كيف توزن الأعمال يوم القيامة ؟
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ .
(الكهف : ٤٩)
1️⃣ كلمة ” القسط ” هنا ذُكرت صفة للموازين، وهذه الموازين دقيقة ومنظمة إلى الحد الذي تبدو وكأنها عين العدالة .
🔻ونتيجة لهذا القسط الذي هو العدل ، فلا تظلم نفس شيئا ، فلا يُنْقَص من ثواب المحسنين شئ، ولا يُضَاف إلى عقاب المسيئين شئ.
🔻وهناك دقة في الحساب ، بل وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين.
🔻” الخردل ” نبات له حبة صغيرة جدا يُضْرَب المثلُ بها في الصغر والحقارة ، وجاء نظير هذا التعبير في موضع آخر من القرآن بتعبير مثقال ذرة .
🔻ومما يستحق الانتباه أنه قد عُبِّر في ست مواضع من القرآن ب مثقال ذرة وفي موضعين ب مثقال حبة من خردل.
2️⃣ ما هو ميزان الأعمال يوم القيامة ؟
🔻لقد وقع كلام كثير بين المفسرين والمتكلمين حول كيفية وزن الأعمال يوم القيامة، وحيث أن البعض تصور أن وزنَ الأعمال وميزانَها في يوم القيامة يشبه الوزن والميزان المتعارف في هذه الحياة .
🔻مع ملاحظة أن الأعمال البشرية ليس لها وزن، وخفة وثقل يمكن أن يعرف بالميزان، لهذا لابد من حل هذه المشكلة عن طريق فكرة تجسم الأعمال، أو عن طريق أن الأشخاص أنفسهم يوزَنون بدل أعمالهم في ذلك اليوم.
حتى أنه روي عن ” عبيد بن عمير ” أنه قال: ” يؤتى بالرجل الطويل العظيم فلا يزن جناح بعوضة ” إشارة إلى أن أولئك الأشخاص كانوا في الظاهر أصحاب شخصيات كبيرة، وأما في الباطن فلم يكونوا بشئ .
🔻المُسَلَّم به هو أن أعمال الإنسان توزن في يوم القيامة بأداة خاصة لا بواسطة موازين مثل موازين الدنيا، ويمكن أن تكون تلك الأداة نفس وجود الأنبياء والأئمة والصالحين، وهذا ما يستفاد – أيضا – من الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام).
ففي بحار الأنوار ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: ونضع الموازين القسط أنه قال: ” والموازين الأنبياء، والأوصياء، ومن الخلق من يدخل الجنة بغير حساب ” .
🔻وجاء في رواية أخرى: إن أمير المؤمنين والأئمة من ذريته (عليهم السلام) هم الموازين .
ونقرأ في إحدى زيارات الإمام أمير المؤمنين المطلقة [ السلام على ميزان الأعمال ]
فكل من شابههم كان له وزن بمقدار مشابهته لهم، ومن بَعُدَ عنهم كان خفيف الوزن، أو فاقد الوزن من الأساس.
——————————————
راجع التفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي جزء 10 صفحة 175