا

..

هذا الدعيُّ السقي عطشَّ وحيكم
والتربُ لم يمنحْ له التزميلا

..

ارجفْ فديتك ..
إنْ ترى كبشا يُروَّى الماء
قبل ذباحه تحليلا

..

فالوحيُ في فاه الحسين
محرَّمٌ إرواؤُهُ
ومعطَّشٌ تنكيلا

..

الوحيُ كان محرَّماً في كربلا
كيلا يهاطل قفرها المعزولا

..

فلذاك حوصر بالظما
ولذاك لم تحصر دموعك
قد همت ترتيلا

..

رتَّلتَ ..
أنَّ أبي قضى عطشان
أنَّ الدمع أبدل مائهم تبديلا

..

قُلتَ المحرَّمُ عن حسينٍ ذاته
فمحرَّمٌ عندي .. وكان صليلا

..

حتى يؤوب الناس نحو غديرهم
ويطلقون فراتهم تخذيلا

..

سأظل أهتف بالحقوق
لأن في حق الحسين
رأيتُ صبري عيلا

..

سأظل أبتكر الدعاء وسيلة
فقساة قومي صنَّعوا التضليلا

..

فنداءُ هل من ناصر في مسمعي
سلَّ السيوفَ على أبي تجهيلا

..

لابدَّ من دمع يعيد محمدا
وحياً .. فقد شطب الجناة رسولا

..

وعلى ثقيل الدمع أرجع والدي
في كل شلوٍ قطَّعوا موصولا

..

وصلاً بقول حسين مني بضعة
قد بضعوها .. رمِّلتْ ترميلاً

..

ومدى إلى وحي الرسول بقوله
“أنا من حسين” في مداه حلولا

..

وأنا علي ابن الحسين
أنا أنا
ابن الحسين
ولن أزيدكَ قولا

..

إنْ متُّ مِنْ همِّي عليه ..
فإنَّ لي عذري
بيومِ الطف متُّ أصيلا

..

لأعيش في بُردِ الطفوف إمامةً
عن دم والديَ الذبيح وكيلا

..

وأنا وكيل الدمع وحيا ثانياً
من قسوة الطفِّ استحال خضيلا

..

أندى وأعرق عن أبي بدمائه
لمَّا أثاقل ما وحى جبريلا

..

وأقول إيه حسين يا ابن محمد
الوحي أصبحَ دمَّكَ المطلولا

..

أنا جارع من أجله سمَّ العدا
والقتل عادتنا .. وكانَ جميلا

شارك برأيك: