مميزات شخصيته:
- محب للقراءة والإطلاع، متأمل في ما يقرأ ويحدث الاخرين بما قرأ، عندما تجالسه تضيف إلى معرفتك جديد باستمرار، ويكن جديد مميز نافع. لديه رغبة في نشر الثقافة الإسلامية في المجتمع.هذا الحب للقراءة كون له مكتبة متميز بالكتب المهمة لمدرسة أهل البيت عليهم السلام (وهنا يحضرني وصيته بأن تكون مكتبته عامة بعد وفاته ليستفيد بها أكبر عدد ممكن) وتنقل من بيته إلى مكان عام ونقل لي أحد الأخوة أنه حدد نقلها للجمعية الحسينية. وفي الأيام الأخيرة من حياته باع بعض الكتب فسأله أحد الأخوة: هل غيرت وجهة نظرك عن المكتبة؟ قال: لا، ما أبيعه من الكتب ليست ذات أهمية وهي كتب صغيرة.
- شخصيته اجتماعية، ولدية القدرة على تكوين علاقات اجتماعية مع نوعية مختلفة. تميزت علاقته مع أشخاص أنا شخصيا لا أدري سببها لكني عرفتها من سياق الحديث معه، فمثلا وليس حصرًا كي لا يزعل من لم أذكر اسمه (لان الشهيد يتعامل مع جميع أصدقائه بحيث يشعر الفرد بأنه الأقرب):- الحاج محمد ابراهيم مال الله: وكان يحبه كثيرًا رغم الفارق في السن والمستوي الثقافي والعلمي، وكان الشهيد يذكر الحاج كثيرًا في حديثه مع الآخرين، والحاج محمد يتواجد في منزل الشهيد دائمًا ويقول الحاج بأن “أحمد جناوي”، والمحبة بينهما متبادلة.- الحاج مهدي سند والأستاذ علي معراج: ويكثر الحديث عنهما والاعجاب ببعض جوانب في شخصيتهما وتفهم في حديثه عنهما بأنه يحبهما كثيرًا و يثني على ثقافة الأستاذ علي وسِعت اطلاعه.- الأستاذ حسين جعفر سرحان والأستاذ محمد يوسف مرهون: ولا يغيب عن بالي ملامح وجهيهما المبتسمان وهما يتحدثان عن مواقف الشهيد . أتذكر أن الأستاذ محمد مرهون اتصل بالشهيد ليلة زواجه فسأله: ماذا تفعل؟ قال: بأنه يلخص بعض محاضرات السيد محمد حسين فضل الله، لان زوجته مع النساء لإجراء بعض طقوس الزواج (واترمبو واليومي).
الأيام الأخيرة من حياته:
كان كثير الإنشغال بأمور الآخرة والموت حتى أن قراءته كان أغلبها في هذا المجال، وكان كثير التحدث عنها، ومن ضمنها اليقين الصادق واليقين الكاذب في معرفة الله، وأنطلق من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في دعاء ابو حمزة الثمالي (وهب لي يقين صادق)، يقول: هذا يعني أن هناك يقين كاذب، ويدعم رأيه بقول الإمام الخميني رحمة الله عليه: إنك لا تستطيع أن تتعرى امام طفل لأنك متيقن من وجود الطفل، لكنك تعصي الله و تتعرى أمامه بالذنوب لأنك غير متيق من وجود الله.
كما كان يتحدث عن النار و الجنة، هل الجنة عالم مادي أم عالم معنوي؟ و كذلك عالم الآخرة ولا أعلم على ما استقر رأيه لأنه في الأيام الأخيرة من حياته، وهنا أتذكر رؤية رأيته فيها شمال مسجد الشيخ أحمد و هو مقبل من جهة الغرب يلبس ثوب ناصعة البياض وتعانقت معه حتى كأني شعرت بقوة العناق وضغط اليدين على جسمي، فكان سوألي له: كيف عالم الاخرة؟ فأجاب بكلمة: “عالم واسع” بمد الكلام الذي يوحي بالعظمة. و طلبت اللحاق به فقال لي: أنتظر و شاح بوجهه عني.
بعض ما فعله قبل الرحيل:
- في المدرسة: أنهى جميع أعماله في المدرسة في وقت مبكر على خلاف عادته، أنهي التصحيح والمراجعة ورصد الدرجات، وعمل الكشف في وقت مبكر جدا على خلاف عادته سنويا، وساعد بعض اصدقائه المدرسين.
- نقلت لي والدتي عن والدته، بأن والدته تقول في أثناء مجالس العزاء: بأن الشهيد في الأيام الأخيرة قبل سفره إلى الحج الذي استشهد فيه كان يلبس الإحرام في شقته في الطابق العلوي، وينزل إليها في الطابق السفلي ويلبي ويكبر ويهلل ويقول هكذا يلبس الإحرام.
- قبل سفره إلى الحج حدثت بعض العراقيل التي كادت أن تكون سببًا في منعه من الذهاب إلى الحج، وعندما شعر بأنه قد لا يذهب إلى الحج، وكان قد رصد للحج مبلغًا من المال وعزله عن أمواله، فقال بأنه إن لم يوفق للذهاب للحج سوف يتبرع بالمبلغ للمتضررين من الزلال في إيران. وكان قد حدث زلزال في إيران قبل أسابيع من الحج وحدثت أضرار كبيرة بشرية و مادية.
- أمام لقطة الفيديو عند مسجد الشهيد شمال القرية كان الشاهد الأقوى على شعوره بقرب أجله وكانت اللقطة بأن الأستاذ عبد الرضا درباس يصور لتوثيق بناء المسجد، ومر بقرب من الشهيد فنادي عليه الشهيد: “عبد الرضا.. صورني ترى أنا ماشي عنكم، مع السلامة.. مع السلامة” وهو يلوح بيده، نقل لي الأستاذ عبد الرضا درباس بأنه وأثناء البحث لتسجيل لقطات عن حياة الشهيد بطلب مني اكتشف اللقطة وكان قد نساها، ولازلت أحتفظ بالشريط وقد حولته الى سي دي.
رحمك الله أيها الاخ العزيز وحشرك مع محمد وآل محمد في دار مستقرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيل الشكر لأبي زينب الحاج علي حسين على ما خطّت يمينه
ولموقع بوابة النويدرات على نشرهم جميل ما كتب أبو زينب عن الشهيد الذي جُعل حكرا على جيل وحُجبت معرفته عن الأجيال ..
لا أعلم لماذا لا تُبرز مثل هذه الشخصيات التي يتحسر عليها من لم يدركها وينهل من معينها ..
الشهيد أحمد حسن عيسى، الشهيد الأستاذ الذي أحببناه، وسعينا لمعرفته لم يكن الوحيد الذي لم تعرفه الأجيال بعده..