في رثاء العلامة آية الله الشيخ عبد الحسين الستري تغمده الله بواسع رحمته وحشره مع محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وعبرتَ مصطفيا خلودكَ معبرا
وصعدتَ للأخرى ولم يرك الثرى
ودنى سموكَ للسماءِ مسبحا
وبلغت آلاءَ الجنانِ مكبّرا
لما تداعى قلبُ سترة ناعيا
فتوافدت لجلال هيبتكَ القرى
وأوال زلزلة بخسف سمائها
أضحى ضحاها بالحدادِ محاصرا
ومواكب الأيتام ينزع روحها
نبأ الرحيل فقد رأتك مسافرا
لا ضوء مثلك يستقر بجفنها
تلقاك من عرش القداسةِ حاضرا
فهنا ابيضاضك حيث نورك قد سعى
بنسائم الأذكار ظل معطرا
تكسوك بردة خير من بلغ العلا
فضلا وجددت العمامة حيدرَ
وتراك أفئدة الفضائل راحما
تحنو على وجعٍ وتجبرُ صابرا
تأوي لكفيك العيون قريرةً
ويلم عطفك من أتاكَ مبعثرا
ما إن يحدثكَ التعففُ قفره
حتى يطل سحابُ جودك ماطرا
ظلت خطاك بسنبلاتك واحةً
غناء تستسقي العطاءَ فأثمرَ
تزهو على شفتيك بسمة واثق
فلكم بها ألق السعادةِ بشّرَ
كم حدّث الترتيل عنك وكم روى
ورد التهجد والعلا كم أخبرَ
يتلو الصباحُ بهاء ضوئك سورةً
والليلُ من شمس الملامح أقمرَ
بلسانك الفصحى تجارى بيانها
والدين في عمق اليقين تجذرَ
تغفو وأذكار الطفوف منابر
ومداك من حب الحسين تشجرَ
شيّدت بالتقوى حياة كرامة
في دوحها زمن الكرام تحررَ
هذا خيالك في اتساع سمائنا
والبحر في موال نبضك أبحرَ
ورؤاك دفء الأرض همس نخيلها
سقيا شواطئها وما كنز الثرى
من مقلتيك يُرى السلام محلقا
أسراب حبٍ تستظلك محورا
تشتاق طلتك الديار وما غفت
دار يقلبها الحنين أما ترى
وهناك مسبحة يسيل أنينها
تسبيح فجر ليس يأخذها الكرى
وتلاوة الآيات يصدح توقها
فلقد أقامت حيث تتلو منبرا
أثر الصلاة على النبي وآله
لا زال ينفث من سجودك عنبرا
ذكراك عشق لا أفول لصبحه
وشروق حب في الضمائر عسّكرَ
وعبرتَ مصطفيا خلودكَ معبرا
وصعدتَ للأخرى ولم يرك الثرى