تعقيبا على مجلس الأربعين للميت

الأستاذ حسن كاظم
الأستاذ حسن كاظم

بناء على ما ذكرته في المقال السابق في مناقشة رأي من يستشكل في إقامة مجلس أربعين للميت، طرح بعض الإخوة الأعزاء بعض النقاط تؤيد إشكالية إقامة مجلس أربعين للميت متفقين هؤلاء الإخوة الأعزاء مع رأي علمائنا الأفاضل العاملين المخلصين وتتمثل هذه الإشكالية في:
1. أنَّ الحِداد والعزاءَ على الميِّت ثلاثةَ أيامٍ، لرواية عن الإمام الصادق عليه السلام (( ليس لأحدٍ أنْ يحدَّ أكثرَ من ثلاثة أيام )). والجواب على هذا الإشكال هو أن المقصود من الرواية أن يكون العزاء والحداد أكثر من ثلاثة أيام متصلة، كأن يكون الحداد خمسة أيام بلا انقطاع ولا فاصل، وأما مجلس الأربعين ليس متصلا فهو منقطع عن أيام الحداد الثلاثة، ويكون بعنوان مجلس تأبيني للميت. فهل هذا الانقطاع بين الأيام الثلاثة ويوم الأربعين يعتبر عقلا من أيام الحداد والعزاء على الميت؟!!!
2. أن إقامة مجلس الأربعين للميت، لم ترد فيه سنة. ونقول هل كل ما لم ترد فيه سنة أو لم يقم به أحد المعصومين عليهم السلام يكون فيه إشكال؟!! فهناك كثير لم ترد فيه سنة ولم نجد الفقهاء أفتوا فيه خاصة مالم يتعارض مع أمر عقائدي أو اسلتزم محذورا شرعيا، فمثلا المواكب العزائية لم ترد فيها سنة، فهل نستطيع أن نقول فيها إشكال لأن لم ترد فيها سنة أو لم يقم أحد المعصومين بتسيير موكب عزائي ؟!!! وأمور كثيرة لم ترد فيها سنة ولم يعترض عليها فقهاؤنا الأجلاء. والأمر الآخر في هذا الجانب هو أنه كما لم ترد في ذلك سنة قولية أو فعلية كذلك لم ترد فيه سنة بالمنع أو الكراهة، وما لم ترد فيه سنة بالمنع أو الكراهة ولا حتى باستحباب خاص فهو من المباح والجائز. وذكرت في المقال السابق أن تلك المجالس تدخل في باب الاستحباب العام.
3. أن إقامة مجلس الأربعين هو خاص بالإمام الحسين عليه السلام وإقامة مجلس أربعين للميت بهذا العنوان فيه إشكال. وقد ناقشت هذا الجانب في المقال السابق، وسنرى لاحقا ماذا يقول السيد السيستاني في استفتائه عن مجلس الأربعين للميت.
4. أن إقامة مجلس الأربعين فيه إسراف وتبذير، ومسلتزمات تكون عبئا على أهل الميت. ونجيب على هذا الأمر أن الإسراف والتبذير قد نهى عنه الشارع المقدس بشكل عام ولم يحدده في جانب معين، فكل أمر فيه إسراف وتبذير يكون الإشكال في الإسراف والتبذير وليس في الأمر نفسه فمثلا الزواج من الأمور التي يستحب فيه دعوة الأهل والناس لكن لا ينبغي الإسراف والتبذير فيه، ولا يمكن أن نقول تلغى دعوة الناس في الزواج بحجة الإسراف والتبذير، فالإسراف والتبذير حرام في كل شيء، وهو أمر نسبي بين الناس فهذا مبذر ومسرف وذاك ليس كذلك فلا يمكن أن نحكم على الأربعين للميت أو غيرها من خلال الإسراف والتبذير. فالإسراف والتبذير هو حرام بذاته في كل شيء ولا يقتصر على جانب دون آخر.
فهذه أهم النقاط التي وجهها الإخوة الأعزاء وهي ذاتها ما تفضل به علماؤنا الأجلاء، وذلك لأني لم أناقشها بشكل تفصيلي في المقال السابق، وذلك لأني لم أكن أرغب في مناقشة الأمر بشكل مباشر، كنت أريد المناقشة بشكل عام من خلال الرأي الفقهي، لكن الإخوة الأعزاء طرحوها بشكل مباشر وطلبوا مناقشتها بشكل علمي.
وأرجع للرأي الفقهي وأكتفي بقول السيد السيستاني حينما سئل عن أربعين الميت فقال: (( جيد في نفسه، ولعله مأخوذ من أربعينية سيد السهداء أرواحنا له الفداء )) فلنتأمل ما أجاب به سماحة السيد السيستاني جيد في نفسه، ثم يقول لعله مأخوذ من أربعينية سيد الشهداء عليه السلام، وهذا ما أشرت إليه في مناقشة النقطة الثالثة أعلاه، فحتى الاعتراض أن يكون أربعين الميت هو خاص بالإمام الحسين عليه السلام ، السيد السيستاني بجوابه هذا يكفي والتعليق للقارئ الكريم.

السؤال الموجه للسيد السيستاني وجوابه مأخوذ من موقع السراج ويمكن الاطلاع عليها في هذا الرابط المسألة رقم 149:

موقع السراج :

http://www.alseraj.net/ar/fikh/2/?ti3tOXp9yY1075093944&121&150&5

صورة من موقع السراج
صورة من موقع السراج

وأعتقد أن جواب السيد السيتاني حفظه الله يكفي تماما عن مناقشة تلك النقاط السابقة.
وكذلك قد بعث لي أحد الإخوة الأعزاء رابطا لمجلة المصطفى فيه فتاوى لعدة مراجع في هذه المسألة وهذا هو الرابط:

موقع مركز الامام الخوئي في نيويورك:

https://www.al-khoei.us/fatawa2/index.php?id=1380

صورة من موقع مركز الامام الخوئي في نيويورك
صورة من موقع مركز الامام الخوئي في نيويورك

موقع مجلة المصطفى:

https://al-mostafa.co/magazine/?p=8788

صورة من موقع مجلة المصطفى
صورة من موقع مجلة المصطفى

وأخيرا شكرا لكل الإخوة الأعزاء الذين أبدوا ملاحظاتهم ولهم كل الاحترام والتقدير، ودعاؤنا لكل علمائنا أن يحفظهم الله من كل سوء، وأن يمد في أعمارهم لخدمة الدين والناس.
ووفقنا الله جميعا لكل خير

حسن علي كاظم

شارك برأيك: