الكرامة الإلهية في شهر رمضان
نقرأ في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في استقبال شهر رمضان ” هو شهر دعيتم في إلى ضيافة الله، جعلتم فيه من أهل كرامة الله..
فما المقصود بكرامة الله؟
إن لله سبحانه وتعالى رحمتان، رحمة عامة ورحمة خاصة ” الرحمن الرحيم “؛ ” الرحمن ” هو للرحمة العامة التي شملت الكون كله، و ” الرحيم ” هو للرحمة الخاصة بالمؤمنين المتقين، قال تعالى (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) (سورة الأعراف – سورة 7 – آية 156). كذلك هي الكرامة الإلهية، كرامة عامة وأخرى خاصة..
١- الكرامة العامة: هي التي قال عنها الله عز وجل (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (سورة الإسراء – سورة 17 – آية 70) وهي الكرامة التكوينية، أي أن الله سبحانه أعطى الإنسان وكرمه بالإرادة والاختيار.. بالإضافة إلى الكرامة التشريعية بأن جعل له حرمة وتقدير واحترام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (سورة الحجرات – سورة 49 – آية 12)، هذه الكرامة تتمثل في عدم اساءة الظن به، وعدم التجسس عليه وأن لا يُغتاب.. وهذه الكرامة عامة للجميع.
٢- الكرامة الخاصة: وهي التي تتحقق في شهر رمضان ” وجعلتم فيه من أهل كرامة الله “، هناك العديد من الآيات تتكلم عن الكرامة الخاصة (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (سورة الأنفال – سورة 8 – آية 17).. هذه كرامة خاصة.. كيف يُسدد العبد؟
(أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (سورة التوبة – سورة 9 – آية 104).. كيف يأخذ الله الصدقات؟ أوليس الفقير من يأخذ الصدقات؟
هذا اسناد إلهي خاص.. هناك بعض المؤمنين الله تعالى بشكل مباشر وبدون واسطة يعتني بهم ويسبغ عليهم رحمته ورأفته وكرامته.. هؤلاء أهل كرامة الله!
نحن باقي العباد تنالنا الرحمة منه بوسائط؛ بواسطة الملائكة، بواسطة الطبيعة، بواسطة الكون، لكن أهل كرامة الله تنالهم رحمته وعطفه بشكل مباشر، وبعناية ربانية خاصة (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ) (سورة الأنبياء – سورة 21 – آية 26)
العباد المكرمون من شملتهم عناية مباشرة منه تعالى، فأنت في شهر رمضان من أهل كرامة الله، تمطرك الرحمة الإلهية والعناية الإلهية بشكل مباشر وبدون واسطة وبمظاهر شتى.. وهي (أنفاسكم في تسبيح، نومكم فيه عبادة، دعائكم فيه مستجاب، عملكم فيه مقبول ….).
فهذا النفس الصادر من معدة خاوية يتحول إلى تسبيح من خلال عناية الله.. نومكم فيه عبادة.. مارست العبادة إلى أن تعبت فنمت، قرأت القرآن إلى أن نمت.. يتواصل فيه العبادة بالعبادة بكرم الله..
وعملكم فيه مقبول.. القبول منوط بالإخلاص والتوجه وأحيانا يكون في وقت بدون توجه كأن أقرأ الدعاء وفكري مشغول بأمر آخر.. لكنه في شهر رمضان مقبول.. أما في غيره – ربما – غير مقبول!
عباد الله إن أبواب الجنان فيه مفتحة فاسألوا الله أن لا يغلقها عليكم.. حاول أن لا تعص ربك، لتكن لك إرادة أمام شهوة المعصية والرذيلة حتى تبقى أبواب الجنان مفتحة..، وتذكر دائما ” اللذة في ترك اللذة “