وداع تملّكني.. للشاعر جواد هيات

في رثاء المرحوم الدكتور جعفر الهدي تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

أبكي وما ملّ البكاءَ فؤادي
والحزنُ رافق يقظتي وسُهادي

وتضج أمكنتي بصالية الأسى
وتنوء أزمنتي بثقل حدادي

وتظل في صور الخيال ملامح
الوجه الذي به يستضيء ودادي

فذهول ذاك الليل أطفأ بسمتي
سيطول من ليل الفراق سوادي

خبر تملكني وسجّر أضلعي
كمدا و أرهق بالشجون رقادي

لا زلتُ نزفا يستطيل بجرحه
نبأ الرحيل مطوقا بشدادي

تدرون ما معنى الحبيب إذا امتطى
سفر المنون بغفلة الميعاد

لكأنما انتزع اخضرار حشاشةٍ
من جوف روح تنمو في الأجساد

فأنا كباقي الجمع في تشييعه
حزنٌ يكابد جمرة الأكباد

ووراء موج النعش يوم وداعه
يمشي بتيه الحائرين فؤادي

مستصرخا أهل العزاء تمهلوا
أتلو عليه من رثاء ودادي

مهلا ففي النبضات آخرة نظرة
تشتاق ضم مودتي وعمادي

هذا الذي تنوون دفن بهائه
ألق العيون وبهجة الأعياد

هذا المسجى كان آفاق العلا
وسخيَّ نفسٍ يسمو بالأمجادِ

هذا المكفن بابيضاض نقائه
لم تدن منه ضغائن الاحقاد

هذا الأخوة والتواضع جعفر
مأوى الكرام ومبتغى القصّاد

في نبضه عشق الحسين وكربلا
متعطش شغفا لسبط الهادي

رفقا عليه ففي خطاه مواكب
الحوارء تمشي بقبضة الأصفاد

ما جف في قمر العشيرة حبره
لازال يوصف غربة السجاد

حيُّ العطاءِ وطيبُ الآثار من
له في ابتغاء الخير خير أيادي

صمت الجوى لكن نهر دروسه
يجري بفيض الوعي والإرشاد

من تدفنون بطي أطباق الثرى
مترامي الآفاق والأبعاد؟

فتمهلوا هذا حقول رواية
غناء تنبت روعة الرواد

و حوت مشاعره خمائل شاعر
متبحرٍ بمدى فنون الضاد

كتبته بحرين الريادة سيرة
تروى من الأبناء للأحفاد

قد خصني بديون فضل ما انا
إلا نتاجه ملزمٌ بسدادي

لا زال تحملني إليه قصائدي
وشعور أفكاري وبوح مدادي

قد عمّر الدنيا بعذب خصاله
واستقبل الأخرى بطيب الزاد

ما مات من روى العقول بوعيه
ويظل نجما في سماء بلادي

فرحيله ضَمِنَ البقاءَ لغرسهِ
والموت أعلن ساعةَ الميلادِ

جواد هيات

شارك برأيك: