ذات يوم استيقظتُ من النوم – على أساس أني ما أستيقظ من النوم كل يوم – والنشاط والحماس على محياي، وبسرعة وبدون أن أغسل وجهي أو أنظف أسناني فتحتُ الواتس أب لمتابعة آخر ما كتبه الأصدقاء، وقد انصدمتُ للخبر الرئيسي الذي يتداوله الجميع عن الذئب الذي رفع قضية عامة وشخصية يتهم فيها (ليلى والعنزة وأبنائها والخراف) – طبعاً الخراف مجازاً احتراماً للذوق العام.
كان الخبر متصدراً وسائل التواصل الاجتماعي والميديا المرئية والمسموعة. قلتُ متسائلاً: “مستحيل. مستحيل يالها من صدفة فأنا أبحث عن المستحيلات”، فقررتُ الذهاب للمحكمة.
في طريقي للمحكمة تبادرت لذهني الكثير من الأفكار ولن أقولها لكم فأنا في عجلةٍ من امري وأنتم تنتظرون ما ستؤول له المحكمة ولستم بحاجة لمعرفة ما يجول بخاطري. أوووه كم انتم مزعجون، لن أخبركم وكفى.
نعود للقصة مرة أخرى فقد كانت قاعة المحكمة مكتظة بالناس ومن الشخصيات القصصية وغيرها تنتظر بفارغ الصبر. وقد استطعتُ الدخول للقاعة بمساعدة النملتين – أتذكرون الرحلة الأولى ومساعدتي لهما – بالطبع لن أخبركم كيف ساعداني ربما لاحقاً في رحلات قادمة.
عم الصمت القاعة بعد دخول القاضي وبدأت الجلسة.
تكلم الذئب بعد أن أذن له القاضي بالحديث، وبصوته الجهوري قال: “حضرت القاضي، إني اليوم أرفع قضية أطالب بها عدالتكم برد الإعتبار لي ولجميع الحيوانات التي شوهت صورتها طيلة قرون عدة. فأنا – حضرة القاضي- شخص متعلم لدي الماجستير والدكتوراه، كما أن أعمالي المعلنة والسرية تشهد لي.
لقد حاول الإنسان منذ الأزل تشويه صورتي وأخوة يوسف ليست بجديدة عليكم، وقد تم تبرئتي من أصدق الكتب القران الكريم.
إذا نظرت يا حضرة القاضي لمؤهلاتي ومؤهلات المدعى عليهم تجد الفرق الشاسع بيننا”.
أخذ الذئب يتكلم كثيراً وقد كان مقنعاً بكلامه، ولكنه أطال الحديث مما أدخل الملل لنفسي، فأخذتُ أتذكر المقالب المضحكة التي حدثت له، وكيف استقبلها برحابة صدر. ففي أحد المرات أُعطى قطعة لحم مطبوخة مما سبب له آلاما شديدة في المعدة، وأصبح طريح الفراش مدة أسبوع وثلاث ساعات وخمسة عشرة دقيقة.
كنت أضحك بصوت عالٍ حتى سمعه الجميع، فانتبهتُ مرة أخرة لما يقوله الذئب.
“انتم يا حضرة القاضي تنظرون للمظهر دون الجوهر، فليس عيباً أن يكون شكلي هكذا، وليس عيباً أن آكل لحما، فأنتم تأكلونه أيضا ولكنا لا نغدر ببعضنا.
وأختم قولي بالمطالبة برد الاعتبار وتقديم الأعتذار وسحب جميع القصص التي ذُكرتُ فيها، وشكراً”.
حدثت بلبلة في قاعة المحكمة، فالخطبة التي ذكرها الذئب كفيلة بإحداث تغيرات كبيرة، في القصص، فلا استبعد أن أشاهد الذئب يذهب لجدته وتطارده ليلى، أو أن تهجم الخراف على بيت الذئب أو أن تأتي العنزة لتأكل صغار الذئب.
وقطع ما كنت أفكر فيه صوت مطرقة القاضي والذي أعلن فيه أن الذئب مذنب ومع سجنه مدةً لأهانته العنزة وليلى والخراف وجميع الحيوانات. فعرفتُ إننا ننظر للمظهر فقط ومن المستحيل النظر لجوهر الإنسان.