مختارات في شهر رمضان – الإمام المجتبى ( عليه السلام ) رمز للحلم والسؤدد – الاستاذ حسن المطوع

الإمام المجتبى ( عليه السلام ) رمز للحلم والسؤدد

النص عليه بالإمامة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح، ثم قال لابنه الحسن : ( يا بني أمرني رسول الله أن أوصِي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصَى إلي رسول الله ودفع إلي كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرت الموت أن تدفع إلى أخيك الحسين …) 1

الإمام الحسن خليفة للمسلمين
بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام تمت البيعة للإمام الحسن كخليفة للمسلمين ، حيث استمرت فترة حكمه وخلافته عليه السلام لمدة تقارب سبعة أشهر .

معاوية يدعو الإمام الحسن للتنازل
بعدها دعا معاوية الإمام الحسن أن يتنازل عن الخلافة لصالحه فأجابه عليه السلام قائلا :
أما بعدُ فقد وصل كتابك تذكر فيه ما ذكرتَ ، وتركتُ جوابَك وبالله أعوذ من ذلك ، فاتبِع ْ الحقَ تعلم أني من أهله ، وعليَّ إثم أن أقول فأكذب والسلام .

الإمام الحسن يعلن حالة الدفاع والمواجة
وبسرعة تحركت جيوش الشام بقيادة معاوية نحو الكوفة، عاصمة الإمام الحسن عليه السلام .
فأعلن الإمام الحسن حالة الدفاع لمواجهة الجيوش الزاحفة . وأذاع الإمام الحسن بيانا يدعو المسلمين الإستعداد للمواجهة وإعلان حالة الحرب .

إعداد الإمام الحسن لجيشه
وأعد الإمام الحسن عليه السلام جيشه ، وسار به للمواجهة والدفاع ، فوصل إلى منطقة النخيلة ، وهناك نظَّم الجيش وأعد الخطط مع القادة .

إعداده لطليعة عسكرية
وبعد أن أعدّ الجيش رجع هو إلى دير عبد الرحمن ، ومن هناك أصدر قرارا بإرسال طليعة عسكرية وعين ابن عمه عبيد الله بن العباس قائدا عليها .
حيث جاء في نص التعيين ( يابن العم إني باعث معك إثني عشر ألفًا فيهم فرسان العرب وقرَّاء المصر . الرجل منهم يزيد الكتيبة .. فَسِرْ بهم وأَلِنْ لهم جانبك وابسط لهم وجهك …. إلى أن قال: فإنهم بقية ثقات أمير المؤمنين ….
واتخذت الطليعة طريقها ، فيما خرج الإمام الحسن يقود جيشه وعسكر قرب ( المدائنِ )

انتشار الوهن و الضعف والتخاذل
ولم يمض وقت طويل حتى طفحت على السطح كل العلل والتمزقات والفتن والإضطرابات والتآمر على القيادة ذاتها
لقد واجه الإمام كل المحاولات التي سبقت الحرب بنفس متعالية سامقة لا تعرف إلا الحق ولا (تتطأطئ ) رأسًا طرفة عين .
لكن الآن أصبح جيشه تسوده البلبلة ودب فيه المرجفون والأذناب حتى كاد أن يسلمه لعدوه ،
كما أصبحت الأمة التي تحت سيطرته قد غيرت مسارها لصالح خصمه من فرط الإشاعات والإغراءات ، و ها هي الجموع التي قد غمرتها الدعايات والإشاعات ، تواجه إمامها الحق ببرود تام ، وتقاعست عن دعوته ونصرته ، وتخلت عن تحمل المسؤولية .

أنصار الإمام يهبُّون لنصرته والتمسك به
إزاء هذا الموقف المتخاذل ارتفع صوت المخلصين للإمام الحسن عليه السلام أمثال :

١-عدي بن حاتم .
٢- قيس بن سعد بن عبادة .
٣-زياد بن صعصعة التميمي .

فقاموا بتأنيب الناس ولاموهم على تخاذلهم ودعوهم لمناصرة الإمام السبط ، فأثنى الإمام على هؤلاء النفر .
وعلى كل حالٍ أصيب الإمام بخيبة أمل حين انكشف له واقع الجماهير التي يقودها التي فقدت إحساسها وحيوتها نتيجة للأسباب الآتية :

١- ضعف الرصيد الإيماني في تركيبها الروحي .
٢- عدم إدراكها لمهماتها التاريخية في حفظ الرسالة الإلهية من تيار الفتنة المتصاعد.
٣- عدم معرفتها لدور خط الإمامة ومدى ضرورة إطاعته.

وهكذا رأى الامام الحسن الذي هو رمز للسؤدد كما قال عنه جده النبي صلى الله عليه وآله حين قال عنه وعن أخيه الحسين : ( أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فإن له شجاعتي وجودي ) 2
… نعم رأى نفسه مجبورا للتوقيع على الصلح بينه وبين أعدائه .

أسباب وعلل توقيع الصلح
الإمام الحسن عليه السلام أُرغِم على توقيع الصلح في ظروف وملابسات وفي واقع يشابه واقع أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله هذا الواقع الذي أظهر عبقرية الإمام الحسن عليه السلام ، ومن هذه الأسباب التي أرغمته لتوقيع الصلح ما يأتي :

١- خيانة قائده عبيد الله بن العباس والتحاقه بعدوه .
٢- انتشار الإشاعات وتغليب المصالح الشخصية و التسارع لأخذ الرشاوى بين صفوف قواته العسكرية .
٣- سريان روح السأم من القتال في معسكره .
٤- إغداق العدو بالأموال الوفيرة على قوات الإمام لكي يتخلوا عن مواقعهم وسرى ذلك على زعماء القبائل وأصحاب التأثير في المجتمع .
٥- إهتمام الإمام الحسن بحقن الدماء وحفظ ما بقي من دماء المخلصين فيها .
٦- طهارة نفس الإمام عليه السلام وعدم استعماله للأساليب التي يقوم بها العدو من المكر والغدر فهو المطهر من الرجس بصريح القرآن .
٧- تأبى روح الإمام عليه السلام أن تتورط في حرب تسيل فيها الدماء وتزهق فيها الأرواح فضلا أن شروط النجاح فيها غير متوافرة بين يديه .
٨- محاولات الإغتيال التي تعرض لها الإمام التي تكشف عن واقع ظالم رديئ في صفوفه العسكرية . 3

———————-
1-الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٢٩٨
2- الحديث ميزان الحكمة – ج ١ صفحة ١٥٣
3- راجع كتاب حياة الرسول وأهل بيته . ج ٢ .
——————-
النخيلة: كانت منطقة عسكرية على عهد علي عليه السلام ، حيث انطلق جيشه لمعركة صفين ، وهي شمال الكوفة وتبعد عن مسجد الكوفة ١٤ كيلو متر ا ، وفيها تجمع جيش عبيد الله بن زياد قبل خروجه لحرب الحسين ( عليه السلام ) ، كما كانت منطلقا لثورة التوابين .

شارك برأيك: