المزاح الراقي
أولا بعض شروط المزاح
حسب تعليمات أهل البيت عليهم السلام فيشترط في المِزاح أن يكون :
1-حقا غير محتوي على أنواع الباطل..
2- هادفا فلا يؤتَ به الا لِأَمرٍ راجح ..كإدخال السرور على قلوب المؤمنين او إزالة همومهم واحزانهم وهذه الأمور مستحبة بنفسها واي وسيلة ضمن الدائرة الشرعية تحقق الغرض ستكون مطلوبة ويحصل الثواب على ثمرتها .
3- أن لا يكون المزاح كثيرا .
روي عن أمير المؤمنين عنه ( عليه السلام ) : كثرة الهزل آية الجهل ، وروي عنه ( عليه السلام ) : من كثر مزحه قل وقاره .
ثانيا من علامات المزاح المذموم السيء
1- ▪️أن يكون محتويا على غيبة : كإضحاك الناس على شخص غائب كالتحدث عن دينه أو سذاجته أو عيوبه .
2- ▪️أن يكون محتويا على الكذب : كأن يخبر الحاضرين بخبر كاذب يريد به المزاح .
3- ▪️أن يكون محتويا على السخرية والإستهزاء وعادة ما يكون هنا ضحيةٌ مثل شخص فقير أو مريض أو ضعيف في مقامه ، فيقوم هذا المازح بالاستهزاء به والاستخفاف لكي يضحك الآخرين ، وهذا الأمر يكاد أن يكون شائعًا ، فأكثر المجالس غير المبنية على التقوى تشهد هذه الحالة المؤسفة ، ومثل هذا المزاح باطل ومن المحرمات . فضلا عما يفرز من كراهية وضغينة وحقد وتحطيم لنفسية هذا الانسان البريء على الرغم مما يظهره من ضحك وتبسم . إلَّا أنه بلا شك سيشرب في نفسه شيء من ذلك . حتى وإن أظهر الضحية قبول المزاح وابتسم وضحك .
4- ▪️أن يكون محتويًا على التخويف والترويع بأن يدخل الخوف في نفس صاحبه ويقصد به المزاح ، فقد يمزح البعض من خلال إخافةِ الآخرين وترويعهم كأن يمزح باستخدام الأسلحة ، أو أن يجفل ( يفزعهم ويخوفهم ) الاخرين كالإختباء ليلا ورمي شيء على إنسانٍ أو اسماعهِ أصوات غريبة ، أو يمزح بإخفاء متاع شخص مثل الهوية الشخصية أو المفاتيح ، وهذا هو ما يؤذي الآخرين .
5- ▪️أن يكون محتويا على الألفاظ البذيئة خاصة تلك الكلمات التي تحط من شأن الآخرين ، وتجرح أنفسهم . أو بكلمات يستقبح ذكرها بين الناس .
6- ▪️محاولة إثارة غضب أحد الحاضرين ، فيستخدم التجريح لإغضاب أحدٍ ، فلربما يكون هذا النوع من المزاح طبيعيًا لشخص ولكنه لبعض الأشخاص يعتبر غير طبيعي ، فتنجرح نفوسهم أو يغضبون فيكون هذا المزاح باطلا بحقهم .
7- ▪️ المزاح في الوقت والمكان غير المناسب : فمن المزاح ما يبطل لخصوصية الزمان والمكان ، فربما كان صحيحا وقتٍ معين أو في مكان معين ، و لكن يكون مرفوضا وغير مرغوبٍ فيه في أوقاتِ أخرى كوجود درسٍ ، أو في أثناء مجلس وعظٍ ، أو في أثناء مجلس عزاءٍ ، أو في أثناء التواجد عند ضرائح المعصومين عليهم السلام و هكذا ، فلا يصح هنا المزاح ..
ثالثًا المزاح الراقي المطلوب
المزاح الراقي المطلوب يؤتى به من أجل غيره ، أو من أجل هدف جميلِ كإدخال السرور على قلوب المؤمنين ، أو إزالة همومهم وأحزانهم .
ومن أرقى أنواع المزاح ، ذاك المزاح الذي يكون ظاهره مزاحاً ، ولكن باطنه أعلى صور الجد وأسمى الغايات والأهداف ، وهو المزاح الذي يُذهب هماً وغماً عن قلب مؤمن.. كأن يرى الزوح زوجته مهمومة حزينة إما لأذى الناس أو لأذى أولادها ، أو لأي شيءٍ ، فيمزح معها مزحةً وإذا بها تنسى ما فيها من الهموم ..
هذا السرور الذي أدخله على قلب زوجته ، قد يكون عند الله عز وجل أفضل بكثر من الجد!..
ففي الحديث ( الْمُؤْمِنُ: دَعِبٌ، لَعِبٌ.. وَالْمُنَافِقُ.. قَطِبٌ، وَغَضِبٌ ) ، ولكن ليس بمعنى الدعابة واللعب بالباطل ، ولكن بمعنى خفة الدم ، فإن سافر مع قوم -مثلاً- لا يزعجهم ، وينساق معهم ، ويساعدهم.. وإن حلّ ضيفاً على أحد يكون ضيفاً محبوباً .. أما المنافق فإنه قطِبٌ غضببٌ ..
أي عبوس ، ووجهه مكفهر ، وهذه ليست من صفات المؤمن أبداً .
ومما يطالع في هذه الباب هذه الرواية لتوضيح هدفٍ صحيحٍ من أهداف المزاح ، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال
لأحد ِ أصحابه ؛ كيف مداعبةُ بعضِكم بعضا ؟
فقال الرجل : قليل .
فقال الإمام عليه السلام : ” فلا تفعلوا ، فان المداعبة من حسن الخلق ، و إنَّك لتدخل بها السرور على أخيكَ ، و لقد كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يداعب الرجل يريدُ أنْ يسره ” ).
———————
راجع موضوع ؛ قانون المزاح في مدرسة أهل البيت عليهم السلام .
موقع العتبة الحسينية .