في سماء الكون ومضات هزيلة
وهواء الكون مسموم بنسمات عليلة
وعيون الناس كالناس لها ناب طويلة
تدَّعي العدل وفيها مات حقِّي
قد تعايشنا على الإخلاص في بدء الحياة
وعرفنا الكون دورين حياة وممات
ورعينا العشب والماء شربناه فرات
لم نرَ الإنسان والوحش ينادي مات حقِّي
حين ضاق الجو بالإنسان في شقِّ الطريق
قام بالسيف يُعرّي الأرض من وحش رفيق
واستذلّ الناس بالقوة سمّاً ورحيق
ورآه الناس رغم الشبع يبكي مات حقِّي
يا زمانا فاز فيه الجاهلون
وخيالًا ضاع فيه النائمون
وانطلاقًا قام فيه الأخرسون
لبسوا ثواب التراتيل وفيه مات حقِّي
لست أنعى فيه زماني الصابرين
فهموا قد علقوا سبح الحزين
وهُمو ليسوا رجالًا قادرين
هل تراهم ناشدوا العدل وقالوا مات حقِّي
قُلتُ للطالب بعد الدرس ما معنى الصباح؟
ولماذا لا أبوح السِرّ في رأي الصُراح
ولماذا يستوي القاضي عدّوًا للصلاح؟
هل لأنّ العدل لم يبق ليسمع مات حقِّي
فأجاب الطالب المسكين والدمع دفين
وثياب الفقر قد باضت بها كثر السنين
لا أرى الصبح ولا أرضى مع اللّيل قرين
ذاك أنّ اللّيل مستور وفي الإصباح ظلما مات حقِّي
لن أرى في الليل موضات الجمال البارع
وعلى الحانات لن ألقى بفقر ضائع
يرتجي المعروف بالله بقلب خاضع
ويد الإعطاء قد شُلَّت وتدعو مات حقِّي
أنا والعلم ضعيفان على رغم الأنوف
فهو يرجو النصر من أعلى بنايات الصفوف
وهو يستصرخني من بين قبضات الكفوف
ويراني مفلس الجيب وينعى مات حقِّي
ليس في ذا الكون إنسان على وجه الحقيقة
فالأناسيات ألفاظ وإن بانت رقيقه
والسقطريات إزهاق إلى روح الحقيقة
قم وقل يا عدل إن جاوبك حقّاً مات حقِّي
قُلتُ لمّا جئت استحلب ثديا من مريض
ولساني جفّ من كثرة نثر وقريض
هل صحيح أن في التنور ماء للمحيض
وقف المسكين كالمهبول يدعو مات حقِّي
ليتني أعرف درب الإحتيال
كي أميط اللَّثم عن أشباح هاتيك الخيال
وأُري الأصنام أنّ العدلَ حق لاضلال
ولسان الحال في جنبي ينادي مات حقِّي
كيف ناديت بهذا الصوت والسجن رهيب
ونسيتَ الآكِلَ الأحياء في البيت قريب
وقِوى الظلم على الأبواب بالنار رقيب
ضحكت أعصابه مِنّي وقالت مات حقِّي
أيّها الكادح من قِدمِ السنين
ياوحيداً عال فوق الأربعين
هل سألت القصر عن أتعاب بانيه المكين
لن يجبك القصر والإفلاس يدعوك بحق مات حقِّي
يا غريبا ملك الأرض وأعلى فيه قصرا
هل حفيف النخل يُزيك ويكشف منك سترا
أم هو الباقي من الارث ويلقى الموتَ صبرا
إنّ مافيه لسان قال مثلي مات حقِّي
يا غنّيًا عُشتَ أيام السعادة
ولعبت الحظّ بالمال وأسرفت الثماله
في ذرا البرِّ رأيناك شغوفا بالنذالة
فلماذا تقذف الكأس وتدعو مات حقِّي
هَوِّن النفس وسر في العيش مهلًا
واعتبر كلَّ حياة الشعب كالعنقود سهلا
فهمو ناموا على الأحلام جهلًا
لا تُراعِ ناعقًا إن قام يدعو مات حقِّي
أوقفوا التاريخ لا يكتب هراءً وافتعالا
وعن المسئول لا يكتب رياءً وارتجالا
فحُماة البيت باعوا الأهل ظلما واغتيالا
هل تراهم ناشدوا الحقّ وقالوا مات حقِّي
لمن الحقّ وفي الأصوات بهتان وزور
دجل يرتحل الدين لتوسيع القبور
وفِئات تحتمي بالحزب عن نيل الشرور
ولسان العنتريات يُنادي مات حقِّي
كنتُ في أمسي أقود الناس في وسط المحافل
أرفع الصوت وفي رفيّ انتقادات لسافل
أو لِدجّال أمات الدّين من كثر المهازل
وإذا بالناس نوعين تُنادي مات حقِّي
كان إحداها يراني رغم قول الحقّ جاهل
وعلى الدين تهكّمت وأدليت بباطل
واشاع الناس عني باسمه للكافر حامل
ما دروا أني أريد الحق لكن مات حقِّي
ورأى الآخر في قولي صُراح واقتدار
قد أزلت الشاشة السوداء عن وجه النهار
ورأى الناسَ بإسم الدّين قد بيعوا جِهار
فبكوا لّما رأوا ما قِيل حقًا مات حقِّي
من هنا فليسمع التاريخ مِني ما أقول
وليَثق أنّ به نورًا ستحياه العقول
كذب رام على الحق ويأباه المثول
وترَاه إن أطل الشرُّ ينعى مات حقِّي
هكذا تسري حياة الناس جمعا
بين فقر مُدقع لا يرتجي المسكين درعا
وغنيّ لا يرى إلا كؤوس الخمر شرعا
وبنبض القلب دقّات تُنادي مات حقِّي
إن أمت فالموت حتم ومصير
أو أعش فالعيش من جهد عسير
وحياتي ومماتي هي نور للفقير
وسأبقى إن أنا مِتُّ أنادي مات حقِّي