أحدث المواضيع

رحلة إلى مساجد البحرين (4) – قرية صدد – بقلم مصطفى حسن عبد الله

رحلة إلى مساجد البحرين (٤) – قرية صدد

تمر بشارع زيد بن عميرة العبدي الواصل بين قرى البحرين الغربية، تقطع منطقة صدد من منتصفها، تشاهد على جانبي الطريق المحلات و النخيل والاراضي الخالية والمشاريع العقارية، منطقة كبيرة ممتدة تبدأها بأصلها حيث تنعطف على القرية القديمة، ترى احياءا قديمة على ارض ترتفع وتنخفض وحين تتجول قليلا تعثر على ارض واسعة خضراء، تكثر فيها الحشائش من خصوبة التربة.

و قدت سيارتك حولها فوجدت مدخلها بين مزارع النخيل ، وبدت كأنها جنة هبطت الى الارض منذ زمن بعيد، كانت مقبرة خضراء تصطف الاشجار والنخيل حولها في وقفة جنائزية تجلل الفضاء بهالة من الرهبة، وفي وسط القبور تلوح قبة بنيت على قبر شاب جميل، تقرأ الفاتحة وترحل موليا وجهك الى الريف الذي مازال صامدا، احراش الشجيرات و النخيل والحشائش التي تمتد هملا في فضاء الشارع الرملي، ومن خلفها بساتين مسيجة ومسورة تظهر منها النخيل خضراء نظيفة.

ولما كانت صدد قبل مئة عام تتكون من اربعين بيت من سعف النخيل للبحارنة وكانت جنة خضراء تحتوي على اكثر من عشرة الاف نخلة وتسقيها عين صخارى الوارفة، فتأمل قليلا في صورة القرى قديما، هل ترى غير اناس يسكنون غابات من النخيل، الم تخفهم الاف النخيل وهي تحوطهم في الليالي الظلماء وحتى بيوتهم التي لم تكن سوى بقايا من نخيل؟ فلإن كانت النخلة عطية الله التي أطعمتهم وآوتهم كل هذه الآلاف من السنين، فما باله الانسان يبالغ في قلعها كي يبني مكعباته الخرسانية على انقاضها؟
.
تواصل دربك قاصدا المساجد، مسجد الإمام الحسن يستخدم مأتما ومسجدا ومركزا دينيا، جلسة ومنبر وما لفتك هو الستارة عند المحراب بالوان زاهية فاقعة. ولما غادرته ومضيت تحثو الخطى في القرية رأيت مسجدا في اخر الحي تظهر من ورائه النخيل ، اسمه مسجد جاسم عاشور وهو مسجد ومأتم ايضا وتصميمه يشابه سابقه تماما، ونفس الستارة وجدت هناك ايضا، فتساءلت في نفسك عن قصتها، وكان المؤذن قد شرع في الأذان فتلفتت يمينا ويسارا كي ترى له اثرا فلم تراه، وعندما انهى الاذان خرج من وراء ستارة المحراب.

ذهبت الى مسجد قد كثر زواره هو مسجد المصطفى ،وقام الناس للصلاة جامعة،كان بياض الجدران وسكون اللحظة قد ارخى عليك سكينة وانت تستمع الى الشيخ يقرأ السور.وهكذا صافحت اهل صدد الطيبين وغادرت تمضي في الطريق بين صدد و المالكية، هناك توجد احياء حديثة في صدد وعلى الشارع يقف مسجد الامام علي كبيرا فخما قد افتتحت بعض المحلات ورائه، وتدخل بعد ان تأخر الوقت ولكن جمال المكان ابهرك، ورأيت الستارة الباهرة تستر المحراب كعادتها، وودعت صدد الخير تلك القرية الخضراء الجميلة الرائعون اهلها وارسلت لهم كل تحية ومودة.

 

 

 

 

شارك برأيك: