تلي متش وتكسير الزجاج في الملعب بقلم الاستاذ رياض سند

الأستاذ رياض سند
الأستاذ رياض سند

تلي متش وتكسير الزجاج في الملعب

كنتُ جالسًا مع أصدقائي في إحدى ليالي الإجازة نتسامر متذكرين أيام الطفولة، وقد تجاذبنا كثيرًا الحديث عن البرنامج الجماهيري (تلي متش)، نضحك كثيرًا عندما نتذكر تلك الأيام.

ومن لم يعرف هذا البرنامج فهو برنامج ألماني كان يعرض في نهاية الستينات وحقبة السبعينات، تتنافس مدينتين عادةً في كل حلقة، عن مسابقات متنوعة تبلغ عادةً إحدى عشرة مع استخدام الجوكر لكل مدينة لمرة واحدة، وأنا متأكد من أن ابناء جيلي قد داعبتهم ذكريات تلك الحقبة. وقد عرض باللغة العربية في ثمانينات القرن الماضي.

قاطع كلامنا عن هذا البرنامج الممتع أحد الاصدقاء عندما أوصل هاتفه الذكي بالتلفاز ليعرض علينا حلقة منه، شممنا من خلالها رائحة الزمن الجميل.

كنا نضحك ونعلق وتسمرنا أمام التلفاز حتى اقتربنا كثيرًا من الشاشة، وقد أخذ كل واحد منا على عاتقه تشجيع أحد الفريقين. ولسوء الحظ خسر الفريق الذي شجعته، بينما وقف صديقي يتحرك هنا وهناك متباهيًا بالنصر، مكررًا ما كان يفعله في صغره.

انتهت الحلقة وسط ضحكات المتسابقين وفرحة الجماهير، وابتسامة مقدم البرنامج الذي كان يعد أثناء الحلقة باللغة الألمانية لا أفهمها.

لفت انتباهي الروح الرياضية التي كانت تميز الحلقات، وبدأتُ أحدث اصدقائي بها، وأخبرتهم لو ان هذه المسابقة حدثت بين قُرانا ومدننا، فهل سنكون بحجم الروح الرياضية للمنافسة؟

ضرب صديقي على صدره متباهيًا، بأنه سيكسر الزجاج في المكان، وقد كانت هذه الطريقة يعتمدها الفريق الخاسر بتكسير زجاج في الملعب ليفسد متعة اللعب الفريق الفائز- عندما كنا صغارًا بالطبع- وقال آخر بالطبع لن اسمح للقرية الفلانية – تم حجب اسم القرية حتى لا تكون فتنة بين القرى- بالفوز فهذا عار بالنسبة لقريته فوز قرية بعينها. دلى كل فرد منّا بدلوه يبرر أن قريته أحق بالفوز وأن الحكم سينحاز لقرية دون أخرى، وزاد الهرج والمرج، فاستعاض الاصدقاء بالأيدي لبيان قوة حجته، فتحول المكان لمعركة أصيب كلنا فيها.

فالحمد لله أن هذا البرنامج في دولة كفار بعيدة عنا وقارة كافرة بيننا وبينها آلاف الكيلومترات، وإلا لتناحرنا وقتل بعضنا البعض. فلا نريد (تلي متش) فهو برنامج لا يأتي منه سوى المشاكل. فيجب علينا أن نبعد عنا العصبية بين القرى، وأن يسامحني صديقي عندما شججتُ رأسه لأنه ذكّرني بفوز فريق قريته على فريق قريتنا منذ عشرين عامًا.

شارك برأيك: