كلمة تأبينية الدكتور جعفر الهدي.
أربع كلمات أقولها في هذا الحفل التأبيني لفقيدنا المرحوم الدكتور جعفر الهدي.
الكلمة الأولى:
إليكم أيها الأخوة الذين جئتم تؤبنون فقيدا علينا وعليكم، لا تفِ الكلمات بشكركم، ويقصر اللسان عن إيفاء حقكم، المصاب مصابكم، والفقيد فقيدكم، وبالأمس كنتم أنتم من ساهم في كشف حزننا، والتخفيف من مصابنا، واليوم تجيئون لنتذكر بعضا مآثر فقيدنا، فأنتم لنا السلوة، وأنتم لنا الخلف، بوجودكم ومشاركتكم تخف معانات الفرقة، جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الكلمة الثانية: إلى مجتمع قرية النويدرات ومجتمعات القرى المرتبطة: القرية التي أنجبت الدكتور جعفر الهدي، والأستاذ إبراهيم إسماعيل، وغيرهما من رجال القرية البررة، الذين مضوا وتركوا بصماتهم يانعة تعطي خيرها للأجيال، تذكروا أن الحياة قصيرة، وأن خيرها تلك الساعات التي تقضى في خدمة المجتمع قربة لله، وتأملوا فإن القلوب المؤمنة تحن إلى أمثالها، فهم عندهم مكرمون في حياتهم الدنيا، وهم عندها مرحومون طيبو الذكر بعد مغادرتهم إياها، مأسوف على حياتهم.
أن تذوب في مجتمعك وتعطيه أفضل جهدك، فذلك العمل الصالح الذي يرتضيه الله، أحسن الله خواتيمنا جميعا، وجعل أعمالنا في خدمة المؤمنين. لا تترددو في خدمة هذا المجتمع، وانخرطوا فيه، باذلين كل ما تستطيعون للنهوض به. وإني لأسعد حين أرى رجالنا ونساءنا بمختلف أعمارهم، ينخرطون في مؤسسات القرية، ويتشرفون بخدمتها، فلكل المؤسسات الاجتماعية بالقرى التي تحتضنكم التحيات والدعاء بالتوفيق.
الكلمة الثالثة: إلى أهل الفقيد جميعهم: فإن جعفر الهدي لم يمت، فهو ماثل معنا بفكره، وعطائه، وبذله، وتواضعه، وهو أعطى فاستحق، وسعى فأوفي، وبذل فنال وسام التكريم، وهذا عطاؤه المادي والفكري، يحتاج لمن يبرزه، ويحمله، ويوفيه، وينشره، فلا يقف ذلك بموته، ولتكن حياته مستمرة فإن حياة الأموات تستمر بصدقة جارية، ودعاء بار، وعمل طيب ينتفع به. وعلينا جميعا أن نحيي ذكرى هذا الفقيد العزيز بإبراز فكره، وإحياء عطائه.
الكلمة الرابعة: خطاب قصير أوجه لروح فقيدنا.
رحمك الله يا أبا صادق، كنت أتمنى أن تقف أنت في هذا المقام، مؤبنا لي، لا أنا الذي أؤبنك، لكن مشيئة الله هي النافذة، وإرادته هي الماضية.
أتذكر فيك الهدوء، ونبل الخلق، وحسن السريرة، وصدق النية، والعزيمة الصادقة، والصبر، والأناة،
وأتذكر فيك التواضع، والتقوى، والارتباط بالله، والتحلي بأخلاق العلماء. لم تجأر يوما بشكوى، ولم تحر بمشكلة، ولم تستسلم لمعضلة.
كنت الإبن البار، والأخ العطوف، والأب الحاني، والجار الحسن، والصديق الناصح، والكاتب البارز، والروائي الصادق، والإداري الفعال، والقائد الواعي، والعامل الدؤوب، والمفكر المتميز.
لم تثنك تقلبات الحوادث عن هدفك الذي رسمته لك، وبرغم المعانات تخطيت، وخطوت، ومضيت، وتألقت، وبرزت، وكنا ننتظر فيك أعلى درجات السمو والتميز.
مضيت محمودا، وفارقت مأسوفا عليك، وأنفسنا عليك جازعة، وأعيننا تدر الدمع عليك حزنا، وقلوبنا تهفو لذكرك، ونحن لذكراك مشتاقون، ولكنا لا نملك لك إلا الدعاء بطلب المغفرة.
حشرك الله مع الصالحين، ورزقك دارا خيرا من الدار التي غادرتها، وأنسا أرحب من أنس الدنيا، وربعا هم إليك أفضل من ربع الدنيا.
الفاتحة لروحه.