مقالة لجمعية مدينة عيسى الخيرية
الموضوع: الشباب و تطلعات المستقبل
العنوان: نحن نريد دفة السفينة
كتب: علي سامي الدولابي
لو بدأنا هذه المقالة بسؤال، من هم الشباب في ساحة العمل التطوعي؟ يعرفهم البعض على أنهم تلك الفئة التي انضمت حديثًا للعمل التطوعي، و يعرفهم آخرون على أنهم اللذين لم يسبق و شاركوا كثي ًرا في هذه المجال، و قد يعرفهم البعض بفئة ذات الحماس و الإبداع، القادرين على الإنتاج و التميز، كما و يصفهم البعض بالطاقات قليلة الخبرة… و الشباب كفئ ٍة عمري ٍة متف ٍق عليها هي ما بين الكهول ِة و المراهقة، و عندما يختلط هذا التعريف بما سبق، سيكون الشباب فيميدانالعملالتطوعيهمتلكالطاقاتالمتجددةمتفاوتةالخبرةوالتيتلعبدوًراهاًمافينقلالعملالتطوعيمن مستوى لآخر بحماسهم الذي لا ينضب، و حيويتهم التي لا تهدأ. و لا يختلف اثنان في أهمية هذه الفئة على جميع الأصعدة
يتطلع الشباب في باحة التطوع، بما فيها من رواد و مؤسسا ٍت، إلى الكثير، سأتطرق في هذا المقال لشي ٍء واحد اظنه من الأولويات التي يلاحقها الشباب و يحتاجها، و حال نيلها سيكون عطاؤهم مضاعفًا، و لكن ”بشرطها و شروطها“. نموذج السفينة و الربان خير مدخل؛ فالسفينة تحتاج لمن يقوم بإدارتها و ضمان سير رحلتها، و التصرف الصحيح في حال اعترض رحلتها أي خطر، الربان هو الشخص الموكل له هذه المهمة، و من البديهي ج ًدا أن لكل سفين ٍة ربان! اختيار هذا الربان لا يكون إلا عن طريق الثقة به، الثقة النابعة من معرفة، سلوك سليم، خبرة و الجاهزية المؤهلة لهذه المهمة. يتطلع الشباب اليوم لاستلام زمام الأمور في مختلف المجالات و منها مجال العمل التطوعي، هم يطمحون لإدارة المؤسسات و الارتقاء بالعمل، لترك بصمتهم و التغيير، شباب اليوم يريد دفة السفينة، سيبحر بها بعي ًدا، لكن قبل كل ذلك عليه أن يعد نفس ُه ر َّبانًا لها…
لو فتشنا في القرى و المدن سنرى بصمة الشباب واضحة في العمل المؤسساتي، و لو سألنا سؤال مهم ج ًدا، كم نسبة مشاركة الشباب في إدارة المؤسسات هذه؟ لا داعي لذكر رقم معين لكن يمكن التعبير عنها بالمتوسطة المائلة للقلة أكثر من الكثرة، لماذا؟ انه موضوع شائك، و لتناوله أنت بحاجة لعدة مقالات، و لكن أحد أسبابه المهمة هو ما نتناوله في هذا المقال و هو اعداد الكوادر العاملة -و يكفينا تسليط الضوء عليه- . قد يتساءل البعض الآن هل من المهم ادارة الشباب للمؤسسات؟ دعهم يعملون و يبدعون تحت رقابة ذوي الخبرة.. هذه نظرة قاصرة، فكرة انخراط الشباب في ادارات المؤسسات هو ليكونوا مؤهلين لاستلامها و ادارتها بمفردهم بما لديهم من خبرة مكتسبة من ذوي الخبرة، و لو أردت مثال مبسط، فمن يدير المؤسسة الآن كشخص يعلم كيف يستخرج الماء من بئر و يجلبه للبقية، تخيل أنه فارق الحياة وليس هناك من يعلم أين و كيف يتم جلب الماء؟! لو ع ّلم واحد فقد ه ّيأ هذا ليكون مكانه يو ًما، و هكذا…
الإعداد هو لب التطور، يحتاج ميدان العمل التطوعي اليوم لمثل هذا الإعداد على مستوى الكوادر و جني ثماره مستقب ًلا، اعداد الكوادر العاملة هو أهم استثما ٍر تقوم به أي مؤسسة، عائلة، مجتمع أو حتى دولة لضمان استمرار العمل و ترقيته للأفضل، و هذه سنة الحياة، فالأب يدير أمور المنزل حتى يتوفى، فيليه الابن، سيتزوج الابن و سينجب ابنًا آخر، و هكذا، ان لم يتم تهيئة الابن لإدارة المنزل بعد والده فلك أن تتخيل ما سيجري… كيفيتمإعدادالشبابلإدارةمؤسساتالعملالتطوعيالخيرية؟تلعبالمؤسساتدوًرامهًما،الأفراد،والشباب أنفسهم في مهمة الاعداد، و على كل من هؤلاء أن يساهم في اعداد الكوادر بما يسعه من وق ٍت و جه ٍد.
الفرد الذي في يومٍ ما كان يترأس لجنة\مؤسسة\عمل تطوعي، أو حتى من شارك في فعاليا ٍت متعددة، يمكنه أن يخصص من وقته لورشة عمل\محاضرة من ٤٠ دقيقة يطرح فيها تجربته و أهم النصائح المتبلورة بعد كل ما خضه. نقل هذه
التجارب و النصائح تجعل الشاب في يومٍ ما جاهز لاتخاذ قرار مبني على مطالعة، و توقع سليم إلى النتائج و التبعات، و هي مهمة الفرد في الاعداد. أما بالنسبة للشاب نفسه، فمهمته هي الاقبال على مثل هذه الورش و الانتفاع بها قدر الامكان، أخذ الخبرة من الأكبر سنًا يزيد في الحكمة لديك، ليس عيبًا على الإطلاق، خبرتهم نتاج تجارب و سنين عمل، و نقلها لك في وقت مبكر يعني أنك ستتجنب كل ما وقعوا فيه من أخطاء، و سيحسن ذلك الانتاجية لديك. على الشباب أي ًضا الاقبال على المشاركة في الفعاليات و البرامج، بالاضافة إلى الدخول في تنظيمها و اعدادها ليكسبوا خبرتهم الخاصة من تجاربهم الشخصية.
و أما المؤسسات، فلم لا يكون هناك برنامج تضعه كل مؤسسة كما تريد، وظيفته الأساسية هي اعداد الكوادر؟ تتضمن ورش عمل\محاضرات\دورات\غيرها… بحيث أن يحضى الشاب بعناية، و يعطى مساحة ليفكر في فعالية و يديرها، مساحة ليساعد في ادارة بعض لجان المؤسسة بما لا يضر بعمل المؤسسة، لو افترضنا أن لمؤسس ٍة ما ١٠ أعضاء، و قد قمت هذه السنة بإعداد برنامج يهيأ ١٠ آخرين من الشباب، ثم اعداد آخرين في السنة القادمة و صقل السابقين بجعلهم يدخلون في مجلس الإدارة، فبعد ٥-١٠ سنين، كم عدد الكوادر المؤهلة لإدارة المؤسسات في قري ٍة ما ؟ و لو فرضت فشل البعض، و عدم استمرارية البعض، فما زلت تمتلك كمية ليست بقليلة و كلها مؤهلة للإدارة، لاح ًقا لن تقلق؛ هؤلاء سيقومون بنفس الدور و ربما بفاعلية أكثر حتى…
لو نجحنا كأفراد و شباب و أي ًضا كمؤسسات في اعداد برامج تصنع كوادر مؤهلين مستقب ًلا لتولي زمام الأمور ومن -الأليفلينالياء-،فليسهناكنجاحيوازيهذاالنجاح،سنضمناستمراريةهذاالعطاء،وحتًماتطورهمعالوقت، الشباب بطاقاتهم قادرين على ما يظنه البعض صعبًا مستحي ًلا