أحدث المواضيع

إبن معراج والمهمة الصعبة (5)

IMG_5622إعداد الأستاذ يوسف مدن

الجزء الثالث مختصر السيرة الذاتية:
يمثل مختصر ما كتبه الأستاذ علي عن ((سيرة أبيه)) أحد مصادر حديثنا عن شخصية والده، فهو أقرب الناس دراية به وأكثرهم قرباً بتراثه الثقافي حتى وإنْ توفاه الله عنه وهو في بواكير حياته، فالأستاذ علي – وإنْ لم يعش معه سوى سنوات مبكرة لا تتجاوز تسع سنوات – إلاً أنه على اتصال بما تركه والده من تراث ثقافي، فالولد كما يقال في المثل العربي ((سر أبيه))، وقد شربت نفسه حب أبيه من والدته وأسرته بخاصة جده المرحوم الحاج عبد الله بن علي بن سند ومن ساعده من أسرته على تربيته بعد وفاة والده وهو ما يزال آنذاك غضاً في سنوات عمره المبكرة، كما تعهده بالرعاية والتربية ابنا عميه المرحوم الحاج حسن بن علي بن معراج، والأستاذ الفاضل جاسم بن مدن بن معراج، فحفرت تربيتهم له حباً عميقاً للوالد في نفس الابن وعقله وتفكيره، وجعلته بحمده تعالى في مسار أبيه الروحي والإيماني والثقافي، وهذا جل ما كان يحلم به الوجيه الحاج أحمد بن معراج لابنه الوحيد ويرتضيه له، فقرَّت عيناه وهو في مثواه الأخير بدنياه، فجزاهم الله عنه وعن ابنه خيراً.

ومع أن الابن، ونقصد الأستاذ، ظل بعيداً عن الاتصال بأبيه أكثر من السنوات التسع الأولى بعد وفاته إلاَّ أن نفسه شربت من شخصية الأب قواعد الحياة وتطلعاته المستقبلية، إذ تمكن الوالد الحاج أحمد من العناية بابنه ما مكنَّه الله سبحانه واعتنى بتربيته الدينية والأخلاقية وربطه بمنهج الله ونظامه التربوي حتى توفاه الله فكفله جده لأمه الحاج عبد الله بن علي بن سند رحمه الله حتى استوى على عوده، وتابع الجد مهمة الأب الحنون، وعامله كأبنائه الآخرين، بل وحباه بعاطفة حنون متدفقة، وكان يداريه بمعاملة خاصة خوفاً عليه من طوارق الزمان وغوائله، ونشأ الابن علي في ظل هذه الرعاية الروحية والقيمية والأخلاقية والثقافية حتى شب عن الطوق ووقف على رجليه استعداداً لتقبل مسئولياته العبادية وتحمل أعبائها في دورة الحياة.

وقد تناول مختصر السيرة الذاتية التي كتبها ابنه النقاط التالية:

  • مولده ونشأته.
  • اهتمامه بالعلم والعلماء.
  • جوانب من نضاله السياسي وجهاده الاجتماعي.
  • ذكريات مريرة في حياته.
  • مرض الوفاة عليه رحمة ربه وشآبيبها.

ملحوظتان:
وقبل البدء بعرض ما كتبه الأستاذ علي من مختصر السيرة الذاتية لأبيه الحاج أحمد بن معراج نود تسجيل ملحوظتين هما:

الملحوظة الأولى:
إن اسم ابن معراج قد اقترن بعمل ثقافي باسم الملا علي بن حسن بن فايز، فابن معراج جمع ما أمكنه من شعر بن فايز وحفظه من الضياع في ديوان معروف اسمه “فوز الفائز”، وعندما فتشنا عن ترجمة السيرة الذاتية لهذا الشاعر العملاق في بعض مصادر دراسة التراث الثقافي لعلماء البحرين والقطيف والإحساء في مصدرين أساسيين هما الأنوار والمنتظم لم نجد ترجمة لابن فايز، ولكن عثرنا على ترجمة قصيرة له في كتاب أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً للأستاذ سالم النويدري، ومن المنطقي أن يختفي ذكر ابن معراج من الإشارة إليه في كتابي “أنوار البدرين ومنتظم الدرين” لانتفاء ترجمة ابن فايز نهائياً، فذكر ابن معراج مرتبط بذكر ابن فايز، أما في كتاب “أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين” للأستاذ سالم النويدري فقد أشار لشخصية ابن معراج ضمن ترجمة السيرة الذاتية لابن فايز باعتبار أن للأخير ديوان شعر في الرثاء الحسيني قد جمعه ابن معراج وأسماه “فوز الفائز”.

ولكن ما يجمع المصادر الثلاثة أنها لم تترجم لابن معراج، فأغلب الظن أن ذلك يعود إلى عدة اعتبارات، فصاحب الأنوار لا يعرفه، ولم يترجم لابن فايز الذي ارتبط ذكره بديوان جمعه ابن معراج، أما الشيخ التاجر صاحب المنتظم فعاصره ولم يكتب عنه، كما غفل عن ترجمة آخرين ومنهم الشيخ محمد بن سلمان الستري رحمه الله، وأغلب الظن يعود إلى عدم معرفته به أو لم يعتبره من علماء الدين أو من شعراء الرثاء، وأما الأستاذ النويدري فلم يترجم لابن معراج، ولا ندري سبب ذلك، ولكن أشار إليه في أعلامه بقدر يسير من المعلومات عند ترجمة سيرة ابن فايز .

وبالتالي فإن الوحيد الذي ترجم لسيرة ابن معراج هو ابنه الوحيد الأستاذ علي بن أحمد بن معراج في نص نشرناه كاملاً في هذه الدراسة كما كتبه، وهي ترجمة غير منشورة في مصدر آخر غير هذا الكتاب الذي بين يديك، وقيمة ما كتبه الابن عن أبيه أنه أقرب الناس للمترجم، وأكثرهم دقة في التعريف بشخصيته الفاضلة.

الملحوظة الثانية:
أننا في هذه الدراسة نقدم للقارئ والتاريخ عملاً ثقافياً خاصاً بالوجيه الحاج أحمد بن معراج أكثر تفصيلاً من مختصر السيرة الذاتية الذي كتبه الابن بالرغم من قيمته العلمية ودقة معلوماته، بيد أنَّ هذه الدراسة لم تكتمل بعد، ولم تتحول إلى عمل ثقافي موسع لولا مساعدة الأستاذ علي الابن وبخاصة تزويدنا بمصادر كاملة أو مصورة عن انجازات أبيه، وكان غرضنا أن نستخدمها في نسج خيوط الدراسة وتقديمها للقارئ كأسانيد وأدلة إثبات ووثائق مكتوبة تشعر القارئ بالطمأنينة والثقة بالقيمة العلمية للدراسة، فقد وفر لنا الأستاذ علي الابن كتيباً كاملاً عنوانه ((الأجوبة السيهاتية في المسائل النويدرية))، وهو مراسلة علمية بين أبيه والشيخ عبد المجيد السيهاتي، وأمدنا ابن معراج الابن بعدد من الكتب المخطوطة ونسخ مصورة منها كان أبيه الحاج أحمد قد نسخها في حياته وبخاصة في عقد الستينات، واستطعنا بهذا التعاون أن نجمع مادة ثقافية أكثر تفصيلاً عن أبيه وتكوينه الثقافي وانجازاته التي جعلتنا بجزم بنجاحه في ” المهمة الصعبة ” التي أشرنا إليها كتحدي ثقافي في حياة الحاج أحمد بن معراج الأب.

النص الكامل لمختصر السيرة الذاتية لابن معراج كما كتبه الابن:
أما الآن فلنبدأ أولاً بالمختصر الذي كتبه ابنه الأستاذ علي ثم نزوده بإضافاتنا ثانياً، ومكونات هذا المختصر كما تقدم هي ما يأتي:

مولده ونشأته:
ولد الحاج أحمد بن معراج رحمة الله عليه سنة 1896م. (أواخر القرن التاسع عشر الميلادي) بإحدى قرى البحرين وهي قرية النويدرات، التي تقع شمال معمل تكرير النفط (المصفاة)، وكان أكبر إخوانه (الحاج مدن والحاج علي).

نشأ في بيت فاضل، حتى إذا بلغ السادسة من العمر أدخله والده إلى مكاتب التعليم الديني (الكتاتيب) ليكتسب مهارة القراءة وقراءة القرآن الكريم وسيرة النبي وآل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام. وقد تتلمذ على يد مجموعة من علماء الدين الأفاضل في البحرين منهم المرحوم الشيخ محمد بن سلمان الستري والد المرحوم الشيخ منصور الستري، الذي كان يصطحبه في زياراته للخارج كالقطيف حيث وجد فيه حدة الذكاء وحضور البديهة، وكانت هذه المصاحبة ذات أثر عظيم وبارز في تنمية شخصيته الدينية والاجتماعية وتنمية ملكاته العقلية كما ساعدته على تفهم بعض أحكام الشرع الحنيف، وقد كانت له زيارات متعددة للديار المقدسة حاجا وزائرا.

مارس طوال حياته مجموعة من المهن التي عرفها الإنسان البحراني حينما كان شظف العيش وقسوته يبسط هيمنته على الناس، ومن المهن التي زاولها في حياته التي تربو على السبعين الاشتغال بمهنة بيع السمك (جزاف) وزراعة النخيل والحلاقة والغوص (سيب)، والتطبيب الشعبي الذي مارسه كعمل خيري يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى كخلع الأسنان والفصادة للذين يصابون بمرض الخناق ((الحجامة))، وقد اشتهر لدى عامة الشعب البحريني حينها بمهارته في معالجة هذا المرض ومن الجدير ذكره أنه كان رحمه الله يرفض أن يأخذ أي مكافأة مالية عندما كان يقوم بهذا العمل، وقد ثبت أنه يخرج من بيته وفي أي ظرف لمعالجة من أصيب بالخناق ولجأ إليه لأنه كان يعتقد جازما بأن إحياء نفس واحدة هو إحياء للناس جميعا، وقد تتلمذ على يديه في هذه المهنة وحذق فيها الحاج عيسى بن علي بن سرحان وهو امتداد حقيقي له في هذا الدور، علما أن والده المرحوم الحاج علي بن سرحان كان صديق عمره، وكذلك زاول مهنة النجارة والتي استمرت معه إلى نهاية حياته، وكان المنبر الموجود قديما في المأتم الوسطي والمعروف بمأتم آل معراج والذي هو أحد مؤسسيه من صناعته (نجارته) ويوجد على المنبر كم هائل من النقوش والزخرفة وكان منقوش في الذراع الأيسر للمنبر (إن لم تخني الذاكرة) ما يلي:

علي أحمد إنا
وهذا المنبر السامي

ولذا أرخنا له
بمن سميت قد فزنا

لسبط المصطفى صغنا
سعادتنا أو مسرتنا

اهتمامه بالعلم:
لقد كان رحمه الله صديقاً للعلماء المشهورين في البحرين، وقد تلقى العلوم الدينية على أيديهم، وقد قاده ذلك إلى تنمية ملكاته العقلية، فأصبح شغوفا بالعلم واكتساب المعرفة شغوفا بالقراءة والاطلاع على الكتب الدينية والأدبية والتاريخية ولديه ميول لقراءة الشعر وبالذات المراثي أو ما اصطلح على تسميته بأدب الطف، وهو شاعر متمكن سخر شعره وحافظته وقلمه الناسخ في خدمة العقيدة التي يدين بها، وله ديوان شعري غير مطبوع، وكان لسان حاله وشعره يقول:

بذلت لنصر  الحسين نفسي وفتيتي
فلا تبخلوا بالدمع يا شيعة الحق

كما جمع ديوان فوز الفائز للخطيب المعروف الملا علي بن فائز رحمه الله تعالى، ومن علماء البحرين الذين رافقهم وتشرف بصحبتهم (الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد صالح، الشيخ محمد علي المدني، الشيخ إبراهيم المبارك، الشيخ عبد الله المصلي، الشيخ حسن المعاميري، الشيخ علي بن الشيخ عيسى، الشيخ جعفر القطيفي، الشيخ علي بن الشيخ جعفر القطيفي، الشيخ عباس الجزيري، الشيخ حسين بن عباس الجزيري.. وآخرون).

وقد حظي بثقة هؤلاء جميعا وكانوا يعجبون بالأفكار والآراء التي يبديها بن معراج في كثير من القضايا الاجتماعية والشرعية التي يطلب منه الناس الفصل فيها، وقد كسب صيتا طيبا طيلة حياته الشريفة، وكانت له مراسلات مع المرجعيات الدينية خارج البلد في الشأن الديني، وقد قام باستنساخ بعض الكتب التي كان يرى أنها ذات قيمة معرفية وشأن ديني، وعرف بأن له محاورات مع العلماء والخطباء حتى أضحى مهاب الجانب وكان الكثير من الخطباء على حذر مما يقولونه على المنبر حين حضوره، وكانت تربطه علاقة صداقة ومحبة متميزة مع الخطيب والشاعر الكبير الملا عطية بن علي الجمري ونجله الملا الحاج يوسف، وكانا طيلة سنوات خطيبان رئيسيان للمأتم الوسطي والذي يحمل اسمه.

وكان رحمه الله يتصدر في كل عام المواكب العزائية الحسينية ويشرف على إدارتها وتنظيمها ويعاونه في ذلك جماعة من المؤمنين حيث تتحول مأساة كربلاء إلى مسرحية عامة يجسدها أهالي القرية في سوقهم القديمة والمعروفة (بالبرية ) ثم ينطلق موكب العزاء من القرية (النويدرات) إلى المعامير ويحدد للأفراد أدوارهم في الموكب، وظلت هذه المواكب العزائية مهابة الجانب ودقيقة التنظيم حتى انسحابه من هذا الدور لتقدمه في السن وترك أمر إدارتها للشباب الذين أثروا موكب العزاء وطوروه بما يتماشى مع الظروف الزمنية.

اشتهر رحمة الله عليه بالجرأة والشجاعة وقول الحق والدفاع عن المظلومين وإصلاح ذات البين مهما كانت قسوة الظروف، وكان يهتم كثيرا بحل النزاعات التي تنشأ بين أفراد المجتمع وكان ما يصدر عنه مقبول من الناس لثقتهم الكبيرة في رجاحة رأيه، وكان مجلسه مفتوحا يؤمه القاصي والداني ويحضره العلماء والعامة.. كما أن هذه المواقف قد حببته في قلوب عامة الناس، وكان لا يخشى في الله لومة لائم لأنه كان يرى أنه يقوم بواجبه الديني والوطني كمسلم ولا يجوز له التفريط في هكذا دور، وقد سببت له هذه الخصلة الكثير من التبعات والمشاكل مع المصلحيين والنفعيين، علما أنه كان أحد أعضاء الهيئة التنفيذية العليا (لهيئة الاتحاد الوطني) التي قوامها 120 شخصية وطنية والتي اجتمعت في 13 / أكتوبر سنة 1954م. في مأتم بن خميس  بعد أسبوع من الاجتماع التمهيدي الذي انعقد في مسجد الخميس والتي تركزت مطالبها في:

  1. تأسيس مجلس تشريعي يمثل أهالي البلاد تمثيلا صحيحا عن طريق الانتخابات الحرة.
  2. وضع قانون عام للبلاد جنائي ومدني.
  3. السماح بتأليف نقابة للعمال.
  4. تأسيس محكمة عليا للنقض والإبرام.

وقد مثلت هيئة الاتحاد الوطني أبرز تجربة للوحدة الوطنية من الطائفتين الكريمتين الشيعة والسنة.

ذكرى مريرة:
لقد داهمته رحمه الله وألمت به الكثير من بلايا هذه الدنيا ومحنها، وكان صابرا محتسبا بما في ذلك فقده لجميع ولده بما فيهم ابنته فاطمة التي كانت متزوجة، ولكن الذي هد كيانه وأبان ضعفه فقده لأعز أبنائه الذي كان يخشى عليه من ظله، وكان يتوسم فيه الخير والبركة، وبلغت محبته لهذا الابن البار به أن سمى ابنه الوحيد الذي تبقى له باسم الفقيد تخليدا لذكراه وتيمنا به، وظل يذكر ابنه الفقيد كثيرا وفي كل المناسبات، ويقول مجالسوه إن الحديث عن هذا الابن استمر معه إلى أن فارقت روحه هذه الدنيا حتى أن عينيه تغرورقان بالدموع وهو يذكر سجاياه ومناقبه، وبلغت محبته لهذا الابن أن أغمي عليه عندما علم بموته المفاجئ، ومع هذا فقد سيطر على نفسه وقاد زمام أمره رابط الجأش راضيا بقضاء الله وقدره حتى الانتهاء من تشييعه ودفنه.. وكان هذا الشاب في العشرين من عمره تقريبا عندما وافاه الأجل وكان والده يحبه كثيرا لذكائه الحاد ودماثة خلقه وطيب معشره، وصفاته القيادية الواضحة فيه منذ الصغر.

وكان يعتمد عليه كثيرا ويرى فيه الامتداد الحقيقي له ولنهجه، وكان رحمه الله يتوسم فيه الشخصية الرسالية القادرة على خدمة شرع الله وتوضيح أحكامه، فهو على صغر سنه كان متدينا وشاعرا ومتكلما عذب الصوت، يتصدر الموكب العزائي من قريته النويدرات إلى المعامير والعكس وكان محل ثقته وثقة أهالي القرية صغيرهم وكبيرهم لذلك كان يوم فقده يوم حزن عام لجميع أفراد القرية، وتخليدا لذكراه فقد ثبت عامدا اسم ابنه (علي) بعد اسمه مباشرة في ديون فوز الفائز الذي عني بجمعه ليكتب على غلاف الديوان (عني بجمعه الحاج أحمد علي بن معراج) مع أن اسمه الحقيقي الحاج أحمد بن معراج، كذلك الأبيات التي نقشها بنفسه على الذراع الأيسر للمنبر توضح علاقته وارتباطه بابنه وبأهل بيت النبوة والطهارة.

علي أحمد إنا
وهذا المنبر السامي

ولذا أرخنا له
بمن سميت قد فزنا

لسبط المصطفى صغنا
سعادتنا أو مسرتنا

مرض الوفاة:
بعد رحلة شاقة قضاها في أعمال الخير والصلاح والإصلاح، وبعد أن تقدم به السن داهمت جسده كثير من الأمراض، ولكن المرض الذي أرهقه وأخذ منه مأخذه هو ضيق التنفس فأدخل على وجه السرعة مستشفى الإرسالية الأمريكية فأجريت له الفحوصات الطبية اللازمة، ثم حول إلى مستشفى النعيم بتوصية من أطباء المستشفى وظل الأطباء يتابعون حالته الصحية إلا أن إرادة المولى عز وجل شاءت أن تحلق روحه الطاهرة وان تلتحق بمن سبقوه من الصالحين وذلك ليلة يوم الثلاثاء، الواحدة صباحاً في20 من يناير 1970م الموافق12 ذو القعدة سنة 1389هـ.

وقد أدى صلاة الجنازة على روحه الوقور فضيلة الشيخ حسين بن الشيخ عباس الجزيري رحمه الله والذي أبى إلا أن يشارك المشيعين في تشييعه سيرا على الأقدام وراء نعشه رغم تقدمه في السن وبعد المسافة من المغتسل إلى مقبرة القرية وقد دفن بالقرب من ولده (علي)، وتجدر الإشارة إلى أن تشييعه كان تشييعاً كبيرا رغم أن الذين حضروا التشييع هم فقط من أهالي منطقته (النويدرات العكر المعامير قرى سترة) إذ أن محبيه لم يصلهم خبر وفاته، وقد تجلى بوضوح حب الناس إليه أثناء إقامة العزاء (الفاتحة) على روحه حيث توافد على المأتم حشد كبير من الناس الطيبين والمحبين، ومازال قبره الشريف معروفا ومعالمه باقية إلى يومنا، فرحم الله الفقيد رحمة الأبرار.

لقد انتهى النص الذي كتبه إلينا ابنه الأستاذ علي من مختصر سيرته الذاتية، وسنحاول الآن وضع بعض الإضافات بجهدنا الخاص مع الاستعانة بمصادر عديدة لهذه الترجمة، ومنها ما كتبه ابنه من مختصر عن سيرته الذاتية، وما نعلمه من جهود ثقافية أو تفاصيل لم يشر إليها ابنه لأن ما كتبه كان مختصراً وليس دراسة مفصلة، فجزاه الله خيراً، وقد أسمينا هذه الإضافات بالتكوين الثقافي والانجازات في شخصية ابن معراج.

شارك برأيك: