رحلة إلى مساجد البحرين (2) – قرية الزلاق بقلم مصطفى حسن عبد الله

قريبا من دار كليب على جهة البحر تقع قرية الزلاق، عندما وصلت اليها رأيت على يمينك قليلا من المحلات التجارية وعلى يسارك الى الامام مدرسة ابتدائية، وحين تذهب يمينا موليا وجهك ناحية البحر ، تمشي في احياء متسعة نسبيا الوانها زاهية ومتعددة ، منها دور واحد ومنها اكثر من ذلك ومنها قديم مبني بالطين ، بدى ان اهل الزلاق يعتنون كثيرا ببيوتهم ولهم حس جمالي، وان لم تبدو الزلاق في اقدم احياءها كالقرى التي تعرفها بل كانت اشبه بامتدادات القرى او احياء مدينة عيسى.

تصل الى البحر، ازرق بلون اللازورد، قرب البحر بقت منذ زمن قديم مبان واحجار قديمة تشهد على زمن ماض لهذه القرية التي عشق اهلها البحر وامتهنوا صيد اللؤلؤ و السمك، لم يكونوا مزارعين ولم تكثر النخيل في الزلاق ، رغم ان بعضا من النخيل الفارعة ضلت باقية الى الآن.

ينزل الفارس بحصانه الى البحر ، تتهادى الخيل البنية في اعماق بحر تقلبت امواجه لتصل وتلطم رمال الشاطئ مصدرة صوت الحنين قادما من البعيد، وقلت في نفسك: لإن كان الجيران في الوطن قد تباعدت بهم السبل منذ زمن واستوحشوا من اختلاف ثقافاتهم ومذاهبهم، اوليس كلهم ركبوا ذات البحر وذاقوا القحط وفقدوا احبة غرقوا او اخذتهم حمى الملاريا او اي داء اخر، وبنيت اجسامهم النحيلة على ذات الرطب والسمك والطعام الشحيح، عاشوا نفس الالام والمخاوف والافراح، ولما جاء النفط بامواله وتغيرت الاحوال و تجاوروا في بابكو والوزارات والجامعات ظنوا لوهلة انهم يختلفون عن بعضهم. .

ترجع الى سيارتك وتتجول، مساحات رملية يمضي فيها شباب رياضيين، اطفال يركبون احصنة قزمة ، صحبة من الرجال معهم رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة ، حديقة عامة صغيرة خالية الا من اطفال يتشاقون فيبكي احدهم.

تذهب الى جامع الزلاق، لما وصلت خرج اغلب المصلون بعد ان انهوا صلاتهم، رجل عجوز ذو سمرة نجدية يخرج بشماغه الأحمر ولحيته الكثيفة قليلا، ينتظره ولده في السيارة، تدخل الجامع و تجد لك مكانا، تضع تربتك وتصلي وتحس بالهدوء والسكينة، تنتهي من الصلاة وتستند على الجدار وتتأمل المكان.

ولما كانت المساجد كلها لله، فلا يهم اي وقف تتبع له، المهم انها مكان انتدب لاقامة الصلاة، والمهم ايضا هو قلبك الحاضر فيها، اليست المساجد بيوتا لله؟ فعندما تدخل اي مسجد فانت ضيف الله وحده وزائر الى حضرته جل اسمه.

ونزلت من اعتاب المسجد، و مضيت بسيارتك تعبر احياء الزلاق مجددا وقد ارخى الليل عليها ستره، وانت تمضي مبتعدا ارسلت قسماتك الباسمة لأهل الزلاق رسالة حب وجيرة وسلام.

شارك برأيك: