خيمة الحُسين … بقلم علي عباس خاتم

خيمة الحُسين …

جميعنا يعلم أن باب الحسين مشرع، لا يغلق في وجه سائل ولا يحجب عن أي طالب، وأن خيمته واحة للضيافة ومستودع للإجارة، وأن صدر عطفه مستراح المتعبين والمذنبين.
فما أعظم هذا الكرم والعطاء! وما أروع هذه الرحمة والحنان!
ونحن أمام كل هذا النبل، ألا يجدر بنا أن نغير حالنا إلى حالة أنقى وأكثر تقوى؟ ألا يجب أن نكون شيعة لائقين لهذا الرجل العظيم؟
يروى عن الإمام الصادق (ع) قوله هذا: “معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا. قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح القول”.

لنكن خير ممثلين لهذا الدين الأصيل، ولنجسد بأعمالنا وأقوالنا مبادئه الصحيحة. وعاشوراء، ذلك اليوم الخالد، يأتي كل عام ليقدم لنا فرصة خصبة لتحقيق التغيير الجذري. فرصة اغتنمها الحر في ظهيرة يوم العاشر، فانتقل من قائمة الأشقياء إلى قائمة السعداء، فغيّر بذلك مسار حياته من الجحيم المحض إلى الخلود في جنة الخُلد؛ لأنه، في تلك اللحظة الفارقة، أدرك تمامًا أن الحسين (ع) شمس تنير ظلام الخطيئة ومأوى يحتضن الضائعين، وأن قافلته هي، في حقيقتها، مسيرة نحو النور المقدس.

نعم، الحسين (ع) يقبل الجميع، ولكن هذا القبول لا يأتي من فراغ أو اعتباط، وإنما يتطلب سعيًا جادا ورغبةً صادقة ونيةً صافية وروحًا طامحة راغبة في بلوغ أعلى المقامات.
وفي زيارة عاشوراء، يأتي الدعاء هكذا: “اللهمَّ اجعلني عندك وجيهًا بالحُسين (عليه السلام) في الدنيا والآخرة”. يعني أن تصيرني عندك يالله ذا جاهٍ ومنزلةٍ وقدرٍ بالحُسينِ (عليه السلام)، أي بولاية الإمام الحسين (عليهِ السلام) وباتباع خطه.
وكأنما وجودك كله مرتبط بارتباطك بالحسين (ع)، فبه تُعْرَف وبه تنال السعادة في الدنيا والآخرة.

وهنا كلام لطيف للشيخ أبو الفضل الطهراني، حيث قال: إن ما يجب معرفته في هذا السياق هو كيفية اكتساب الوجاهة عند الله في دار الدنيا؟
إن الكرامة والوجاهة عند الله تعالى تُناطُ بالتقوى، كما في الآية الكريمة: {إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم}

وتنقسم التقوى إلى ثلاث مراتب، تمثل كل منها درجة في سلم الرقي الروحي:

المرتبة الأولى: التقوى في العقائد
وتعني استقامة الدين وإحكام الإيمان، بحيث لا يشوب المرء شك ولا ريب.

المرتبة الثانية: التقوى في الأعمال
وتتمثل في الورع عن المحارم، واجتناب المآثم، والالتزام بالواجبات، وإدامة الطاعات.
وهذه المرتبة لا تبنى إلا على أساس متين من تقوى العقائد.

المرتبة الثالثة: التقوى في الأخلاق والملكات
وتعني أن يقرأ المرء في مصحف قلبه، فإذا وجد فيه رذيلة، فهي بمنزلة آية العذاب، وعليه على الفور أن يمحوها بالبكاء والقرع والاستعاذة.
وإن عثر على خصلة حميدة، فعليه أن يعاملها كآية للرحمة، فيشكر الله عليها ويسأله ثباتها ودوامها، ويطلب من الله أن يرزقه نظائرها وأمثالها. ذلك ليستطيع بالجهاد المستمر والمثابرة التامة دفع الرذائل وجلبَ المحامِد وتحصيل الفضائل ونيل الكرامة والوجاهة عند الله تعالى.

فـ السلام عليك أيها الحر الرياحي ورحمة الله وبركاته .

#علي_خاتـم

شارك برأيك: