بالعقل فقط ميزنا الله تعالى عن سائر المخلوقات، وبه غالبا ما تقاس هويتك وشخصيتك عند باقي الناس،رغم أنه استدلال ناقص لا مصداقية له، ولا يعطي انعكاس حقيقي، عن كنه وحقيقية ألإنسان، ﻷنه من خلال الظاهر لهم من أفعال أو أقوال، حيث يستطيع أن يخدعهم ويظهر لهم خلاف ما يبطن في كثير من ألأحيان.
وتحيط بهذا اللب أو العقل الكثير من ألمؤثرات، وأن من أهم تلك المؤثرات القوية جدا (النفس)نفس ألإنسان، فالعقل يتغذى ويتسلح بالعلم والمعرفة ويحصن بما يستقيه من معلومات وأفكار، تلقاها بنفسه وعقله من ألآخرين منذ الطفولة، مع ألأسرة ومن زملاء له، ومع أقرانه وبالتجربة والخبرة والبرهان، وعبر وسائل ألإعلام .
وبالتفاعل والتمازج بين كل تلك المصادر والتلاقح بينها تتكون تلك الشخصية وتنشأ ألأفكار، وطبيعي أن تمر بكل إنسان منعطفات وتكون مفصلية وصعبة جدا بعد ألاختلافات الداخلية بين النفس والعقل، وكما نعلم أن النفس ((هي على ثلاثة أشكال ألنفس ألأمارة والنفس اللوامة ثم النفس المطمئنة)) إذا دخلت هذه النفس في حوار ثم نزاع مع العقل وتغلبت عليه، تمسح من العقل كل ما تعلمه وكل ما يملك بصورة كاملة، وتبسط سيطرتها على القرار، فتكون النتيجة أيضا على ثلاث حالات مختلفة منها السلبي ومنها المتردد وآخرها ألإيجابي .
والعقل أيضا يستعين بجهات وأطراف تساعده وتعينه على اتخاذ القرار ألأصح والأنسب، بالتروي والبحث الجاد، والتحري في ما يملك بداخله من معلومات أو من محيطه هنا وهناك للتأكد من صحة ما وصل إليه من قناعات ربما تتبعها قرارات وخطوات.
مهم جدا أن تنعكس تلك النتيجة بالإيجاب على ألإنسان، ويستطيع أيضا تدارك ألأمر فيما إن كان ألتأثر سلبيا عليه، ويكون التعافي ممكنا إن شاء الله، ومن أهم أسباب ألإخفاق وعدم التوازن في رأيي، هوا نوع ألأسئلة التي تطرحها النفس وشدة الصراع ويعجز العقل عن الحصول لها على إجابات مقنعة له ملموسة وذلك لنقص في عقله أو لشح المعلومات أو لكسل أو إهمال، أو أن تكون أسئلة ليست لها إجابات حاليا، تتعلق بالفضاء والكواكب وما تحت البحار وما في الآفاق أو ما يستحدث من أمور في هذا الكون الواسع العملاق، وبعض تلك الأسئلة ربما هناك استحالة في الحصول لها على إجابات، فلو أرادت النفس مثلا أن تسال عن الروح، ومكانها من الجسد، أو تفاصيل ماجاء عن اليوم ألآخر والحساب والعقاب، وكيف لا يموت ألإنسان في الجنة والنار ويبقى خالدا على مد ألأزمان، وقوله تعالى في الحديث القدسي الشريف (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
فيعجز العقل ويقف مكانه ساكنا بلا حراك، فتتولى النفس حينها إصدار القرارات منفردة، وبالتالي النتيجة ستكون فيها مجازفة، رغم أننا نعلم أن هناك يا سادتي أسئلة ليست لها إجابات، علينا أن نتجنبها قدر ألإمكان وقد ذكر نهي عن طرح بعض أﻷسئلة عندنا في كتاب الله عز وجل في آيات كثيرة، وهذه نعمة كبيرة من الله عز وجل بها علينا، أن هدانا للإسلام،فبها نستطيع التوقف والتأمل ألتام، ثم الرجوع للطريق ألأصح والأسلم قبل أن نفقد هذا العقل، ونبتلى بالجنون لاسمح الله.
ومنها قوله تعالى في سورة المائدة: ( ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم ث..) ألآية ((101)) .صدق الله العلي العظيم.
فمن الطبيعي جدا أن لا نجد إجابات لبعض الأسئلة، أو أنها وساوس من النفس وهي النفس ألأمارة أخطر أﻷنفس على أﻹنسان، والرضوخ التام لها فيه غلبة للشهوة على العقل، تكون له نتائج كاريثية علينا من كل النواحي، وخصوص تأثيرها على عقولنا وعلاقتنا بالله عز وجل، وتنعكس تلك النتيجة بطبيعة الحال على كل ما بداخلنا من قناعات واعتقادات، ستترك اثر سلبي لا تحمد عقباه
إن الله تعالى خلق الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركب فيه العقل والشهوة.
وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: فمن غلب: عقله شهوته، فهو خير من الملائكة. ومن غلبت: شهوته عقله، فهو شر من البهائم.نعم أيها ألإنسان إننا إذا أحببنا إنسان ورأينا البراءة في وجهه كاطفل مثلا نناديه بالملاك، خلقك الله عز وجل في أكمل صورة، وأعطاك القدرة والحرية على ألإختيار، وأوضح لك المسار، وأنت الحمد لله تعالى تعرف الملائكة، وتعرف البهائم أو الحيوان، وعليك أن تختار قبل فوات ألأوان.
نعم يليق بك أن تغير من نفسك وترتفع بها إلى درجة ألاطمئنان لتكون خير من ملاك