أحدث المواضيع

قراءة في توقيت علامات الظهور بقلم الاستاذ حسن كاظم

الأستاذ حسن كاظم
الأستاذ حسن كاظم

قراءة في توقيت علامات الظهور

         كَـثُـرَ الكلامُ في الفترة الأخيرة عن علامات الظهور،  وشاع عند كثير من الناس أن ما نعيشه الآن من عصرٍ، هو عصر الظهور. والذي جعل هؤلاء يعتقدون بذلك تحليلات وتصريحات قالها بعض المحللين ومنهم علماء أيضا، مستندين إلى أحداث ووقائع، وأسقطوا عليها بعض الأحاديث والروايات، التي تكلمت عن آخر الزمان وعلامات الظهور.

         وللأسف قد اعتقد بهذا الأمر كثير من الشباب، وبعض المثقفين، دون التمحيص جيدا في هذا الادعاء، ودون الالتفات جيدا إلى الأقوال المعتبرة في علامات الظهور.

         وفي الحقيقة هذا البحث يحتاج إلى توسع والكتابة فيه بشكل مفصل، لكن مهما يكن من أمر سأشير إلى بعض الملاحظات بشكل مقتضب مركزا على أهم المحاور فيها، ومن أبرز هذه الملاحظات:

  • إن توقيت الظهور منهي عنه بحسب روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) ففي الكافي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) لما سئل عن وقت الظهور قال (( كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون )) وفي رواية أخرى أيضا في الكافي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أن أبا بصير قد سأله عن القائم ( عليه السلام ) فقال الإمام ( عليه السلام ): كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت.

فلا يمكن لأحد أن يدعي أن هذا العصر هو عصر الظهور، ويصرح أن ظهور الإمام بات وشيكا وما بقت إلا بعض العلامات، وبعدها سيخرج الإمام، وما هي إلا سنوات قريبة جدا وسيظهر الإمام المنتظر ( عليه السلام )، فنحن نعيش عصر الظهور.

فهذا التصريح بحسب الروايات لا أساس له، نعم هناك روايات تحث المؤمنين في كل زمن وفي كل عصر أن يعيشوا لحظة الانتظار، وأن يكون المؤمن مستعدا في أي لحظة لخروج القائم، لا على سبيل التوقيت، بل على أن يكون الأمر الإلهي لخروج القائم في أي لحظة إذا شاء الله، فالمؤمن يعيش في كل لحظة الانتظار وعليه أن يترقب الظهور في كل حين، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال (( مَنْ سُرَّ أَن يكونَ منْ أَصحاب القائم فلينتظِرْ وليعمل بالورع ومحاسنِ الأَخلاق وهو مُنْتَظِرٌ فإِنْ ماتَ وقام القائمُ بعدَهُ كانَ لهُ من الأَجر مثلُ أَجر من أَدْرَكَهُ فجدُّوا وانتظِرُوا هنِيئاً لكُم )) فهذا الحديث يشير إلى نكتة مهمة وهي أن يعيش المؤمن قريبا بعقله وقلبه من الإمام المنتظر ( عليه السلام ) فلا يعمل إلا بما يُـرْضِي الإمام بأن يعمل بالتقوى والورع ومحاسن الأخلاق، فيعيش المؤمن وجود الإمام معه كل لحظة، ولا يعمل على أنه غائب ليس موجودا. ويمكن الاطلاع بشكل أكثر عن تكليف المؤمنين في زمن الغيبة كتاب (( وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام )) للمؤلف الحاج ميرزا تقي الموسوي الأصفهاني.

فأن تعيش في كل لحظة مع الإمام ( عليه السلام ) وأن أمر خروجه قد يكون في أي لحظة  (( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا )) هو ما حثت روايات أهل البيت عليهم السلام، أما أن يكون هذا العصر هو عصر الظهور، فهذا خارج عن روايات أهل البيت عليهم السلام. ولا صحة لهذا الادعاء.

  • علامات الظهور هي إشارات تنبئ عن قرب ظهور الإمام المنتظر ( عليه السلام)، وبحسب الروايات عن أهل العصمة ( عليه السلام ) التي تطرقت إلى هذه العلامات، فإن هذه العلامات هي أحداث تكون قبيل ظهور الإمام المنتظر (  عليه السلام ) حدوثها يشير إلى قرب الظهور.

وقد أشار بعض العلماء إلى أن هذه العلامات منها ما هو حتمي، ومنها ما هو غير حتمي، والعلامات الحتمية  بحسب ما وردت في رواية عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) (( قبل قيام القائم خمس علامات محتومات اليماني ، والسفياني ، والصيحة ــ ما بين الأرض والسماء ــ ، وقتل النفس الزكية ــ بين الركن والمقام ــ ، والخسف بالبيداء )) ومعنى حتميتها هو أن هذه العلامات لابد من حدوثها قبل ظهور الإمام المنتظر ( عليه السلام ) أو بعضها سيكون مع ظهوره.

فهذه العلامات الحتمية نلاحظ أن حدوثها مقترن بظهور الإمام عليه السلام، فلا يمكن لظهوره عليه السلام دون هذه العلامات. وهنا نكتة مهمة وحكمة من الشارع المقدس وهي أن هذه العلامات لو لاحظنا لا يمكن لأحد يدعي حدوثها، ما لم تحدث فعلا، ولا يستطيع أحد أن يقوم بها مهما ادعى. وهذه العلامات مرتبطة ببعضها ووقت حدوثها يكون جميعا فمثلا يخرج السفياني من الشام ويخرج اليماني من اليمن، فمن يدعي أنه السفياني لن يصدق حتى خروج اليماني من اليمن والعكس. ولا يمكن لأحد يدعي أنه النفس الزكية ما لم يقتل بين الركن والمقام، ومن أبناء الإمام الحسن ( عليه السلام )، والصيحة والخسف في البيداء، لا يمكن لأحد أن يدعيها مهما يكن.

فهذا التقييد والخصوصية في هذه العلامات الحتمية، يقطع الطريق على كل من يدعي أن هذا العصر هو عصر الظهور، لأننا لن نقبل كلامه ما لم تحدث هذه العلامات الحتمية، وهذه هي حكمة الشارع المقدس أن جعل علامات الظهور الحتمية في أمر الله وليس في أمر البشر، حتى لا يدعي من يدعي هو الإمام المنتظر أو أن ظهوره بات وشيكا.

فهذه العلامات الحتمية هي المقياس والمعيار الذي من خلاله نستطيع أن نحكم على كل من يدعي هو الإمام المنتظر، أو يقول إن هذا العصر هو عصر الظهور، وما هي إلا سنوات قريبة ويكون ظهوره حتما. فهذا ادعاء ولسنا مطالبين بتصديق كل من يخالف روايات وأحاديث أهل البيت عليهم السلام.

  • استند القائلون بأن هذا العصر هو عصر الظهور على أحداث فسروا أنها من علامات الظهور، حيث ربطوها بمضمون روايات وأحاديث أشارت إلى بعض الأحداث الواقعة في بعض العصور المتأخرة عن زمن أهل البيت
    ( عليهم السلام ).

وتفسير هذه الأحداث والوقائع في عصرنا هذا، وربطها بروايات تشير إلى أن تلك الأحداث هي علامات الظهور، لا يمكن التعويل عليه، وذلك

  • أولا: في كل عصر من العصور فيه أحداث ووقائع كبيرة وفتن عظيمة فيمكن ربط تلك الأحداث والفتن بعصر الظهور. فمثلا ماذا يقول أهل ذلك العصر الذين عاشوا فتنة الهجوم على النجف الأشرف وكربلاء؟ وماذا يقول أهل ذلك العصر الذي جرى فيه هدم قبور أئمة البقيع؟ وماذا يقول أهل عصر الحرب العالمية الأولى والثانية ؟ وغيرها كثير من الحروب والفتن، فأهل كل عصر يعيشون أحداثا ووقائع جسيمة. فهل كل تلك الأحداث في كل عصر من علامات الظهور؟
  • ثانيا: أغلب تلك الروايات غير ثابتة عند المحققين من العلماء.
  • ثالثا: لا يمكن تثبيت تلك الأحداث ما لم تحدث علامة من العلامات الحتمية، المشار إليها سابقا. فهي المعيار والمقياس لمعرفة عصر الظهور.

وبهذا نقول إن العلامات الحتمية مقياس يقطع الطريق على كل من يدعي أن هذا العصر هو عصر الظهور، وأختم القول في هذه القراءة السريعة لعلامات الظهور، لابد أن نتأمل روايات أهل البيت جيدا ( عليهم السلام ) ولنتأمل أن ليس هناك مرجع من مراجعنا العظام قال إن عصره هو عصر الظهور، بما في ذلك مراجع عصرنا الحالي.

شارك برأيك: