الفضاء الإلكتروني بقلم الدكتور جعفر الهدي

الدكتور جعفر الهدي
الدكتور جعفر الهدي

 

الفضاء الإلكتروني

كلنا ودون استثناء دخلنا الفضاء الإلكتروني وفيه وجدنا عالم التواصل الاجتماعي، جميعنا يحمل بيده هاتف ذكي، صغاراً كباراً شيباً وشباناً ، في الواقع قليلون دخلوا هذا الواقع الافتراضي الجديد، فأغلبنا وجد هذا الواقع فد اقتحم تفاصيل حياته ومماته.
بالفعل هذا الواقع يصور يومياتك منذ ولادتك إلى مماتك دون أن تكون قادراً على منع ذلك، وسواء من دخل أو من فرض عليه الواقع لا أحد يستطيع أن يقول إنني سأخرج منه.
هل تتصور كم تبدلت قناعاتك منذ دخلت هذا العالم الذي يأتيك في كل لحظة بالأخبار والفيديوهات والأراء الخخخخ، راجع نفسك فسترى أن عقلك قد تغير ؟؟ كيف ذلك؟؟؟
قبل الفضاء الالكتروني كانت الأفلام تقوم بمهمة زرع القناعات كما رسخت أفلام الكوباي في أذهاننا صورة الهنود الحمر كمجموعات وحشية تمارس القتل مقابل الفتى الكوباي الوسيم القادم بالسلام والحب فهو يحب بوكاهانتس بصدق ويسعى لخير الهنود الحمر كما في الفيلم.
اليوم تحولت وسائل التواصل من وسيط لنقل المعرفة إلى أداة فاعلة لدى الكثير من الجهات لتشكيل العقل أو لنقل طريقة التفكير !!!
جهات كثيرة كالحكومات والمؤسسات والجماعات وحتى الأفراد وجدت في هذا الفضاء مجالاً خصباً للعمل، وقد انتقلت من مرحلة بث أرائها وأفكارها بشكل مباشر إلى مرحلة تشكيل العقل، لقد تيقن هؤلاء من عدم فاعلية بث الأراء بشكل مباشر فبدأوا العمل على تقنيات جديدة لا يعرفها الأفراد إذ يمكن القول إن أغلبنا ضحايا لهذا الفضاء.
المسألة ليست سهلة كما يعتقد البعض فهذا العمل يقوم على دراسات اجتماعية ونفسية وفكرية في طرق التأثير في العقل الفردي والجمعي وتصميم محتوى يبدو غير مرتبط بموضوع ما ولكنه مؤثر فيه.
خذ مثلاً. كيف يتم تغيير فكرة العالم عن زعيم معين من خلال بث النكات والطرف فعلى سبيل المثال شكل الواقع الافتراضي صورة نمطية لزعيم كوريا الشمالية كم جون أون بأنه (قاتل) وقد تشكلت هذه الصورة من خلال الطرف التي تبث عنه مثل لقاءه بمعلم أو ممرضة أو راقصة وبعد سؤال بسيط يأمر بإعدامه، نحن اللذين نتلقى النكتة نضحك لكننا لا ندري أن صورة الزعيم الذي يراد زرعها في عقولنا قد رسخت والواقع أننا ربما لا نعرف حقيقة الرجل.

شارك برأيك: