البكاء الواعي بقلم الأستاذ ميثم عبد الله الشايب

الأستاذ ميثم عبد الله الشايب

 

البكاء الواعي

  • روي عن أبي جعفر الباقر عن علي بن الحسين عليهما السلام: (أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقابا ….) البحار ٤٤ ص ٢٨١
  • الروايات كثيرة في فضل البكاء على سيد الشهداء عليه السلام، هذا البكاء وثوابه العظيم هل يمكننا أن نعتبره هدفا نسعى لبلوغه؟ أم هو سيلة لبلوغ هدف آخر؟!
  • في مقام الجواب يمكن أن نقول بأن هذا البكاء التي تدعو إليه الروايات الشريفة ليس بالضرورة أن يكون هدفا نسعى إليه وإنما قد يكون وسيلة لبلوع هدف أكبر وأعظم..
  • نعم.. البكاء لاستشهاد الإمام الحسين العزيز وما يمثله من تجسيد لكل قيم الإسلام والإنسان، والبكاء لحال هذه الأمة التي تخلت عن فطرتها ومبادئها واسلامها وانسانيتها، وانحدرت إلى أسفل سافلين وقتلت أغلى من في الوجود، وكانوا مصداقا للآية (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى)( سورة البقرة — آية ١٦) .. نعم، هذا البكاء طبيعي وفطري، ولربما كان عدم البكاء هو الاستثناء!
  • لكن.. عندما يبكي هذا المؤمن لما يسمع من مأساة، فإن هدفه من البكاء هو إيقاظ الحس الإنساني في ضميره، هذا البكاء هو بمثابة السلاح القوي الفتاك لكل الشرور المعشعشة في داخله..
  • فهو يبكي الحسين عليه السلام وهو منتبه إلى أن هذا الاحتراق في داخله إنما هو من أجل القيم الإيمانية والرسالية وكل الفضائل التي يمثلها الإمام الحسين عليه السلام.. من أجل العدل والرحمة والصدق والعزة والكرامة ….. هذا البكاء يضع وجدان المؤمن على خط الإمام الحسين عليه السلام وقيمه وأهدافه..
  • إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام بكل تفاصيلها وأحداثها كان هدفها الأساس هو إحداث مثل هذا التغيير المزلزل في ضمائر ووجدان المؤمنين والأمة في كل مكان وزمان، لتكون الصحوة والوعي واليقظة على كافة الأصعدة الإنسانية، ويكون الانتصار على العدو داخليا وخارجيا..
  • فالبكاء ما هو إلا وسيلة يحيا بها المؤمن الشعور الإيماني الإنساني الفطري السليم، فينتصر للحق والفضيلة والتضحية، ومتى ما ثبت وتجذر ذلك في وجدانه فإنه يُترجم لاحقاً لمواقف خارجية تناصر مبادئ الإمام الحسين وقيمه الإسلامية العظيمة..
  • فيكون آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، ناصرا للمظلوم، رحيماً بخلق الله الضعفاء والمحرومين، ساعيا في حوائج الخلق، وما إلى ذلك من أمور..
  • إذن.. هذا البكاء هو البكاء الواعي الذي يصنع انسانا مؤمنا عاملا واعيا، وأما البكاء الذي لا يصنع هذا الانسان فيزول تأثيره في الوقت الذي يُمسح من على خد الباكي!!

 

يا أبا عبد الله..

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكية

 

 

شارك برأيك: