أحدث المواضيع

مختارات في شهر رمضان – قصةُ الدُرَّاعَةِ السوداء – الاستاذ حسن المطوع

قصةُ الدُرَّاعَةِ السوداء
( كرامةٌ للإمام موسى الكاظم عليه السلام )

مقدمة
كان علي بن يقطين على صلة وثيقة بإمامهِ موسى الكاظم عليه السلام .
ومن الشيعة المخلصين إليه ، وكان من المقربين لهارون العباسي حيث أسند إليه منصب الوزير الأهم و أقرّ خاتم الحكم في يده ، ولا ريب في تشيعه ، رغم تكتمه على مذهبه أمام السلطة العباسية .

الدُرَّاعَةُ السوداء
عن ابن سنان قال :
أنّ هارون الرشيد حمل في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها وكان في جملتها دراعة خزٍّ سوداء من لباس الملوك مثقلةً بالذهب.
فأنفذ علي بن يقطين جل تلك الثياب إلى أبي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام وأنفذ في جملتها تلك الدراعة، وأضاف إليها مالاً كان أعدّه له على رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله.

فلمّا وصل ذلك إلى الإمام الكاظم عليه السلام قَبِلَ المال والثياب، وردّ الدراعةَ على يد الرسول إلى علي بن يقطين وكتب إليه :
أن احتفظ بها، ولا تخرجها عن يدك ، فسيكون لك بها شأن، تحتاج إليها معه ، فارتاب علي بن يقطين بردّها عليه، ولم يدرِ ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدراعة فلمّا كان بعد أيّام تغيّر علي بن يقطين على غلامٍ كان يختص به ( يعني كان خادمًا عنده ) فصرفه عن خدمته، وكان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلى الإمام الكاظم عليه السلام ويقف على ما يحمله إليه في كل وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك.

فسعى ( شكى ) به إلى هارون الرشيد فقال : إنه يقول بإمامة موسى بن جعفر، ويحمل خمس ماله في كل سنة ، وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا.
فاستشاط الرشيد لذلك، وغضب غضباً شديداً، وقال لأكشفنّ عن هذه الحال ، فإن كان الأمر كما يقول أزهقت نفسه.
وأنفذ في ( نفس ) الوقت بإحضار علي بن يقطين فلمّا مثل بين يديه .
قال له: ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها ؟
قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم، فيه طيب، وقد احتفظت بها، وقلّما أصبحت إلا وفتحت السفط، فنظرت إليها تبركاً بها، وقبّلتها ورددتها إلى موضعها ، وكلما أمسيت صنعت مثل ذلك .
فقال الرشيد : أحضرها الساعة .
قال : نعم يا أمير المؤمنين، واستدعى بعض خدمه، وقال له: إمضِ إلى البيت الفلاني من الدار، فخذ مفتاحه من خزانتي فافتحه وافتح الصندوق الفلاني، وجئني بالسفط الذي فيه بختمه . ( بقفله )
فلم يلبث الغلام أن جاءه بالسفط مختوماً ( مقفولًا ) فوُضِعَ بين يدي الرشيد فأمر بكسر ختمه وفتحه.
فلمّا فتح نظر إلى الدراعة فيه بحالها، مطويةً مدفونةً في الطيب. فسكن الرشيد من غضبه ثم قال لعلي بن يقطين: أُرددها إلى مكانها فلن أُصدق عليك بعدها ساعياً. وأمر أن يُتبَعَ بجائزة سنية ( ثمينة ) ، وتقدم بضرب الساعي ( الشاكي ) ألف سوط، فَضِرِبَ نحواً من خمسمئة فمات في ذلك
——————-
1- راجع كتاب مناقب آل أبي طالب 615 – الجزء الرابع

شارك برأيك: