البلاليط ثم البلاليط ثم البلاليط
دخلتُ على تلاميذ صفي في حصة التربية الإسلامية حاملاً في يدي طبقًا من البلاليط، ووضعته على الطاولة، ثم اخرجتُ ملعقةً لكي أبدأ في أكل البلاليط الشهي الذي أحضره لنا أحد المعلمين كعادته بين الحين والآخر. وقبل أن أبدأ بالأكل بدأتُ أفكرُ بصوتٍ مرتفعٍ: ” أنا أحبُ البلاليط ولكن أفضلُ أن أُقدمهُ للتلميذ الأكثر تحصيلاً للدرجات” فعدد التلاميذ بعض الاسماء.
فقلتُ: ” لا لقد غيرتُ رأيي، سأقدمه لأكثر التلاميذ مساعدة لغيره في الصف” فعدد التلاميذ أسماءً أخرى . ابتسمتُ حينها فقلت لهم ” لا ، لقد غيرتُ رأيي، سأقدم طبق البلاليط لأكثر التلاميذ اجتهادًا في حل الواجبات” فعدد التلاميذ مرة أخرى اسماء مختلفة.
وهكذا كنتُ أغيرُ رأيي في كل مرة والتلاميذ يعددون أسماءً لزملائهم. وعندما فرغتُ من كلامي قدمتُ طبق البلاليط لأول تلميذ في المجموعة الأولى وأنا أطري المديح على طعمه وحلاوته، ولكن التلميذ لم يمد يده ليأكل من الطبق وأشار لزميله الذي بدوره أشار للجالس بجانبه وتنقلتُ من مجموعة لأخرى محاولاً تقديم طبق البلاليط لعل أحدًا ما يأخذه دون جدوى.
أخبرت التلاميذ بأن ما قمتم به هو الإيثار، الذي يقدم فيه الإنسان غيره على نفسه. ولكن لدينا الان مشكلة صعبة من سيتناول طبق البلاليط الآن؟
نلاحظ من خلال هذه القصة بأن القيم الإنسانية لا تعطى شفهيًا، ولكن يجب أن يوضع الفرد في الموقف حتى يكتسب القيمة المراد تعلمها. فالكثير من اولياء الأمور يشتكون من عدم قراءة ابنائهم للكتب والمجلات، وهذا شيء طبيعي لأنه لم يشاهد أبويه يقرأ. أو أن يطلب الاب من ابنه عدم التدخين وهو يراه مدمنًا للتدخين.
وهذا الحال ينطبق على قيمة الإيثار، فعندما وجد التلاميذ الإيثار من معلمهم قلدوا تصرفه، وبخاصة أنه عدد مميزات هذا الطبق الشهي، وكيف أنه يريد أن يضحي من أجلهم.
نعود للقصة فقد تحيرتُ بالحل الذي يرضي جميع التلاميذ في تناول طبق البلاليط، فأمهلتُ المجموعات الست خمس دقائق لإيجاد الحل، وقد تمكنت مجموعتين من إيجاد حل رضيت عنه بقيت المجموعات.
لقد تناول كل تلميذ نصف ملعقة من أجل ان يتذوق الجميع من طبق البلاليط.