أحدث المواضيع

القوقعة (قصة قصيرة) بقلم زينب إسماعيل

القوقعة ‏

(قصة ‏قصيرة)

كانت تسرع الخطى بين الأزقة على غير هدى، لا تعلم أين تذهب وربما لا تعلم من أين هي قادمة، يتخطفها إعصار أفكارها ويجرف بركان خواطرها ما يأتي عليه في دواخلها، وحين نبهها ألمٌ في قدميها أنها سارت أكثر مما يستطيع جسدها أن يتحمل، انهارت بكل ما تبقى منها على عتبة دار أشبه بالخربة، غرست رأسها بين كتفيها وانطوت على نفسها في وضعية الجنين وبدأت بالنحيب وكأنها نهاية العالم وهي الكائن الوحيد الذي بقي على المعمورة حتى يرثي أحزان الإنسانية وآلامها. لا تتذكر متى تحولت الحياة معه إلى جحيمٍ لا يُطاق، متى كفت كلماته عن التحول إلى بساتين مزهرة في الروح وباتت سكاكيناً ما تنفك عن طعن خاصرة شعورها. لا زالت تشعر بالألم حول معصمها حيث أمسكها بعنفٍ ليمنعها من مغادرة المنزل، وكيف نفضت يدها من قبضته بكل ما لديها من قوة ولّدها شعور القهر الذي أنبتته داخلها شكوكه التي لا تنتهي.

و بينما تتقاتل مع هواجسها و آلامها، فاجأها دبيبٌ غريبٌ شعرت به على ساعدها الأيمن، و بمساعدة من فوبيا الكائنات الصغيرة التي تعاني منها انتفضت و هزت جسدها كله، ثم ألقت نظرةً على ساعدها حيث شعرت بذلك الدبيب، فإذا بكائن ذي قوقعة صغيرةٍ لا زال يلتصق بها، صرخت و دفعته بظاهر يدها اليسرى فسقط على الأرض.

وعلى الرغم من خوفها الشديد الذي يلاحقها منذ طفولتها وربما قبل ذلك من مثل هذه الكائنات، حدسٌ خفيٌ كان يناديها بأن ترفع تلك القوقعة الجميلة عن الأرض لتطمئن على الكائن الذي صفقه خوفها دون رحمة، فأمسكت بالقوقعة بين إبهامها و سبابتها بحذرٍ و بطء، و حين لم يخرج ذلك الكائن من بيته الذي كان يحمله، اطمأنت أكثر و زادته اقتراباً منها، حدسٌ غبيٌ آخر دفعها إلى النظر داخل ذلك الهيكل، و في جزء الثانية التي استقامت فيها زاوية بصرها مع فوهته نزلت ستارة سوداء مفاجئة فوق عينيها و غابت من حيث لا تدري.

انتهى خط السواد بخيطٍ برتقاليٍ تسلل إلى عينيها تدريجياً وكشف الغطاء عن سقف من سماءٍ زرقاء قاتمة تتداخلها أذرعٌ من حمرة، فتحت عينيها وأدركت أن الزمان والمكان قد تغيرا، وحين نهضت تبدّى لها أن جسدها قد تبدل، ربما صَغُر عدة أعوام، هذا الجسد يشبه جسدها عندما كانت في عمر الخامسة عشر، نظرت من حولها، تسمع هدير ماء لا تسمعه كثيراً وهي ابنة المدينة التي لا بحر فيها، نظرت حولها لتكتشف أنها مترّبةٌ على ساحلٍ لا تعرفه وحواليها عويلٌ وبكاءٍ وصُراخ، ما الذي أتى بها إلى هنا؟ إنها تشعر بأنها خارج نطاق نفسها ورأسها يكاد ينفجر من تضارب ذكريات وأفكارٍ تبدو أجنبية عليه.

نهضت ووقفت لا تعلم إلى أين تذهب، ترتسم داخل عقلها صورةٌ لأحجية تجمع نفسها، هي تهرب في جنح الليل مع مجموعة من الأشخاص، أخ؟ أخت؟ أم؟ قبل عدة أشهر تناثرت أشلاء أب بانفجار لغمٍ حيث كان عائداً من عمله؟ لذلك قرروا الهروب من أرضهم بحراً متسترين بأجنحة الظلام وبحماية قلب الليل؟ من هؤلاء الأشخاص؟ وأين سامي زوجها؟ ما الذي يحدث؟ بينما تصارع حالة الفصام هذه، يجذبها أحدهم من ذراعها ويحتضنها، فتاة؟ تهتف:

– “مريم، الحمد لله، عالأقل لا زلت حية”

تفكر: “ولكن هذا ليس اسمي”، لكن هول الحادثة يمنعها أن تنبس ببنت شفة، تفلتها، تنظر إليها، كم تشبهها في ملامحها ونبرة صوتها، تلك هي الفتاة في الأحجية الذهنية، التي تُركِبها الزورق المكتظ وتركب بعدها حاملةً طفلاً ذا ثلاثة أعوام على ذراعها، وعلى ذكر الطفل تسألها:

– “هل رأيتِ أحمد؟”

تتذكر أنها حين نهضت، رأت طفلاً مرمياً بجانبها، يشبه الطفل في الأحجية الذهنية، تستدير لتنظر وذلك يستحث الفتاة الأخرى لتنظر معاه لذات المكان، تتحرك إلى الجثة المرمية هناك تداعبها أمواج البحر وكأنها تربت عليها، تقلب الطفل وتتصنم للحظات ثم تدعوها لتودعه حتى يتمكنوا من دفنه، شعرت بقرصة داخل قلبها، يبدو أن لهذا الطفل مكانة ما في هذا القلب الذي تختلط عليه الصور.

يدفنان الطفل دون شاهد، تتمتم تلك الفتاة “كأن اسمها رانية” بشيء من الدعاء وهمسات الاعتذار، دون دمعة أو صرخة أو نشيج، كأن شيئاً منها مات إلى الأبد. تقول وهي تنفض نفسها عن القبر المفترض: “لم أجد أمي، لعل رحمة البحر ألتهمتها. هلمي معي، هناك خيامٌ مؤقتة قد نصبت لنا”، تلحق الأخت المدعوة دون جدال وكأنها مبرمجة على اتباع أوامرها.

جنّ الليل و أشتد البرد قسوةً و جفاء في تلك الخيام التي لا تغني و لا تسمن من جوع، ثيابٌ مبللةٌ و رثة، جوعٌ يلتهم الأمعاء، شعرت مريم التي ليس من المفترض أن تكون مريم بالخدر يأكل جسدها، لم تعد تفكر كما قبل سويعات بأنه إن أشرقت الشمس و عرفت الزمان الذي هي فيه – حيث ظلت رانية تجيبها بتقويم غريب لم تسمع به في حياتها كل ما سألت عن الزمن- ربما تستطيع الذهاب للبحث عن سامي لينقذها من هذا الجحيم، الأمر كله بسبب تلك القوقعة اللعينة، لعلها مسحورة-،  الآن بات كل ما تفكر به قطعة دفءٍ تمنع هذا الزمهرير من نخر عظامها.

أحاطتها رانية بجسدها في محاولةٍ لتدفئتها وقد كان ذلك ينفع في البداية لكنه كف من مدة عن أداء المفعول المطلوب منه، لقد بدا جسد أختها المفترضة أكثر برودةً من الجو ذاته وحين أستدارت إلى الخلف حيث هما مستلقيتان وجدت عينا أختها المفترضة تحدقان في الفراغ وشفتاها تتلونان بين شحوب وازرقاق، أفزعها الأمر وعلى منظر تلك العينين المفرغتين من الحياة وتآكل دفء جسدها على يد البرد القاتل، عادت الستارة السوداء لتلقي بنفسها على بصرها وعادت العتمة تملؤ كل شيء من جديد، فكرت أنها ربما أخيراً تعود من حيث أتت.

استيقظت هذه المرة على صوت رنين مزعج يتسلل إلى أسماعها بخفوت ثم يعلو و يعلو حتى تشعر به ينخر دماغها، كأنه منبه ساعة، تفتح عينيها لترى سقفاً أبيض، أوه، ربما أخيراً في بيتها، تشعر بصخرة ما تثقل صدرها، لكننها تتجاهلها و تنهض جذلى، لكن لصدمتها تجد نفسها في مكان غريب مرة أخرى، شقة حديثة و فارهة و أنيقة، لكنها ليست مسكنها هي و سامي، تصاب بنوبة هلع لا تعرف سببها، هذه الغرابة أم أمور أخرى تزدحم في عقلها، مستشفى، مناوبة، طبيب مقيم، الجولة الصباحية على المرضى، “لا، لا يتسع عقلي لأحجية جديدة” ،تطفئ المنبه، تنظر إلى الساعة قرب السرير، الخامسة صباحاً، صوتٌ داخليٌ من قلب الأحجية الجديدة يقول لها أنه يجب أن تنهض لتصل إلى المستشفى عند السادسة، تنهض مسرعة، يتحرك جسدها بتلقائية و كأنه مبرمجٌ حيث يذهب، استحمام سريع، تلتقط واحداً من الثياب المغلفة و التي تبدو و كأنها أحضرت للتو من المصبغة، كوب قهوة، جهازها الذكي، مسرعةً إلى سيارتها، تقودها و هي تسترجع في ذاكرتها معلوماتها عن المرضى و صورهم التي تكمل وجه الأحجية، “الحاج محمد” التهاب في المسالك البولية ، مضاد وريدي، نتائج مزرعة في الانتظار، هل ترى ما زالت حرارته تتقافز على أعصابهم؟ “الشاب أحمد” اعتلال في وظائف الكبد واصفرار في الجسد لا يُعرف سببه، هل جهزت النتائج المخبرية الأخرى؟ “الشابة أحلام” جرعة دوائية زائدة، مستقرة ربما تغادر المستشفى اليوم، لو أنها ابتلعت قرصين أو ثلاثة أكثر لنجحت محاولتها في إنهاء حياتها، لماذا لا أملك الشجاعة ذاتها لأقدم على هذه الخطوة؟ وارتعبت فجأةً من تلك الفكرة الدخيلة التي أقحمت نفسها فجأةً في رأسها، لكن صخرة الألم التي شعرت بها حين استيقظت تحركت داخل صدرها، فأدركت حينها أن تلك الفكرة ليست دخيلة، إنها جزء من الأحجية الجديدة.

وصلت إلى المستشفى، مشت مسرعةً في الممرات وكأن كلباً مسعوراً يلحقها، لا تعلم لماذا لكنه رأسها هكذا كان يقوم بدفعها بوعي لاواعي، جاءها هتاف:

– “سارة، توقفي قليلاً”

هذه المرة لما تكلف نفسها عناء إنكار أن هذا ليس اسمها، التفتت، هتف صوتٌ داخلي “رامي”، هذا اسم الرجل، طبيب زميل، تعرفه من أيام مدرسة الطب، شعرت بمشاعر تداخلها تجاه الرجل، سنوات من الحب، الكثير من الحنين وفراق:

– “أعلم أنك على عجلة، فقط امنحيني الفرصة للكلام، ردي على مكالمتي بعد انتهاء وقت العمل”

العجلة داخل رأسها تدور، يجب أن تسرع حتى لا تدفع ثمن هذه الثواني غالياً، تومئ برأسها بالإيجاب وتواصل دربها.

يوم عمل آخر صاخب، صراخ طبيب أعلى منها في الرتبة الوظيفية، صراخها على ممرضة، مريضٌ تتدهور حالته الصحية ويكف عن التجاوب لكل الطرق العلاجية، يودع قسم العناية المركزة، مريض يذهب إلى المنزل متعافياً، مريض تتدهور مؤشراته الحيوية ولا يستطيعون عمل شيء له، تتمدد الصخرة داخل صدرها وتزداد ثقلاً، ينتهي وقت عملها الرسمي وهي لم تنتهي بعد من إنهاء الأمور العالقة، يستمر ذاك الطبيب في الصراخ في وجهها، تتراكم الصرخات فوق صخرة صدرها، يتصل رامي تقطع المكالمة دون أن ترد، يتصل عدة مرات، تضعه في الوضع الصامت.

وبعد مرور عدة ساعات من انتهاء وقت العمل تصل العاصفة إلى شبه نهاية حيث تترك أبوابها مواربة لدخول الغد القادم، حين تعود وتمارس بتلقائية جميع طقوس عودتها من العمل ثم ترتمي على ذلك السرير وتنطوي في نوبة بكاء على نفسها تتآكلها أفكارها ولا تنفك هي تلتهم نفسها معها، تتذكر أنها وضعت هاتفها في الوضع الصامت، تلتقطه، وجدت عشرات المكالمات الفائتة من رامي ورسالة نصية واحدة:

“انسي الأمر، لقد انتهى كل شيء إلى الأبد، كنت مخطئاً حين سمحت إلى كائن أنانيٍ و متعجرف مثلك بالدخول إلى قلبي و العبث بنبضاته، تتصرفين و كأنك الوحيدة ذات أحلام و طموح وظيفي، و كأن تحقيق ذاتك لا يمكن أن يحدث دون تدمير من هم سواك، أو كأن المال كل شيء في هذه الدنيا، استطعت أن ألتمس لك الأعذار في أن تقرري هجري هكذا دون تورعٍ أو مداراة و كأنني لم أكن يوماً شيئاً لكنك كنت مصرةً على أن نقطع هذا الطريق و أنا أكرهك، عشر سنوات، عقدٌ من الزمن لم أكن فيها مستحقاً منك لكلمة أو فرصة أخيرة توصل مشاعري إلى بر السلام، تسليمك قلبي كان أسوء شيءٍ فعلته في حياتي، وداعاً إلى الأبد”

لقد توقفت الصخرة في صدرها عن كونها صخرة، بل تحولت إلى طوفانٍ حارقٍ يحرق كل خلية في جسدها، لم تعد تحتمل المزيد، لم تعد تستطع إيجاد المعنى في كل ما وصلت إليه وحققته، كل شيء بدا مفرغاً وباهتاً ولا يستحق المعاناة.

تبادرت إلى رأسها صورة عدد من الأقراص وضعتها تحت رأسها، أحصتها وعدتها عداً حتى تعطي الجرعة الكافية لتخلصها من عذابها هذا إلى الأبد، كان يجب أن تكف عن الجبن وتتخذ الخطوة الشجاعة بإنهاء كل هذا. التقطت العلبة ووقفت تنظر في المرآة، عينان حمراوان وجفنان منتفخان شعرٌ مبللٌ وجسدٌ هزيل، كانت تعاني مرارةً كبيرةً لإدخال أي شيء إلى فمها منذ مدة، لا تعلم متى كفت عن الشعور بآدميتها وتحولت إلى آلة، لم تعد تستطيع التعرف على نفسها. وقفت أمام المرآة وابتلعت القرص تلوا الآخر ومع كل قرصٍ كانت المهمة تصبح أسهل، ثم أغلقت الإضاءة واستلقت في سريرها. بعد مرور ساعات، بدأت تشعر بآلام في معدتها، ثم بدأت في الاستفراغ، تغفو عينيها من الإنهاك، تستيقظ مع الألم والرغبة في الاستفراغ، تستفرغ وتعود للنوم تواسيها فكرة أنها لن تضطر إلى مواجهة يومٍ جديد، ها هي أتت أخيراً، لقد كانت في انتظارها هذه المرة، الستارة السوداء، استقبلتها هذه المرة بابتسامة.

حين ارتفعت الستارة السوداء مجدداً هذه المرة كان شعورها نقيض حين فتحتها و هي مريم، حرٌ شديد، جسدها أصغر بمرات عديدة، لون بشرتها مختلف، إن عمرها هنا لا يجاوز الثلاثة أعوام، “يا إلهي ما هذا الجحيم!” ، بيت متهالك و متسخ، غرفةٌ واحدةٌ هو و يبدو من قرونٍ غابرة، جسدها واهنٌ و متسخ، أمامها امرأة، تقول الأحجية الجديدة أنها أمها، و حواليها أطفالٌ كثر، من أعمار مختلفة، إلا أن اسوء شيء هذه المرة، أنها حينَ حاولت عدهم، لم تعرف، بدت عاجزة تماماً عن العد، و حين أرادت أن تفتح فمها لتخاطب المشغولين حولها، كانت الأفكار في رأسها شيئاً، لكنها حين حاولت التحدث بها لم تستطع ترجمتها، و كأن فاصلاً معرفياً كان حاجزاً بين ذهنها و لسانها، كان تتصارع داخلها الأحاجي بينما لا يساعدها جسدها و هو في مراحل تطوره الأولى عن التعبير التام، لقد كانت تلك أغرب انتقالة لها مذ نظرت في تلك القوقعة اللعينة.

كانت تشعر بألم شديد في بطنها، تقول الأحجية ها هنا أنها لم تأكل منذ أيام، حمداً لله تستطيع أن تعبر لأمها المفترضة بالقول “أنا جائعة”، لكن تلك الأم تكتفي بنظرة حزينة ودموع صامتة حيث يقول ذهنها الذي يجاوز عقلها أنها لا تملك ما تطعمه هذه الأفواه، لكن الجسد الذي تعيش فيه بمحدودية تطوره ما ينفك يعيد الطلب على تلك الأم المسكينة. بالإضافة إلى ذلك، كانت تشعر بالحمى ترتفع وتنزل وتنهش ذلك الجسد النحيل المتهالك أكثر، وكأن الجوع وحده لا يكفي. فقرٌ وجوعٌ وجهلٌ ومرض، يا له من خليط سامٍ. كانت تعلم بخبرتها في الانتقال بين الحيوات أن هذا الجسد الصغير لن يصمد طويلاً، وأن تلك القوقعة المعتوهة قذفت بها هنا فقط لترى هذا المشهد وتعيش هذه التجربة الوجودية الغريبة الأطوار بين ذهنٍ تتجمع فيه الأحاجي الكبير وجسدٍ صغيرٍ لا يستطيع فك شيءٍ منها.

كانت تستلقي هناك بذاك الجسد الصغير في حجر تلك الأم البائسة التي تنظر إليها وتبكي بكاء عجزٍ ورثاء لنفسها ولطفلها، الألم الذي كان يرتكز في المعدة توزع على كل الجسد الذي كان يذوي تحت وطأة الحمى التي لا تزداد إلى شراسة كلما ضعفت ضحيتها، الستارة السوداء تقترب، لم تستطع حتى أن تتعرف على اسمها في هذه الحياة، تقترب، تقترب، ها هي.

تغرق في السواد تنتظر الحياة الآتية بما تخبؤه من تناقضات ومفاجآت، تشعر بنفسها في المكان الجديد، يخترق الصوت مسامعها يخالطه نشيج:

– “كيف حدث هذا؟”

صوت سامي؟ لقد عادت! تحاول فتح عينيها لتحتضنه، تعجز! ما هذا؟ جاثوم؟ كل ما حدث حلم؟ كابوس؟ ما الذي يحدث، تحاول أن تصرخ مناديةً: “سامي!” لا تتزحزح شفتاها ولا أحبالها الصوتية! يا إلهي، ما الذي يحدث؟ لا تملك خياراً سوى أنت تنصت، صوت غريب:

“لا أحد يعلم، وجدوها ملقاة في الزقاق، ربما سكتةٌ قلبية، ربما اضطراب مفاجئ في نبضات القلب”

يتحدثون عنها؟ الزقاق، لقد كانت في الزقاق، تسمع أصوات أقدام تنسحب، بابٌ يغلق، تشعر فجأةً بثقل على صدرها، و صوت نشيج ، ثم تشعر بآلام شديدة في كل أنحاء جسدها، لتجد نفسها من بعدها قادرة على النهوض و الوقوف بجانب السرير، كما توقعت هذا هو جسدها، و ها هي تقف إلى جانبه و كأنه ليس منها، سامي منكبٌ عليه و ينتحب و يقول كلاماً غير مفهوم ، تلتقط منه اعتذارات و عبارة “لقد كسرت قلبك حتى توقف”، لا يستطيع أن يراها، تذكر آخر مرة كانت هنا في هذا الجانب من الحياة،  تذكر انقباضة سريعة في القلب و نبضة منفلتة و هي تنظر في القوقعة، بدت عابرة لكنها كانت واقعاً القاصمة! لم يكن للقوقعة أي علاقة! لقد خذلها قلبها فحسب! هل يسمون هذه وفاة طبيعية؟ ثم…؟

أوه لا! الستارة السوداء مجدداً!

– تمت –

شارك برأيك: