رحلتَ ولم ترحل بقلم: عبد النبي جاسم إبراهيم (رئيس جمعية النويدرات الخيرية)

رحلتَ ولم ترحل

الاستاذ عبدالنبي جاسم ابراهيم
الاستاذ عبدالنبي جاسم ابراهيم

بقلم: عبد النبي جاسم إبراهيم (رئيس جمعية النويدرات الخيرية)
كنت خير مثال لمن أراد أن يُسخِّر طاقاته في دروب العمل الخيري، وخدمة الآخرين وعموم مجتمعه فامتطيت صهوة جواد أصيل مطلقاً عنانه، مرخياً لجامه، فأنطلق بك إلى حيث أردت وإلى حيث رميت ببصرك، فتخطيت كل الصعاب وعبّدت الطريق وبينت المسير ورسمت الأهداف، فحققت الكثير من أهدافك وأصبحت فارساً من فرسان العمل الخيري بعمومه، يشار له بالبنان، ويُسمع صوته وتُرى آثاره واضحة لكلِّ من أراد أن يُبصر. في كلِّ ميدان جعلتَ لنفسك حضوراً خاصاً، ورؤية واضحة، وجعلت من نفسك مشروع قائد يأخذ معه الآخرين ويُصّيرَهم سواعد بناء، ومصادر قوة، وطاقة لتحقيق الأهداف، فكان لك ذلك فيما أردت في كلّ ميدان من ميادين العمل والجد والإخلاص والتفاني.
كان لك أثر واضح يدركه كل من ينظر ويرى، ففي ميدان العمل الخيري كنت أحد المؤسسين والمخططين والقادة، فكانت انجازاتك فيه واضحة للأعيان وتشهد لك بذلك سجلات ووثائق الجمعية الخيرية ولا أرى إني أستطيع أن أرصدها في هذه العجالة، ولكني أشير هنا إلى المقر الحالي للجمعية الذي سعيت بجهدك ونظرتك الثاقبة إلى ضرورة أن يكون للجمعية مقراً مملوكاً لها، فكان ذلك علامةً فارقةً في استقرار عمل الجمعية الخيرية.
وفي الثقافة والفكر والمعرفة، سطر قلمك أعمالاً ثقافية وفكرية، وصدح لسانك بما تحمله من فكر وثقافة وعلم في ميادين المعرفة من خلال مؤلفاتك وكتاباتك ولقاءاتك الثقافية والفكرية فكان لك دورك الواضح في أعمال أسرة الأدباء البحرينية.
إن وضوح أهدافك ورؤيتك مكَّنَتك من الحضور والوصول إلى أدوار قيادية كبيرة، فبالإضافة إلى كونك من المؤسسين للصندوق الخيري ثم رئيساً وقائداً للجمعية الخيرية، فقد كنت رئيساً للجمعية الحسينية حيث حققت الكثير من أهدافك التي رسمتها، كما كان لك الدور الكبير في تأسيس التعليم الديني، وكنت مثالاً للإخلاص ونجماً ساطعاً حين كنت أميناً للسر في المجلس البلدي في المحافظة الوسطى.
كنت أراك محاوراً متمكناً جاداً تسبق ابتسامات محياك كلامك، وتسعى بكل طاقاتك إلى تحقيق ما ترسم من أهداف متسلحاً بأهداف واضحة وبرامج فعّالة، وبأخلاقٍ رفيعة عرفها عنك أهل القرية وكلُّ من عرفك. ولا أزال أتذكر حواراتك وأطروحاتك في كلِّ لقاء، وآخرها كان قبل اسبوعين تقريباً في مبنى الجمعية الخيرية، حيث كان حوارنا حول القراءة وأهميتها، وأحوال العوائل المتعففة، وما تقدمه الجمعية من خدمات ومواضيع أخرى تلامس العمل الخيري بشكل مباشر، وحرصك على أن يكرس العاملون فيه كلَّ جهودهم وامكاناتهم لخدمة مجتمعهم.
كنت أرى صراحتك في كل ما تطرح من أفكار في كلِّ حواراتنا وألتمس دعمكَ وعونكَ حاضراً في كل حين.
أيها الفقيد الغالي، بصماتك لا زالت واضحة في أرشيف العمل الخيري يُرى أثرها، وحروف اسمك منقوشة مرسومة في كلّ برامج أعمالك، رحلت ولم ترحل، تركتنا وبقيت آثارك معنا، فإن رحل شخصك من ميادين العمل الخيري فإن أهدافك وتطلعاتك وأمانيك باقية نقرؤها كل يوم ونراها شاخصة نصب أعيننا.
ما نراك ترجلت من صهوة حصانك، بل نراك فارساً ترك آثار مسيره واضحةً ننظر إليها، ونرى مراميك ونتعرف عليها.
نحسبك حاضراً بيننا كما كنت.
رحمك الله يا أبا صادق وجعل مثواك الجنان الواسعة.

شارك برأيك: