الشاعر اسماعيل بن محمد الحِمْيَرِي
مسألة التوفيق من الأمور الحسنة الطيبة الذي يسعى الإنسان إليها ويحب الوصول إليها ، لكن هناك أمر مهم جدا وهو أن تتوفق إلى عناية الإمام المعصوم عليه السلام بك ، وأن يستمع إلى كلامك ويبكي حتى تجري دموعه على خديه ، فذلك أمر في غاية الأهمية ، وهذا لايكون إلا بالإخلاص والذوبان في حبهم عليهم السلام وحتى تصل إلى هذه النقطة تحتاج إلى أن تكون متيقظًا دائما وحاضر القلب .
الوصول إلى هذا التوفيق وهو الحصول على رضا الإمام عليه السلام ليس بكمية الأعمال ، وإن كانت كثرة الأعمال لها أثر جميل قريب وبعيد على النفس والقلب ، لكن جودة العمل ونوعه الذي إذا وضع في الميزان حاز على رضا وحب النبي صلى الله عليه وآله ، والأئمة المعصومون عليهم السلام ، فهم الميزان وهم المقياس الذي توزن به الأعمال .
اليوم نلتقي مع أحد شعراء أهل البيت وهو مثال صادق في الحصول على التوفيق والنجاح الحقيقيين ، هذا الشاعر هو اسماعيل بن محمد الحِمْيَرِي .
الشاعر اسماعيل بن محمد الحِمْيَرِي
كان من أفضل الشعراء الموالين لعلي بن أبي طالب عليه السلام ولأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولد عام 105هجرية ، والعجيب أن هذا الشاعر كان من أسرة أباضية تكن العداء والنصب لعلي بن أبي طالب وكانت تسكن في عُمانَ ، وبعد أن كَبَرَ هاجر إلى العراق .
كان يتأذى كثيرا من أبيه وأمه لِمَا يرى منهما السبَّ والشتمَ لعليٍّ عليه السلام ، فكان إذا فاض به الحزن والأذى لشدة ما يسمع منهما يخرج من البيت ويهيم على وجهه ينام في المساجد ، فلا يرجع إلى منزله إلا إذا اشتد به الجوع وأخذ منه مأخذه .
وفي يوم من الأيام قال لأبويه :
إنّ لي عليكما حقاً يصغرُ عندَ حقّكما عليَّ ،
فجنِّباني إذا حضرتكما ذكرَ أمير المؤمنين عليهالسلام ، بسوءٍ، فإنّ ذلك يزعجني وأكرهُ عقوقكما بمقالتكما ، فتماديا في غيّهما ، يقول هو : فانتقلتُ عنهما ، وكتبتُ إليهما شعراً ، وهو :
خِفْ يا محمدُ فالقَ الإصباحِ
وأزِلْ فسادَ الدين بالإصلاحِ
أَتسبُّ صنوَ محمدٍ ووصيَّه ؟
ترجو بذلك الفوزَ بالإنجاحِ
هيهات قد بَعِدَتْ عليك وقربا
منكَ العذاب وقابض الأرواح
أوصى النبي بخير وصيةٍ
يوم الغدير بأبيَنِ الإفصاحِ
فتواعداني بالقتل ، فأتيتُ الأميرَ عقبةَ بن مسلم فأخبرته خبري ، فقال لي : لا تقربهما ، وأعدَّ لي منزلاً أمر لي فيه بما أحتاج إليه وأجرى عليَّ جراية تفضُلُ عن مؤنتي.
والأعجبُ من هذا فقد كان هذا الشاعر أباضيا ثم تحول إلى شيعي كيساني ( يقول بإمامة محمد بن الحنفية ، ثم تحول إلى شيعي إمامي على يد الإمام الصادق ( عليه السلام ) .
و روى التميمي علي بن اسماعيل عن أبيه
كنت عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام إذ استأذنَه آذنُه للسيدالحميري ، فأمر بايصاله ، وأقعد حرمه خلف ستر ، ودخل فسلم وجلس ، فاستنشده ( الإمام الصادق عليه السلام ) فأنشد السيد الحميري :
أمررْ على جسد الحسين
وقل لأعظمه الزكية
أَ أعظمًا لازلتِ من
وطفاءَ ساكبةٍ رويةٍ
فإذا مررت بقبره
فأطلْ به وقفَ المطية
وابكِ المطهرَ للمطهّرِ
والمطهرةِ النقية
كبكاء مُعولةٍ أتتْ
يوما لواحدِها المنيةُ
يقول الرواي حتى رأيتُ دموعَ الإمام الصادق عليه السلام تجري على خديه ، وارتفع البكاء والصراخ في داره ، فأمره بالإمساك ، فأمسك .
——————-
الكثير من المصادر قد ترجمت لهذا الشاعر ، ويمكنك مراجعة بعضها .