مختارات في شهر رمضان – معاناة أمير المؤمنين ( عليه السلام)

معاناة أمير المؤمنين ( عليه السلام)

 

الاستاذ حسن المطوع
الاستاذ حسن المطوع

نشير هنا الى حادثتين مشهورتين في حياة أمير المؤمنين عليه السلام وهاتان الحادثتان تكشفان بوضوح مدى الألم والغصة والحزن الذي يعانيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .

<

p style=”text-align: justify;”>1- يوم 
الرَّحْبَة 

<

p style=”text-align: justify;”>هي الأرضُ الواسعة ، و الساحة التي تكون بين أفنية البيوت ، كما و تُطلق على باحة المسجد .
و قال العلامة الطريحي (رحمه الله)
” الرَحبة محلة بالكوفة .
و يومُ الرَّحْبَة هو اليوم الذي جمع الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام ) الناس في رَحْبَة الكوفة ــ عندما نُوزِعَ في الخلافة ــ بعدما تولى الخلافة و ناشدهم على أن يقوم كل من شهد و سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير ، و استشهدهم قائلا  : “انشد الله كل امرئ إلا قام و شهد بما سمع ـــ أي بما سمع من رسول الله يوم الغدير ــ و لا يقم إلا من رآه بعينه و سمعه بأذنيه” ، فقام ثلاثون صحابيا فيهم اثنا عشر بدريا ، فشهدوا . ( 1 )

2- يوم رفع المصاحف

<

p style=”text-align: justify;”>
استمرّ القتال أياماً في معركة صفين أظهر خلالها أصحاب الإمام صبرهم وتفانيهم من أجل انتصار الحقّ ثمّ إنّ الإمام (عليه السلام) قام خطيباً يحثّ على الجهاد فقال: أيّها الناس قد بلغ بكم الأمر وبعدوّكم ما قد رأيتم، ولم يبق منهم إلاّ آخر نفس، وإنّ الاُمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأوّلها وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغنا، منهم ما بلغنا وأنا غاد عليهم بالغداة اُحاكمهم إلى الله عزّ وجلّ[2].
فبلغ ذلك معاوية وقد بدت الهزيمة على أهل الشام فاستدعى عمرو بن العاص يستشيره وقال له: إنّما هي الليلة حتى يغدو عليّ علينا بالفيصل فما ترى؟
قال عمرو: أرى أنّ رجالك لا يقومون لرجاله ولست مثله، وهو يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره، أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم وأهل الشام لا يخافون عليّاً إن ظفر بهم، ولكن ألقِ إليهم أمراً إن قبلوه اختلفوا وإن ردّوه اختلفوا اُدعهم إلى كتاب الله حكماً فيما بينك وبينهم[3] فأمر معاوية في الحال أن ترفع المصاحف على الرماح، ونادى أهل الشام: يا أهل العراق! هذا كتاب الله بيننا وبينكم من فاتحته الى خاتمته من لثغور أهل الشام من بعد أهل الشام ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق؟
وكانت هذه الدعوى المضلّلة كالصاعقة على رؤوس جيش الإمام، فهاج الناس وكثر اللغط بينهم، وقالوا: نجيب الى كتاب الله وننيب إليه، وكان أشدّ الناس في ذلك أحد كبار قادة جيش الإمام عليّ الأشعث بن قيس.
فقال لهم الإمام (عليه السلام): عباد الله! امضوا على حقّكم وصدقكم وقتال عدوّكم،( … ) وَيْحَكُم! والله ما رفعوها إلاّ خديعةً ووهناً ومكيدةً، إنّها كلمة حقّ يراد بها باطل.
فخاطبوا أمير المؤمنين باسمه الصريح قائلين: يا عليّ، أجب إلى كتاب الله عزّ وجل إذ دعيت إليه وإلاّ ندفعك برمّتك إلى القوم أو نفعل كما فعلنا بابن عفّان.
ولم يجد الإمام (عليه السلام) مع المخدوعين سبيلاً فقال: فإن تطيعوني فقاتلوا وإن تعصوني فاصنعوا ما شئتم[4].
وكان في ساحة المعركة مالك الأشتر يقاتل ببسالة ويقين حتى كاد أن يصل إلى معاوية فقالوا لأمير المؤمنين: ابعث الى الأشتر ليأتينّك ولكنّ الأشتر لم ينثنِ عن عزمه في القتال، لأنه يعلم أنّ الأمر خدعة فهدّدوه بقتل الإمام (عليه السلام)، فعاد الأشتر يؤنّبهم فقال لهم: خُدعتم والله فانخدعتم ودُعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود كنّا نظن أنّ صلاتكم زهادة الى الدنيا وشوق إلى لقاء الله، فلا أرى فراركم إلاّ إلى الدنيا من الموت.
وأقبل الناس يقولون قد رضي أمير المؤمنين ، والإمام (عليه السلام) ساكت لا يفيض بكلمة مطرق الرأس حزيناً، فقد انطلت الخديعة على جيشه فتمرّد عليه.
ولم يعد ( الإمام ) باستطاعته أن يفعل شيئاً وقد أدلى (عليه السلام) بما مُنِي و أُصيبَ به بقوله:
لقد كنت أمسِ أميراً فأصبحت اليوم مأموراً وكنت بالأمسِ ناهياً فأصبحت اليوم منهيّاً[5].
وبعدها صارت قضية التحكيم والتي جرت خلاف إرادته سلام الله عليه .

ساعد الله قلبك يا مولاي يا أمير المؤمنين وأنت تتلوى في شرب مرارة هذا الغصص ، وتتألم من عذاب هذه المحن .
——————-
[1] مركز الإشعاع الإسلامي .
[2] كتاب سليم بن قيس: 176، والكامل في التأريخ: 3 / 310.

<

p style=”text-align: justify;”>
[3] وقعة صفّين: 347، وتأريخ الطبري: 4 / 34.

<

p style=”text-align: justify;”>
[4] وقعة صفّين: 481، وتأريخ الطبري: 4 / 34 و 35 ط مؤسسة الأعلمي .

<

p style=”text-align: justify;”>
[5] نهج البلاغة الخطبة 208 ط مؤسسة النشر الإسلامي.

شارك برأيك: