وداعًا علي للشاعر سلمان عبد الحسين

الأستاذ سلمان عبد الحسين
الأستاذ سلمان عبد الحسين

وداعاً عليُّ الله ودَّعَكَ الناسُ
وأنت لدى الرحمن في العرشِ إجلاسُ

ينادمُكَ الرحمن جنِبيهِ مستوٍ
على فرشِهِ القدسي قد زحِم الكاسُ

وأيتامُكَ الكانوا عليك تجمَّعوا
فهم إذ خلوا منكم مع الناس أحلاسُ

ينادون عرق الشوق ما غاب حيدرٌ
مُدلٌّ على أينَ استقرَّ .. ودسَّاسُ

ألا وهو عند الله عذبٌ حديثُهُ
وفي الأرض تسعى منه بالحبٍّ أنفاسُ

أغادرنا هذا المخضبُّ بالدما
وكلُّ خطىً يمضي بها تلكَ أجراسُ

عليٌّ إذا ما غاب عن عين والهٍ
فما غاب حقاًّ سوف تهجسهُ أحداسُ

وإنْ غابَ .. لاستشعارِ أصلِ وجودِهِ
ستهتزُّ أرواحٌ وتهتزُّ أفراسُ

وتبكي عيونُ الناسِ من غيبة له
فينحتُ هذا الدمع إذ هو أقداسُ

بمدمعنا الرؤيا الشفيفة حدَّثَتْ
لأينَ عليٍّ قد مضى فهو جسَّاسُ

وأينَ سنمضي بعد آن رحيلهِ
بخارطةِ المسعى إذ الدمعُ مقياسُ

وحين ينال الحقد من جودِ ندبِهِ
فهذا الشفيفُ البوح في الصدِّ متراسُ

عليٌّ يدير البوصلات بدربنا
وفي البوصلاتِ العمي يرشحُ إحساسُ

يقول: هنا باسم الوصيِّ تقدَّموا
هنا أخروا المسعى فَقَدْ فُقِدَ الباسُ

هنا حيثُ حشر البغي جمعاً تكتَّلوا
ودوسوا بساط البغي إن داركم جاسوا

هنا صحَّ أن تمضوا فرادى بخيفة
ففي مخلبٍ للدربِ تنبتُ أضراسُ

يقول الألى ساروا على درب حيدرٍ
على أيِّ وضعٍ ما بدربكَ إركاسُ

أطعناكَ حياًّ .. ثمَّ إذ غبتَ طوعنا
تضاعفَ ..
ما في أمر طوعك وسواسُ

فإنَّكَ قرآن بساعةِ فتحِهِ
وإنْ ضُمَّ بين الدفتين فنبراسُ

وأنتَ إمام الكشفِ عن حالنا غداً
وعن حالنا حيثُ المناماتِ إفقاسُ

لشخصكَ من نرتاح حصر تأمل
إذا كنتَ ربَّ الفأس أو وقعَ الفأسُ

إذا كنت ربَّ الجلدتين
وأطبقت بوحي
ففي الإطباقِ لجمٌ وإخراسُ

وإنْ فتحتْ .. تأويل يوسفَ عندها
أفاويقُ رؤيا ليس ينخبها راسُ

عليكَ مجازات الرحيل
سلامة على الدرب
إذ منكم تُولَّدُ أجناسُ

ولكنْ إلى معناكَ وقت رحيلكمْ
فمن أحرقوا الأنفاسَ أجلكَ حُرّاسُ

ومن شربوا الدمع المنبَّهَ حزنهم
تراتيلهم في الحزن للأرض قُدّاسُ

لقد كرهوا من آدم آدميةٍ
لجرحِ أديمٍ بعضهم شفرةً باسوا

ونادُوا .. فسمُّونا ونباتات حيدرَ
على طولنا .. إنَّا لحيدرَ أغراسُ

وفي عرضنا إنَّا مشاتلُ وعيه
وفي أفقنا لو غابَ .. للشمسِ إقباسُ

شارك برأيك: