باردٌ أم حكيم بقلم الاستاذ رياض سند

الأستاذ رياض سند
الأستاذ رياض سند

باردٌ أم حكيم

ذهبتُ مع اصدقائي إلى ممشى سترة لنتمشى قليلاً، ثم نجلس لنتحدث قبل المغادرة إلى أحد المطاعم الشعبية. ولكن موقًفا ما شدَّ انتباهي، فقد سقطت عُلبةُ عصير فارغة من أحد مرتادي الممشى وتدحرجت حتى توقفت عند قدمي أحد الأشخاص الذي كان يتأملُ البحر، يشمُّ رائحته، وينصتُ لصوته.

انتبه احد المارة للعلبة بين قدمي الرجل المشدود للبحر، وخاطبه:” ارجو المعذرة فقد سقطتْ علبة العصير الخاصة بك، أرجو أن تزيلها فهي تشوه منظر الممشى!”

اعتذر الرجل ورفع العلبة من بين قدميه، ووعد الرجل الواقف بعدم فعلها مرة ثانية، ولكن الرجل  يعجبه الكلام فقال : ” أرجو أن تكون منتبهًا في المرة القادمة فأنت وأمثالك تسيئون لكل ما هو جميل بأعمالكم الوقحة، كرمي القمامة وإزعاج مرتادي المكان”

وللمرة الثاني يعتذر محب البحر، ووعد بأن يتوخى الحذر فيما يفعله، ولن يسمح لأمثاله بتكرار هذه المواقف. انزعج الرجل فابتعد متمتمًا بكلام أعتقد بأنه يوجه له سيلاً من السباب. لم أتمالك نفسي فتوجهتُ للرجل الجالس وهو يُبعد علبة العصير، واستفسرتُ منه لماذا قام بما قام به! هل هو جُبنٌ أو خوفٌ أو ضعفٌ؟!

ابتسم الرجل الغريب وشرح لي معنى كظم الغيظ، وكيف أن الإنسان يجب عليه أن يُبعد عنه كل ما يغضبه، فتفسد عليه متعة اللحظة التي يريد أن يعيشها. كان كلامه مقنعًا ولكن       (كظم الغيظ ) ليس بالسهل ، فأنا جربتُ نفسي في الكثير من المواقف وقد فشلت فيها في كظم غيظي، فهل استطيع أن أكون كالرجل الغريب هذا؟!

كم من المواقف التي تأسفنا على ما فعلناه حينها، بسبب غضبنا وعدم كظم غيظنا، هل من يكظم غيظه خُلق من مادة تختلفُ عنّا، أليس الكثير من المواقف لا تستدعي أن أعيرها اهتمام وجعلتُ منها (من الحبة قُبة ) كما يقول المثل .  شاهدتُ الكثير من المشاجرات وعندما استفسر عن سببها اتعجب كما يتعجب غيري من تفاهة سببها.

قررتُ حينها بأن أتعلم كظم غيظي، وأن أدرب عقلي على إبعاد كل ما يثير غضبي لعلي أجد السلام في نفسي كما وجدها هذا. قمتُ من عنده شاكرًا له نصيحته الثمينة. ولكني اصطدمتُ بشاب يجري دون اكتراث، فوقعتُ على الأرض فصرختُ في وجهه: ” يالك من أحمق ألا تنتبه ؟!”

شارك برأيك: