أهمية المستحبات
الكثير مِنَّـا تعصف به أزمات نفسية ومشاكل في الحياة تتعلق بالزواج أو الأولاد أو الاخوان أو الأهل والأقرباء والأصدقاء والعمل والدراسة والحياة الاقتصادية والاجتماعية. وقد تكون هذه الأزمات والابتلاءات مزمنة.
ويسأل كلنا كيف الخلاص من ذلك البلاء وتلك الأزمة التي تهز حياتنا وفكرنا وأنفسنا؟ كما أنها قد تسبب لنا قلقا أو اضطرابا أو حتى اكتئابا.
فنجد البعض يلجأ للروحانيات للخلاص من ذلك. والبعض بفضل الله ومَـنِّـه تتيسر له سبل الخلاص في الروحانيات، والبعض يبقى حاله كما هو وتجده في حيرة أو يسيطر عليه اليأس وقد يعتريه الشك في الروحانيات مما يؤثر حتى في عقيدته الدينية.
وليس قصدي بهذه المقدمة أن أتطرق لعلم الروحانيات وتأثيره أو تحليل ومناقشة أثره وكيف يتوافق مع البعض ولا يتوافق مع البعض؟ فهذا موضوع آخر.
وإنما القصد من هذه المقدمة ما هو السبيل والطريق إلى الوقاية من الابتلاء ومن الأمراض النفسية والروحية؟ فكما يقي الإنسان جسمه من الأمراض الجسمية كذلك يمكنه أن يقي عقله ونفسه من البلاءات الروحية والشيطانية.
وكيف يجعل من العلاج الروحي مؤثرا بشكل سريع وأقوى؟ إذا كان العبد مبتلى.
لقد فتح الله لنا برحمته أبوابا كثيرة ومتعددة. من هذه الأبواب باب واحد واسع ومتعدد الاتجاهات من دخله بصدق ويقين ثابت حتما حياته في الدنيا والآخرة تتغير، وإذا استمر فيه بإخلاص وبعدها قام بعمل روحاني لأمر ما حتما سيؤثر عمله الروحاني.
بل سيرى أن حياته وظروفه تسير للأحسن وستكون نفسه مطمئنة مستقرة راضية بكل ما كتبه الله له.
هذا الباب الذي نجهله ولا ندرك أثره هو المستحبات. المستحبات وما أدراكم ما المستحبات!
فالأعمال المستحبة لها أثر لا تدركه الأوهام ولا تحيط به العقول.
الأعمال المستحبة:
هي الأعمال التي دعا إليها الشرع ويثاب العبد على أدائها ولا يعاقب على تركها. مثل نوافل الصلوات اليومية الخمس، وصلاة الليل، وصلوات الليالي والأيام، والأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام، والصدقة وغيرها كثير من المستحبات.
فهذه الأعمال لمَّا يأتي بها العبد رغبة وتكرما منه وحبا في التقرب إلى الله، فهل سيكون العبد أكرم من رب العالمين؟ وذلك مثل العامل الذي مطلوب منه إنجاز عمل محدد ولكنه قام بعمل إضافي فأصبح إنجازه كبيرا وكثيرا، فيقرر مسؤوله أنه يستحق مكافأة لما قام به من عمل رائع. كذلك الله جل وعلا يجزي العبد أحسن الجزاء والأوفى منه.
لهذا فمن يريد أن يغير حياته للأفضل، ويريد أن ينتهي من ظروفه القاسية وأزماته عليه بالمستحبات.
ما ينبغي الالتفات له في أداء المستحبات:
وأول ما ينبغي في أداء المستحبات هو الإخلاص لله وعدم الرياء حتى لو كان من غير قصد، لذلك يستحب في أدائها الخلوة، والكتمان، وعدم التحدث أنك تؤديها، خاصة صلاة الليل، وذكر الله، والصدقة وقضاء حوائج الناس. فكلما كانت سرية كان أثرها عجيبا وثوابها أعظم.
كذلك ينبغي الاستمرار وعدم الملل والكلل في أدائها، بل عليه أن يشعر بإلزامها في الأداء، والشعور بالحزن والضيق بعدم أدائها، والشكر لله على توفيق أدائها.
والأهم الذي يجب الالتفات له في هذا الجانب، أن لا يؤدي بعض المستحبات في ساعة العسرة والضيق، صحيح مستحب الدعاء في تلك الساعة، لكن بحسب الروايات الأفضل أن يتقرب العبد إلى الله جل وعلا في ساعة اليسر والرخاء حتى يستجاب له في ساعة العسرة والضيق.
لذلك يفهم من الروايات لماذا تتأخر استجابة الدعاء، أو عدم الاستجابة، حيث إن العبد لا يعرف الله إلا في الضيق.
ولا يشترط أداء المستحبات كلها، فالله جل وعلا لا يكلف نفسا إلا وسعها. فلا يجهد نفسه في أداء المستحبات كلها، لكن يحاول الالتزام بأعظمها وأهمها، ويفهم أسرارها ويشعر بلذة التقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى.
أثر المستحبات:
فالمستحبات لها أثر كبير أبرزها وأعظمها محبة الله و يسخر الله محبة الناس له، ويسبب الأسباب في تيسير الأمور وقضاء الحوائج وحل المشكلات. وتكون سببا في سرعة استجابة الدعاء، وتكشف الحجب والمغيبات للعبد إذ ينظر بعين الله، ولا يكون للشيطان له سبيلا فلا يبتلى في نفسه بأمراض عقلية ونفسية كالجنون أو الوساوس والاططرابات والقلق والاكتئاب.
بعض المصادر للمستحبات:
ويمكن الرجوع إلى كتاب مكارم الأخلاق وكتاب ثواب الأعمال وعقابها وكتاب مصباح الكفعمي وكتاب جمال الأسبوع ومفاتيح الجنان وضياء الصالحين وكتاب آداب السلوك فهذه الكتب فيها ما يحتاجه العبد ويكفيه للقيام بالمستحبات.