كورونا الذنوب
كم هي الرسائل التحذيرية التي تأتينا من هنا وهناك لعلنا نستيقظ من الغفلة التي نحن فيها ومن الذنوب الكثيرة التي نمارسها كل يوم في الحضرة الالهية.
قال تعالى (( كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) ( سورة المطففين – سورة 83 – آية 14) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ” اتقوا الذنوب فانها ممحقات للخير” وقال الامام الرضا (عليه السلام) ” كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون”
كم هي دقيقة عبارة الامام الرضا عليه السلام وكأنه معنا يرى الزمان الذي نحن فيه وما فيه من أنواع المعاصي والرذائل والتسابق نحو فعلها، فتجد جماعه هنا تحرس على متابعة الافلام الخلاعية وجماعة تخلع الحجاب وتحب التعري والتسابق نحو الشهوات واخرى يعجبها الغش وخداع الناس والتفنن في ذلك، وتجد اخرون اتخذوا الخلوات ملاذا الى ممارسة الشهوات والهروب من مواجهة الواقع المرير ناهيك عن هتك ناموس الاعراض والزنا والفواحش والغيبة والنميمة والاستهزاء بالاخرين وانتشار الظلم والجور والفساد في مجتمعاتنا الاسلامية ولهذا لا تتعجب حينما ترى هذه الامراض تهجم على بني البشر لعلهم يتراجعون او ينتبهون مما هم فيه. وليس مرض كورونا هو اول بلاء ولا اخر بلاء ولكن متى ما اختل نظام الكون المبني على سنن الله من خلال كثرة الذنوب فان الابتلاءات لن تتوقف ولن تنتهي وسوف تستمر لان النظام الكوني مبني على موازنة واضحة وهي أن الاستقامة تعطيك استقامة في الكون الالهي وأن العصيان يحرك الميزان الالهي نحو البلاء والحرمان ورفع الخيرات من الدنيا، قال تعالى (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ….) (سورة نوح – سورة 71 – آية 25) ويقول الامام الحسين عليه السلام ” عجبت لمن يحتمي عن الطعام لمضرته ولا يحتمي من الذنب لمعرته”.
كيف نقي انفسنا كورونا الذنوب :
- اولا : وقاية القلب من التفكير في الذنوب :
الوقاية خير من العلاج ولهذا تجد الامام علي عليه السلام يقول (صيام القلب عن الفكر في الاثام أفضل من صيام البطن عن الطعام)
وقال امامنا الصادق (عليه السلام) راويا عن عيسى بن مريم (عليه السلام) انه يقول لجماعة من اليهود ” إن موسى أمركم أن لا تزنوا وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا، فأن من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق، فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت”. واعلموا ايها الاحبة أن التفكير في الذنب أول الخطوات الشيطانية نحو المعصية خصوصا وان الذنب يوجد ظلمة في القلب ويفسد صفاءه حتى لو لم يمارس الذنب.
- ثانيا: الثبات على الطاعة :
الثبات يحتاج وقت وقت واستمرار وتوغل في الطاعة حتى تعطي الطاعة ثمارها على الواقع واما التذبذب والتموج بين الطاعة والمعصية لا توجد محبة بينك وبين الله وما جعل الله لعبد من قلبين في جوفه فحدد طريقك ومسيرك نحو الثبات على الطاعة حتى تكون في منأى عن كورونا الذنوب وتامل قول الامام الصادق (عليه السلام) ” أما أنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض الا بذنب. وذلك قوله تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (سورة الشورى – سورة 42 – آية 30) ثم قال (عليه السلام) ” وما يعفو الله اكثر مما يؤاخذ به “.
- ثالثا: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر..
ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر له اثاره حتى على المؤمنين وهو مثل الشرر المتطاير من النار يصيب كل شيء ويحرق كل شيء ولا يعرف مؤمن وكافر فالكل سواء لان الضرر قطعا يمس الجميع فالكافر او المؤمن اذا شرب السم فان الموت نصيبة كلا منهما فلا اختلاف.
في النهاية أرجوا من الأحبة العودة الى الله والانابة والتوبة قبل فوات الاوان والاستعداد للرحيل بحقيبة الطاعة الرحمة الالهية وشفاعة أهل البيت عليهم السلام قبل الرحيل بحقيبة المعاصي والذنوب والموبقات.
حمى الله الوطن والمواطنين من كل سؤء وبلاء وعلينا بدعاء الغريق الذي علمه الامام الصادق عليه السلام عبد الله بن سنان وابيه حيث يقول عليكم بدعاء الغريق ( يالله يا رحمان يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك).
موفقين لكل خير