أحدث المواضيع

مختارات في شهر رمضان – القرآن لايوجد فيه إختلاف أبدا – الاستاذ حسن المطوع

القرآن لايوجد فيه إختلاف أبدا

قال تعالى :
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرًا

٨٢ – النساء .

الآية تدعو المرتابين بأن يتدبروا القرآن
فهذه الآية تخاطب المنافقين وسائر الذين يرتابون من حقيقة القرآن المجيد، وتطلب منهم – بصيغة السؤال – أن يحققوا ويتدبروا في خصائص القرآن ليعرفوا بأنفسهم أن القرآن وحي منزل، ولو لم يكن كذلك لكثر فيه التناقص والاختلاف، وإذا تحقق لديهم عدم وجود الاختلاف، فعليهم أن يذعنوا أنه وحي من الله تعالى .

نستفيد من هذه الآية ثلاثة أمور
🔹أولًا : إن الناس مكلفون بالبحث والتحقيق
فيما يأتي :
أ- في أصول الدين والمسائل

المشابهة لها مثل :

ب- في صدق دعوى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
ب- في حقانية القرآن .

ج- وأن يتجنبوا التقليد والمحاكاة في مثل هذه الحالات .

🔹ثانيًا : إن القرآن – خلافا لما يظن البعض – قابلٌ للفهم والإدراك للجميع , ولو كان على غير هذه الصورة لما أمر الله بالتدبر فيه .
🔹 ثالثًا : أحد الأدلة التي تثبت أن القرآن حق , وأنه منزل من الله الحكيم العليم خُلُوُّهُ المطلق من كل تناقض أو اختلاف .

الإنسان في الحالة الطبيعية دائم التغير في أحواله
ما نريد أن نقول لتوضيح هذه الحقيقة هو : إن الجوانب الروحية ( والعقلية ) للإنسان تتغير باستمرار ، ( حسب ) ” قانون التكامل ” – هذا في الظروف العادية الخالية من الأوضاع الاستثنائية – ( وهذا التغير ) يشمل كل الإنسان وجوانبه الروحية وأفكاره ، وبمرور الأيام يتغير بموجب هذا القانون كلام الإنسان وفكره وأحاديثه وقناعاته .
مثال
فلو أمعنا النظر فيما يكتبه الكُتَّاب والمفكرون ، فلا نجد مؤلفات الكاتب الواحد على نمط واحد ، بل قد نجد أن بداية كل كتاب تختلف أيضا عن نهايته .

التغير والإختلاف يزداد في الأفكار والقوانين في حالة وجود حركة تغيير
حيث أن التغيير يزداد سرعةً حين يعيش الإنسان في خضم أحداث كبرى كالتي تصاحب إرساء قواعد ثورة فكرية واجتماعية وعقائدية شاملة .
الشخص الذي يعيش مثل هذه التحولات الاجتماعية الكبرى لا يستطيع أن يسيطر على وحدة كلامه ، ولا يمكنه أن يوجِد انسجاما كاملا في أقواله . خاصة إذا كان هذا الشخص غير متعلم ، وكان ناشئا في بيئة اجتماعية متخلفة .

القرآن خاليًا من التناقض والإختلاف
والقرآن كتابٌ نزل خلال مدة ( 23 ) عاما بحسب ما يحتاجه الناس من تربية وتوجيه في الظروف المختلفة، وموضوعات القرآن متنوعة ، فهو لا يشبه كتابا عاديا متخصصا في بحث اجتماعي أو سياسي أو فلسفي أو حقوقي أو تاريخي ، بل هو يتحدث

مرةً عن التوحيد .
ومرةً عن أسرار الخليقة .
ومرةً يطرح القوانين والأحكام والآداب والسنن .
ومرةً يقص علينا أخبار الأمم السابقة .
ومرةً يتناول المواعظ والنصائح والعبادات وارتباط العبد بخالقه .

( رغم هذا كله ولا يوجد فيه إختلاف أو تناقض ) .

وكما يقول ( غوستاف لوبون ) :
القرآنُ – كتاب المسلمين السماوي – لا يقتصر على التعاليم الدينية ، بل يتناول – أيضا – الأحكام السياسية والاجتماعية للمسلمين .
و مثل هذا الكتاب – بهذه الخصائص – لا يمكن أن يكون – عادةً – خاليا من التناقض والتضاد والاختلاف والتأرجح . أما حين نرى هذا الكتاب – مع كل ذلك فإننا نجده :

١- متناسقا .
٢- متوازنا في آياته .
٣- خاليا من كل تضاد واختلاف .

وبهذا نستطيع أن نفهم – بوضوح – أن هذا الكتاب ليس وليدَ فكرٍ بشريٍ ، ( بل هو فوق كلام البشر ) ، فهو من قبل الله تعالى ، كما تذكر الآية الكريمة أعلاه .
————————-
التفسير الأمثل – جزء 3 – ص 149
————————-
غوستاف لوبون: مؤرخ فرنسي ولد عام 1841م ، وهو أحد أشهر فلاسفة الغرب و أحد الذين امتدحوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية .
لم يسِرْ غوستاف لوبون على نهج معظم مؤرخي أوروبا ، حيث اعتقد بوجود فضلٍ للحضارة الإسلامية على العالم الغربي .

شارك برأيك: