نوادر هلالية: زينب بطلة كربلاء للشاعر عباس هلال

الأستاذ عباس هلال
الأستاذ عباس هلال

صفة الشمس ان يضيئ سناها
ظلمة الليل ماحيًا ظلماها

ورفيف الحياة يبقى مريضا
إن تخلَّى عنه شعاع ضياها

وإن اظلَمَّ غائم في نهار
فبضوء السنا يُزال دجاها

ورحيق الخلود لو أسقمته
محن الدهر ما أثنى لقياها

ويدُ الحرِّ لا تلد غير حُرٍ
وثُدا الطهر طيِّب مرعاها

شرف البيت ساكنوه وماذا
بعد بيت النَّبي من آل طه

لو سألت العلا لمن خُلِق المجد
لما أخطأ العلا سعواها

ولأبدى استغرابه إن نزته
طغم من حثالة غوغاها

كيف لا والعلا يريد رجالاً
أولدتهم فحولة من علاها

ورثت مجدَها فروعُ اصولاً
من يد طهرت لأخرى تليها

كيف لا والعلا يريد سمواً
لم تعكِّر وجودَه أدعياها

كيف لا والعلا يغار اذا ما
ركبته من الورى أدناها

وأميٌّ أدنى وأرذل قوم
عاشت البغي والخنا قُرباها

* * * * *

قف بباب العلا وخاطب ذراها
انَّها النور للحيا في ضحاها

وتلطَّف بذلَّة وانكسار
وخضوع امام أسمى سماها

نادِ حوراء يا بنة الطهر إنِّي
خادم الآل جئتُ أروي ظماها

نفس حبٍّ نالت من الطهر ثديا
من هوى حيدر فطاب دواها

وأناخت ببابكم لمديحٍ
هو منها كالروح بين جواها

* * * * *

زينب رفعت جسم اخيها الحسين
مقطوع الرأس مرضوض الجسم وهي تقول:
“اللهم تقبل منا هذا القربان”

فاسمحي للحبِّ ان قام يتلو
آية الطهر والمديح تلاها

فَسُمُّو الخلال منكم وفيكم
أولدتها فحولة من علاها

ولسان المحبِّ قد عاهد الله
وعلى حبكم سيُبقى ولاها

قلَّب الكون جيئة وذهابا
بَطنَ ظهرٍ وظهرَ بطن وعاها

إن رأيت الخصال ينبعه مِسكا
دون بيت الهدى مكاناً تراها

عِفَّة في الخدور لم ترها الشمس
وطود لدى الخطوب ذراها

قلب أمٍّ الى الحنان مكان
كيف أمسى بالصبر يعلو هواها

وضعت تحته اليدين لتدعو
ربِّي هذا قرباننا لعلاها

ألف عين لها ترى كل صوب
فيه طفل أو طفلة تبراها

وعلى الشط عينك قد أصيبت
بسهام العدى فسالت دماها

لم تدع وترها بليل العوادي
رغم أن المصاب شاب رؤاها

تلك والله زينب ربّة المجد
وإشعاع شمسنا وضياها

عقمت أن تلد بها غير أمٍّ
طهرت نبتة وطاب عطاها

دوحة أصلها النبيّ ومنها
خرجت فاطم بعطر سناها

ولقاء البحرين سال ندى المسك
لؤلؤاً لألأت رُبا بطحاها

فعلى العقد من لآلئ بحر
حسن والحسين رمزا علاها

وتلتهم ربيبة الخدر حوراء
تغار الحياء من محياها

ابنة فاقت الامَّ هولاً
وانتضت للجهاد عزماً أباها

* * * * *

شُدَّ في اللَّوح نورها بأخيها
فغدت جمرة لمن عاداها

رضعتها أيدي العلا بلُبانٍ
من رحيق الخلود طهر لُباها

فنمت وردة لحيدر لكن
سامها الخسف في الطفوف عِداها

ورثت من عَليِّ عقلا وفكراً
ولساناً ومنطقاً أعطاها

فغدت تحمل الحسين مناراً
في وجوه الخطوب إذ تلقاها

وغدت تحمل الحسين شعاراً
لخروج الثوّار تمحي عداها

وغدت تحمل الحسين شهاباً
ثاقباً إن طغى الظلام وتاها

ربَّة الحجل غير أنَّ أباها
حيدر والصعاب تخشى أباها

ربَّة الحجل غير أنّ ثُداها
طاهر من رؤى الجنان حجاها

فهي في الطفِّ مجمع للرزايا
وهي بين العدى تقود سُراها

قدَّمت للحسين مهر المنايا
وهي تدري لمن تسير خطاها

فبكت بالزفير تُخفي شجاها
لمصاب هزَّ الدنا ودهاها

فرآها أبو الإبا في ذهول
فغدا باليدين يُشفي حشاها

أُخْتَ إنِّي على الهدى فاحسبيني
بعد ساع مضرَّجاً في ثراها

فاحفظي للعيال بعدي وكوني
لِعلي رداءً يرد عِداها

أنت منِّي اللسان فليغدو جمراً
في وجوه العدى يُزيل غِشاها

فانتضت لسق حيدر لِدَعِيٍّ
حاول النَيل من عَليِّ علاها

فرمته بكلِّ لاذع قول
دون خوف مما يلفُّ غِواها

* * * * *

يا بن ميسون إن أخذت علينا
كلَّ قطر من الثرى لسماها

خِبتَ ظنَّاً بما فعلت بقوم
كان جبريل يبتغي مرضاها

كِد فما كيد سحركم غير قاع
وعليها السراب لفَّ رداها

انَّ ديناً أُدخِلت بالغصب فيه
قائم دائم دوام حياها

والى ذكرنا ستغدو المطايا
راحلات تشقُّ متن سماها

وغدا ذلك اللّعين ضعيفا
يطلب الصفح من يد أدماها

مرَّة يدَّعي خوارج قوم
وبأخرى يسبُّ فعل وعيها

يتباكى على فعال أُمَيٍّ
ويُقيم العزاء وسط حجاها

حسب الليل أنَّ لون دجاه
يغلب الصبح فارتمى يبراها

ما درى صوت زينب كأبيها
يرعب الأسد في عرين حماها

قد دعاهم خوارجا فأبانوا
أنّهم للرسول قُربى عُراها

قلبت شامه عليه فأمسى
بعد صِح يا غراب يبكي معاها

ومشت نحو يثرب دون راع
غير زين العباد يحمي سُراها

ولوت نحو كربلاء لِتقضي
وطراً من خليصها وحماها

فارقته ملقى على الأرض دام
فأناخت برحلها ونعاها

وشكت مالقت من ابن زياد
وابن ميسون في لقا أسراها

حملت من ترابه ودماه
تحفة الزائرين دام ثراها

لِتُري الجدَّ ما رمته أُمَيٌّ
من حُقود بآله أدماها

شارك برأيك: