أحدث المواضيع

مختارات في شهر رمضان – عَظَمَةُ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ والهِ  ( ٤ )

مختارات في شهر رمضان – عَظَمَةُ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ والهِ  ( ٤ )

الاستاذ حسن المطوع
الاستاذ حسن المطوع

ثم إن رسول الله خرج من المسجد الحرام وذهب إلى الصفا والمروة فجلس يدعو الله ويبتهل ، ثم.
رجع إلى المسجد الحرام والتف حوله أهل مكة يتزاحمون ويبايعونه على الإسلام رجالاً ونساءً إلا أفرادًا قلائل
خرجوا من مكة خوفا من القتل .
وجاء رجل ليبايع فأخذته الرعدة والخوف ،
فنظر إليه رسول الله بكل عطف ورحمة
وقال له : هوِّن عليك فإني لست بملكٍ ، إنما أنا ابن إمرأة كانت تأكل القديد بمكة و( القَدِيدُ من اللحم : ما قُطِعَ طولاً ومُلِّح وجُفِّف في الهواءِ والشمس )
وجاءت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان فطلبت منه العفو عما مضى منها فعفى عنها ، وأسلمت .
وكما عفى رسول الله عن كثير من ذوي الجرائم الكبيرة هاهو يعفو عن صفوان بن أمية وكان قد قاوم المسلمين عند دخولهم مكة وبعد ذلك انهزم وهرب ، فطلب له عمير بن وهب الأمان ، فأعطاه النبي الأمان ، وبعدها قدِم على رسول الله وقال ما معناه:، إما أُسلِم لكَ الآن أو إعطني شهرين . فقال له رسول الله :
انزل أبا وهب ولك أربعة أشهر ، فاطمأن لمصيره وبقي على شركه . ولما كانت غزوة حنين اشترك مع النبي فيها ، ولما انتهت المعركة وعادوا الى مكة مر رسول على شِعْبٍ مملوء من النعم والأغنام فقال له رسول الله أيعجبك يا أبا وهب ؟
( يعني هذا الوادي بما فيه )
قال صفوان : نعم .
قال له النبي : هو لك بما فيه .
فقال صفوان : ما طابت نفس أحدٍ بمثلِ هذا إلا نفسُ نبيٍ وأنا أشهدُ أن لا اله الا اللهُ وأنك يا محمدُ رسول الله .
أكبَرتْ قريشٌ جميعَ مواقفِ رسول الله ، تلك المواقف التي تجلَّتْ عن نفسٍ كبيرةٍ عظيمةٍ ، وعن قلبٍ محبٍ سمِحٍ كبيرٍ يسع بأخلاقه وتعامله جميع الناس، وكشفت عن عقلٍ يقدر الإنسان و يحترم حقوقه ، فمالت قلوبهم إليه بكل قناعة وصدق وإخلاص .
فأقبلوا على الإسلام يقول بعضهم لبعض : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك في بيته صنما إلا حطمه ، واستسلم سادة قريش ٍ وأتباعهم ، وعلتْ كلمةُ الله في جنبات مكة وأنزل الله على رسوله :
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿إِذا جاءَ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ ۝ وَرَأَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ في دينِ اللَّهِ أَفواجًا ۝ فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا
ولقد صدق الله العظيم حين قال :
( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة 128.
هذا قليل من عظمة النبي محمد صلى الله عليه وآله ، وهذه بعضٌ من مواقفهِ العالية التي تكشف عن نفسه الكبيرة العظيمة وعن قلبه العطوف الرحيم ، وعن حسن تعامله في جميع المواقف في الشدة والسلم ، كما تكشف عن تلك المبادئ الأخلاقية الإنسانية الربانية التي جاء بها هذا النبي صلى الله عليه وآله للبشرية كافة .

والحمد لله رب العالمين

—————-
السرد التاريخي : راجع كتاب سيرة المصطفى .لهاشم معروف الحسيني .

شارك برأيك: