آداب الصيام
إن الأدب عنوان فلاح المرء، ومناط سعادته في الدنيا والآخرة، وأكمل الأدب وأعظمه هو الأدب مع الله -جل وعلا- بتعظيم أمره ونهيه والقيام بحقه .
ومعلوم أن لكل عبادة أدب، فالصلاة لها أدب، والحج له أدب، وهكذا، والصوم من هذه العبادات فهو أيضا له آداب عظيمة لا يستقيم إلا بها، ولا يكمل ولا تترب اثاره إلا باستحضارها.
ولعلنا نتوفق من خلال هذه الأسطر إلى تسليط الأضواء على الآداب التي ينبغي على الصائم أن يتحلى بها، والتي لو تساهل أو تهاون بها خدشت في صيامه، وأنقصت من أجره، والتي
هي :
🔹الاستهلال في الليلة الأولى
فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا استهل شهر رمضان بعد أن يستقبل القبلة بوجهه ويقول :
اللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية المجللة، والرزق الواسع، ودفع الأسقام، وتلاوة القرآن، والعون على الصلاة والصيام، اللهم سلِّمنا لشهر رمضان، وسلِّمه لنا، وتسلَّمه منا حتى ينقضي شهر رمضان وقد غفرت لنا .
🔹-أن يتذكر الصائم حالة الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلونه بيسر في أكثر الأيام، فيحمد الله ويشكره ويهتم في مساعدتهم، فعن هشام بن الحكم، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن علة الصيام ؟
فقال: إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير، لأن الغني كلما أراد شيئا قدر عليه، فأراد الله تعالى أن يسوِّي بين خلقه، وأن يذيق الغني مس الجوع والألم ليرق على الضعيف ويرحم الجائع .
🔹– أن يتذكر الصائم جوع وعطش الآخرة وهول يوم القيامة
فعن الإمام الرضا عليه السلام
أنه قال: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا على فقرالآخرة، وليكون الصائم خاشعا ذليلاً مستكيناً مأجوراً محتسباً عارفاً صابراً على ما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب .
🔹- تناول السحور
وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله : [ السحور بركة ]وقال صلّى الله عليه وآله : [ لا تدع أمتي السحور، ولو على حشفة . أي : حتى لو على تمرة يابسة فلا يدع السحور، وحتى لو لم يكن راغباً في الطعام فليأكل استنانا بسنته صلّى الله عليه وآله ، فيكون بذلك مثاباً مأجورا، فعن الإمام الصادق عليه السلام ، أنه قال 🙁 تسحروا ولو بشربة من ماء ) ،
وقال عليه السلام : ( إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار ) .
🔹-الاجتناب عن فعل المحرّمات قولاً وفعلاً وإلا ذهب أجر صيامه ولم يحصل إلا على الجوع والعطش .
قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (رُبَّ صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش .
وعن فاطمة الزهراء عليها السلام قالت : ( ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه ؟ )
🔹- الإكثار من تلاوة القرآن والدعاء والاستغفار والصلاة على محمد وآل محمد
قال الإمام الباقر(عليه السلام) :
( لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان ) ، وقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (من أكثر فيه من الصلاة عَليَّ ثَقَّل الله ميزانه يوم تخف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور ) .
🔹-أن يسعى الإنسان إلى إفطار الصائمين ففي ذلك أجر عظيم، فعن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) :
( من فَطَّر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر، كان له بذلك عند الله عتق نسمة ، ومغفرة لما مضى من ذنوبه ) وورد عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) أنه قال : ( من فطَّر مؤمناً كان كفارةً لذنبه إلى قابل، ومن فطَّر اثنين كان حقاً على الله أن يُدخله الجنة ) وعنه(عليه السلام) : ( من فطَّر صائماً مؤمناً وكَّل الله به سبعين ملَكاً يقدِّسونه إلى مثل تلك الليلة من قابل ) ، وعنه عليه السلام قال :
( يا سدير، إنَّ إفطارك أخاك المسلم يعدل رقبةً من ولد إسماعيل )
🔹-تقديم الصلاة على الإفطار
عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) أنه سُئل عن الإفطار، أَ قبلُ الصلاة أو بعدها ؟
فقال : إنْ كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليُفطر معهم، وإن كان غير ذلك فليُصلِّ ثم ليفطر) ، وفي رواية أخرى عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) أنه قال:
( في رمضان تصلي ثم تفطر، إلا أن تكون مع قومٍ ينتظرون الإفطار، فإنْ كنتَ تفطر معهم فلا تُخالف عليهم، فأفطر ثم صلِّ وإلا فابدأ بالصلاة، قلتُ: ولم ذلك ؟
قال لأنَّه قد حضرك فرضان :
الإفطار والصلاة، فابدأ بأفضلهما، وأفضلُهما الصلاة، ثم قال: تُصلِّي وأنت صائم فتكتب صلاتك تلك فتختم بالصوم أحب إلي ) .
🔹-الإفطار على أطعمة مخصوصة قال الإمام الصادق(عليه السلام) : (كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أول ما يفطر عليه في زمن الرطب، الرطب، وفي زمن التمر، التمر)،
وعن الإمام الباقر(عليه السلام) :
قال: (كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله) إذا صام فلم يجد الحلو أفطر على الماء)، ويستحب أن يكون الماء فاتراً ، فعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال : ( إذا أفطر الرجل على الماء الفاتر نقى كبده، وغسل الذنوب من القلب، وقوى البصر والحدق ) .
🔹-الدعاء بالمأثور عند الإفطار
يستحب للصائم تلاوة سورة القدر عند إفطاره، فعن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: (من قرأ إنا أنزلناه عند فطوره وعند سحوره كان فيما بينهما كالمتشحط بدمه في سبيل الله) .
وعن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال : من دعا بهذا الدعاء عند الإفطار خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . وهو : ( يا عظيم يا عظيم ياعظيم أنت الله لا إله إلا أنت ، إغفر لي الذنب العظيم إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت يا عظيم ) و عن الإمام موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام ( ان لكل صائم عند فطوره دعوة مستجابة، فإذا كان أول لقمة فقل: ( بسم الله يا واسع المغفرة اغفر لي )
🔹-الإكثار من الصدقة
قال الإمام الصادق(عليه السلام):
( من تصدق في شهر رمضان بصدقة صرف الله عنه سبعين نوعا من البلاء .
——————
للمزيد يمكن العودة لشبكة الإمام علي عليه السلام