العصر يبث رياحه التي تخفف حرارة يوم صيفي، اخترت ان تبدأ مسارك من الجنوب الغربي للبحرين، وما ان وصلت قرب داركليب وبانت لك البرية الفارغة التي تحمل رمل البحرين الذهبي مزينة ببعض الحشائش والأشجار المبعثرة ، ادركت انك تواجه وجه البحرين كما عرفه الاقدمون.
تصل الى مسجد الشيخ سبسب الذي يقع جنوب داركليب، مألوف لك الاسم ولا تذكر انك زرته قبلا ، منارتين وقبة بطراز المساجد القديمة، ولكنه بني بناءا جديدا يبعث السرور، تقف وسط تراب ممتد، تنتأ منه بعض الاحجار العتيقة تشهد ان هذه قبور كما توجد قريبا من المسجد قبور حديثة، تدخل المسجد وتجلس امام المحراب قبل وقت الغروب، تقرأ الفاتحة على صاحب القبر وابنه المدفون جنبه، تاريخ قديم لقرية سبسب وحكايات يتناقلها الاجيال عن اناس عاشوا وماتوا هنا لا تخلو من آلام وحسرة.
يقول لوريمر قبل مئة وعشرة اعوام ان دار كليب تحوي خمسين بيتا من البوص للبحارنة واربع الاف نخلة واهلها من المزارعين وصانعي الاشرعة ، اين ذهبت النخيل ؟ تحدق في بعض البيوت .. النخيل التي بداخلها قديمة جدا، كأنها امتداد للنخيل الحائرة بقربها في ارض غير مبنية تنتظر يوما تقلع فيه ، تحدق في المباني القديمة والنخيل القديمة بداخلها.. ايها جاء اولا ؟وعلى اية حال كانت دار كليب مألوفة له كثيرا ولايعرف لماذا احس ان لهذه الاحياء العتيقة هموما .. فكلنا نتشارك هموما كثيرة في وطننا الجميل .. يمضي فيها وكأنه يشاهد قريته النويدرات ويتراءى له من الشبه كأنه انتقل فجأة الى وسط النويدرات.. المآتم تتركز في مكان والازقة ضيقة جدا في الاماكن الاكثر قدما ، لم تكن دار كليب غريبة، وان اختلفت عليه الوجوه وتغيرت فهي ما تزال وجوها سمحة تقف بين يدي الله ، تصلي فرادى وتقنت في مسجد تشقق صبغ جدرانه من الرطوبة، ينتهون من الصلاة ويسلمون على جيرانهم وعليك ، تخرج من المسجد وتمضي في دربك مودعا قرية جميلة وعريقة من قرى البحرين السعيدة اسمها داركليب.