سوسن اسماعيل عبد الله
يتسم المجتمع في قرية النويدرات بممارسة عادات وتقاليد للاحتفال بدورة من دورات الحياة حيث تمثل دورة الحياة ظاهرة اجتماعية ثقافية ترتبط بعوامل بيولوجية تتمتع بقدر من العمومية لا تنافسها فيها ظواهر أخرى عديدة وذلك لما لها من أهمية في فهم الممارسات التي يقوم بها الناس في دورة الحياة (محمد الجوهري وآخرون:2001 الفلكلور العربي 240) والدورة التي سأتناولها هي دورة الزواج الذي يشكل لبنة أساسية في بناء المجتمع كما درسه دوركايم ومدى أهميته في تكوين المجتمع وإرساء قواعده ونظمه. لذلك فمن الممتع دراسة ممارسات عادات الزواج القديمة أو التي تسمى الآن تراثية، لما لها من أهمية ومقدرة على خلق التواصل الذي فقدناه بحكم عامل التغيرات والتكنولوجيا بين الماضي والحاضر والاستمرار به للمستقبل مع بعض التعديلات التي تناسب عصرنا الحالي.
القسم الأول (3-1)
الاستعداد للزواج
أهمية الزواج في قرية النويدرات:
ففي النويدرات يلقى الاحتفال بالزواج عناية واهتمام كبيرين من قبل أفراده وذلك لأسباب عديدة منها دينية واجتماعية واقتصادية وتقاليدية ونفسية، فأما الأسباب الدينية وهي تعتبر من الأسباب المهمة بالنسبة لمجتمع البحث وذلك لأنه مجتمع ملتزم بالشريعة الإسلامية وتعاليمها، اهتداء بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، واستجابة لقول الله تعالى والرسول (ص) وأهل بيته عليهم السلام (لمزيد من المعلومات انظر صفحة19)، فقول الله تعالى “وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى”
وقول الرسول (ص)“من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر”
وقوله (ص) “النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني” وكما قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) وهو الإمام السادس لدى هذه الطائفة “ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب”.
هذا بالنسبة للسبب الديني، أما السبب الاجتماعي للزواج فهو النظرة التي تتميز بالاحترام لكل من الزوج والزوجة وكذلك هو سبب قوي لتقوية العلاقات بين أفراد المجتمع وخصوصا في مجتمع من أهم سماته التماسك والتضامن الاجتماعي، أما من الناحية النفسية فهو حماية للشباب من الانحراف والتهور في سلك خط غير شرعي كارتكاب الفواحش والموبقات، فعلاقات الزواج علاقة محببة ومبجلة في هذا المجتمع للشاب والشابة المتزوجين.
أما من الناحية الاقتصادية والتي كان للمرأة الدور الأكبر والبارز فيها هي أنها تحتل أهمية لا تختلف عن أهمية الرجل سواء في داخل أو خارج المنزل، فكانت المرأة تقوم بمهام المنزل كله من تنظيف وطبخ وتربية الأولاد هذا في المنزل، أما خارجه فهي تساعد زوجها في “الدولاب” أي المزرعة في جمع ثمار النخيل و“الخوص” سعف النخيل لتقوم من خلاله بصنع مستلزمات المنزل من حصر وسفر وسلال وغيرها، ونقل الماء لهم من العين فلقد كانت العيون آنذاك بعيدة عن منازلهم وهذا يعكس لنا المسؤولية الملقاة على المرأة والدور البارز لها. وكان ينظر إلى تربية البنت على أنها مسؤولية كبيرة وتشكل همًّا بالنسبة لوالدها وخصوصا إذا كانت لديه كما يقولون“سفرة بنات” وهذا يعكس كثرة الإنجاب في تلك الفترة وتدني المستوى المادي، والخوف من أن ترتكب الفتاة خطأ يؤدي إلى الإساءة لسمعة العائلة، لذلك كان في القديم في مجتمع البحث يتم الإسراع في تزويج البنت بالذات وذلك لمعايير مرتبطة بضعف البنت فهي لا تستطيع أن تختار من تريد بعكس الرجل الذي له مطلق الحرية في اختيار الفتاة التي يريد. لذلك فما أن يأتي الخطابة ليتقدموا للفتاة فيكون فرج لوالدها وهذا يرجع لمعتقداتهم وخوفهم الزائد من الفتاة على الرغم من كل القيود الموضوعة عليها أما زواج الولد يكون أسهل من البنت فهو يستطيع أن يتزوج من يريد ويقول المثل الشعبي “أخطب لبنتك ولا تخطب لأبنك” وكذلك “هم البنات للممات” وكان الزواج الشائع في فترة الخمسينيات الزواج الداخلي المبكر حيث كان الابن يأخذ بنت عمه أو خاله أو خالته أو عمته فهم محجوزون لبعضهم من الصغر ويعرف هذا النوع من الزواج على أنه زواج داخلي وتعريف الزواج الداخلي عند الأنثربولوجيين “أنه الزواج من داخل العائلة القرابية سواء في قرية واحدة أو في قرى أو مدن مختلفة”. وذلك للمحافظة على امتداد الأسرة ومعرفة أخلاقيات ونسب العريس معرفة قوية، وكذلك بالنسبة للعروس فهن لا يتقدمن إلا متيقنين من أخلاقيات العروس ونسبها واصلها خصوصا أنهم من نفس العائلة. بعكس الزواج الخارجي وهو “الزواج من خارج العائلة القرابية حتى لو كانوا من نفس القرية أو المدينة” الذي يبتعد عنه أفراد مجتمع البحث، وذلك في نظرهم لكثرة مساوئه أي عدم معرفة أخلاقيات وأصل الفتى والفتاة، والبعد الجغرافي أيضا عامل مهم. لذلك يتزوجن وهن صغار في السن حيث يحتاجون فيه إلى مراعاة واهتمام كبير، ووعي بالمرحلة التي دخلوا فيها لكي لا يتعرضوا للفشل، أي أنهم لا يعرفون عن الزواج شيء وهذا ما كان يريده والد الفتاة حتى لا ترتكب الخطأ وهنا مرتبط وعي الفتاة أو تعليمها عندهم بمساوئ قد ترتكبها فهي غير مؤهلة لأن تتعلم فالتعليم قد يكون خطرا عليها. ومعظم الإخباريات اللاتي قابلتهن تزوّج بعضهن في الثامنة وهذه أصغر إخبارية والأخرى في العاشرة والثانية عشر، حيث العمر الذي تتزوج فيه الفتاة يكون من الثامنة إلى الخامسة عشر، أما العمر الذي ينظر فيه للفتاة على أنها “عانس” أي أنها كبرت على الزواج هو فوق العشرين سنة وهذا معدوم في مجتمع البحث. أما الرجل فهو محلل له أربعة وله الحق في اختيار العمر المناسب بعد الزواج الأول يعني أنه في الزواج الأول يخضع لشروط العائلة وهو من سنة الثانية عشر فما فوق، والملاحظ هنا أن الزواج يحدث قبل البلوغ للفتاة بسنة والفتى بسنتين وذلك لكي يكونوا دخلوا مرحلة البلوغ وهم متزوجون وبالبلوغ يزول الخطر. وعمر الرجل هنا مختلف بعكس الفتاة التي لها عمر محدد وإلا “عنست” أي أن أفراد البحث وعاداتهم تجعلهم يضعون الأحكام بأنفسهم دون أن يكون هناك حرية لهم في التغيير، وهنا يرجع تشريع الأحكام إلى الرجل لأنه يكون على درجة من الوعي حيث كان المجال مفتوحا لكي يتعلم الرجال وكذلك الأعراف التي يضعونها وتكون بمثابة القانون العرفي الذي يستمدون منه العقاب الأجتماعي على أي مخالفة ترتكب بالخروج عنه أو التطاول عليه.
مرحلة الاختيار:
كان اختيار شريكة الحياة من مسؤوليات الآباء والأمهات حيث كان للرجال في قضية الاختيار دور كبير الأهمية بمجرد معرفتهم بوجود أبنه عند هذا الرجل يسرعون في التقدم لخطبتها. فقد كان الخطابة في ذلك الوقت رجال والذي جعلني أستغرب أنه كان جدي من ضمن الخطابة البارزين في تلك الفترة الذين افتقدنا لخبرتهم ورجولتهم من دون أن نستفيد منهم، وهم الحاج حسين بن ربيع والحاج مرهون بن محمد والحاج علي بن عبدا لله وهم أيضا من “الملاليج ”أي الذين يأخذون الوكالة من ولي أمر الفتاة. وكانت المعايير والمواصفات التي يتحلى بها الخطاب آنذاك أنه من أشراف القرية وكما ذكرت لي الإخبارية أم محمد “أنه تقوم على زنودهم جبال وكلمتهم صادقة أي إذا وعدوا أوفوا وإذا قالوا صدقوا” أي أنهم يتميزون بالكلمة الصادقة والجدية فيما يريدونه ولهم هيبة ومكانة بين أفراد القرية وهذا الذي يجعل أفراد القرية يطمئنون له بسبب ما يتحلى به الخطاب من معايير جيدة. وليس كما هو الحال الآن بالنسبة للخطابة المرأة فمعاييرها اختلفت وأصبحت ليست بالجدية كما في القديم أي أنهم لا يتحلون بالمعايير التي يتحلى بها الرجال الخطابة قديما، وهنا يعزز الرجل من وضعه ويحاول أن يظهر على قدر من المسؤولية وللصورة النمطية للرجل أهمية في أنه من يستطيع حل الأمور وهنا استطاع الرجل أن يضيف إلى رصيده رأس مال من خلال المواصفات التي يتحلى بها والتي هي مقبولة عند أفراد البحث. وفي لهجة مجتمع البحث تقول النساء أن الخطابة- تسبل علينا– أي تستهزئ بنا فهي لا تصدقنا القول ولا تتميز بالجدية وهنا المرأة هي من وضعت نفسها في هذا المكان ولم تستطع أن تثبت جدارتها مثل الرجل لأنها لو استطاعت أن تفعل مثل ما فعل الرجل لغيرت من النظرة التي أنزلتها إلى مرتبة دون. وتقول أم علي “الآن تأتي الخطابة لترى بناتنا وتريد صورة ليراها الرجل وهذا قديما محظور فعله (في العادات)، وأول ما تسأل الفتاة تسأل هل لديه سيارة وشقة ولاتهتم بأخلاقياته وأصله ونسبه المهم الكماليات التي تذهب بسرعة، والرجل كذلك يسأل هل هي بيضاء وطويلة وجامعية” وهذه معايير اختيار غير منطقية بالنسبة لمجتمع البحث، وأن كان هناك مساوئ للخطبة القديمة إلا إنها في اعتقادهم هي الأفضل ولولا ذلك لما تزوجوا لو كانت هذه الشروط موجودة في زمانهم. فهم يقنعون بالبسيط وإن كان من دون رضاهم فهم أمام قدر محتوم لا مجال للفرار منه. وإذا ما قسنا هذا بعادات قبائل الطوارق نلاحظ اختلافا فهم لهم مطلق الحرية في اختيار كل منهم للآخر ويستمر التعارف أربعة أو خمسة أشهر قبل الزفاف، بحيث تتضح كل الأمور بين أهل الخطيبين وهذا يرجع إلى عادات وتقاليد هذا الشعب والتي هي على اختلاف كبير مع مجتمع البحث في تلك الفترة. (الجوهري: 1993، 254,255).
دور (الخّطابة):
فقديما كان الخطابة يتحدثون لوالد الفتاة المراد خطبتها بأنهم سوف يأتون اليه الليلة للزيارة فيرحب بهم. وعندها يأتون ليطلبوا يد ابنته للشخص الذي وكل لهم مهمة البحث له عن زوجة أو والد العريس نظرا لخبرتهم، وبعدها يذهب الأب ليستشير الإبنة وهي مجرد شكليات لإبراء الذمة وهذا راجع إلى كونهم متمسكين بكلام الله، فهي لا تبدي رأيها وإنما والدها هو الذي يقول إن كان يصلح لها أو لا وتقول أم محمد“كنت نائمة عندما أتى والدي ليقول لي إن هذا الرجل جاء ليتقدم لي وعندها لم يكن لي رأي على الرغم من صغر سني وكنت في الثانية عشرة ولم تأتني الدورة الشهرية بعد وعندها أنحسم الأمر” وتقول في الخطابة المثل الشعبي المشهور بينهم في الدعاء على الخطابة وهو“أدعي على الخطيب والخطيبة واللي قضى واللي سعى بالغيبة أدعي عليه بالريح والتنصيبة إيموت ما عنده جفن يوصي به” هذا يعكس الى أي درجة تعاني المرأة في زواجها وتقوم بالتعبير عن رأيها بهذا المثل الشعبي، أما أم محمد تحكي معاناتها عندما تزوجت فتقول “أنه جاء الخطابة لوالدي ليخطبوني إلى الحاج كاظم وعندها جاء أبي لأمي لينقل لها الخبر فقالت له أفعل ما تراه مناسبا” فالرجل بالنسبة للمرأة هو الذي يستطيع أن يتخذ القرار. وهنا نلاحظ أن المرأة هي من تهمش دورها ولهذا فالرجال يستغلون هذه الفرصة على النساء. ولقد كانت تنشئة النساء على طاعة آبائهن وأزواجهن والرضوخ عند أوامرهن دون أن يناقشنهم فيما هو مطلوب منهن، وإلا تعرضن للعقاب البدني وهي الوسيلة التي يتبعها الرجال في السيطرة على النساء في ذلك الوقت. وذلك بسبب هيمنة السلطة الأبوية التي يمارسها الأب مع أبنائه وتعويدهم على استماع أوامره والانصياع إليها. وهذا يعكس معاناة المرأة مع الرجل من خلال القهر والتفرقة في المعاملة بينها وبين الرجل. وكما هو ملاحظ في أهم قضية تخص المرأة وهي اختيار شريك الحياة. حيث يجبر كل من الفتى والفتاة على الزواج من دون أن يرى كل منهما الآخر إلا ليلة الزفاف. وكما يقولون“ حظك نصيبك هو أصمخ هو أعور أنتين وحظش وتعليق ضعفهن على الحظ ” وهذا يرجع إلى قلة الوعي بين النساء وعدم مقدرتهن على المقاومة فالرجل هو المسيطر وكما أن الخوف من الضرب عامل مساعد في ضعف المرأة فهي لا تقدر على مواجهة الرجل لا جسمانياً ولا حتى عقلانياً.
أما الفتاة اليتيمة فلها تصرف آخر ومعاملة خاصة في اختيار شريك الحياة حيث كان عندما يريد الخطاب التقدم إليها أول شيء يفعلونه يذهبون إلى رجل الدين (وهذا الذي يجعلهم يتصرفون معها باحترام خوفا من نظرة هذا الرجل لهم بعدم أتباعهم شرع الله)، ليعطي وكيلها أي ولي أمرها عصاً ليقيس طولها ويرى إذا كانت تستطيع أن تصل يدها إلى أذنها أيضا، فإذا كانت طويلة بالنسبة لعمرها فأنها نضجت، ومن خلال هذه التصرفات تعرف إن كانت مؤهلة للزواج أم لا. كما تكون هناك مقابلة للشيخ مع هذه الفتاة لكي يختبرها إن كانت قادرة على تحمل المسؤولية، فيسألها عن الأمور المنزلية إن أجابت بشكل صحيح وافق وأن لم تجب بشكل صحيح رفض أن يعقد عليها ونظرا لمسؤوليته أمام الله فهو يقوم بما وجب عليه على أكمل وجه في نظر أفراد البحث وذلك لقوله تعالى “وأما اليتيم فلا تقهر” وعند إبرام العقد في النهاية يتأكد من رأيها إن كانت موافقة ويكون بحضورها شخصيا أمام الشيخ في العقد ليسمع رأيها، وذلك خوفا من كلام الله ورسوله وهنا لوضوح نص الشرع في هذه القضية.
السؤال عن الزوج:
وتتم مواصلة هذه المرحلة وعندها يرد الوالد على الخطاب بالسؤال عن نسب وأصل الزوج إن كان زواجاً خارجياً أي من القرية ولكن لا تربطهم به صلة دم. وهي مجرد شكليات لأنه يوثق في الخطابة ثقة عمياء لأنهم لا يقومون بالخطبة إلا لمن هم أهل لهذه الخطبة وهنا يتضح خوف كل فرد في هذا المجتمع على الآخر والإسراع في عمل الخير له دون مقابل. وتقول أم محمد أنه يتم السؤال عن الرجل في السوق المركزي في القرية لتواجد الرجال على اختلافهم، فهو يسأل من له مكانة ومصداقية ومعرفة وثيقة بهذا الشخص ونسبه وأصله فليس كل شخص يستطيع أن يجيب بصدق وشفافية. وهو أهم ما يركز عليه الأب لأن الزواج ليس مجرد اقتران رجل بامرأة وإنما اقتران عائلة بأخرى أي تزاوج عوائل.
مرحلة إرسال الزوج أهله لرؤية العروس:
وتبدأ الخطوة التالية وهي أن يرسل الزوج أمه وأهله من النساء لرؤية العروس وإبداء رأيهن فيما إذا كانت تناسبه أو لا وذلك للعادات الاجتماعية التي تمنع حدوث مقابلة بين الرجل والمرأة وهنا لهم وجهة نظر في أنه قد لا يحدث نصيب، مما سيؤثر على سمعة الفتاة. فأم العريس هي المرآة التي ستعكس لولدها صورة زوجته حيث تقوم بفحص العروس، وأول شيء تريد معرفته هي من أم الفتاة؟ لأنها ستكون انعكاس لها كما يقولون “ خذ الوردة وشمها تطلع البنت على أمها” “ واللي في القدر يطلعه الملاس” ولذلك فهن يقنعن بالفتاة خصوصا اذا كانت من عائلة وأصل طيبين وتربية صالحة، المهم أنها ستساعدها في عمل المنزل و“بتزيح” عنها عبء كبير، وما هي إلا مجرد عادة أو حب استطلاع لمعاينة جسد المرأة فهو في نظرهم رأس مال تتفاخر به المرأة على قرينتها المرأة، فالشعر له دور في جمال الفتاة وكذلك بنيتها الجسمانية فكلما كانت مليئة برز مستواها المادي وأنها بنت خير وعز. وأن لم تعجب الأم بالفتاة يرفض الفتى، فدور المرأة مهم في هذه المرحلة لأنه من ِبدء هذه المرحلة يبدأ دور المرأة في تكملة المهام الأخرى المتعلقة بطقوس الزواج وهنا نلاحظ اختيار المرأة للمرأة يكون وفق معايير تحددها المرأة. كما أن العمة “أم العريس” إذا كانت زوجة ابنها صغيرة تصبر عليها وتعلمها الأمور المنزلية وكذلك بالنسبة للزوج المهم أصلها ونسبها.
مرحلة المواساة:
وبعد ذلك يتفق كل من والد العريس والعروس على المهر وكانت أم محمد أول امرأة ترفع المهر في تلك الفترة إلى أربعمائة دينار (أربعة آلاف روبية) حيث كانت المهور قبل الخمسينيات يصل إلى مئة وخمسين دينار فقط (ألف وخمسمائة روبية) أي أنه زاد إلى الضعف والسبب في ذلك ظهور البترول.
مرحلة العقد:
تعد هذه العملية حاسمة لإتمام مراحل الخطبة وعندما تتم الموافقة على الزواج من الطرفين يذهب والد العريس إلى الشيخ في القرية وهو عالم دين وكان الشيخ المشهور آنذاك هو الشيخ منصور الستري ليحدد الليلة الزينة لإجراء عقد الزواج وهي الليلة التي تكون فيها النجوم مكتملة ومتفرقة، لأنه إذا كانت متجمعة دليل على وجود حزن عند أهل السماء وهذا يدل على ارتباط أفراد البحث بأهل السماء ووضعهم في الحسبان في ما يقومون به، وعندما يحددها الشيخ تكون غالبا الليالي المفضلة لإقامة مثل هذه المناسبات هي ليالي الخميس والجمعة لما لها من فضل وأهمية كبيرة عند الله وكما يقومون بالغناء على هذه الأيام:
– الأربعاء والخميس وليلة الجمعة.
– والحشر عند النبي كلها مجتمعة
حيث يجهز والد العريس ووالد العروس نفسيهما ليأتيا الملاج ليأخذا الوكالة منه دون معرفة الزوج والزوجة بذلك إذا كان أول مرة وهنا يختلف الزواج الأول عن الثاني في أن الثاني لا يكون له طعم الفرح ولكي لا ينتشر الخبر نظرا لصغر سن الزوجين فهم لا يعيان ذلك وخصوصا الفتاة فهي ماهرة في نشر الأخبار، فيكون من دون علمهما ولا ترى في ذلك اليوم إلا الناس تبارك لأمها. ويسجل شروط الزوجة إذا كانت عندها حيث أن أغلب شروطهم كانت عبارة عن بقائهم في بيت والدهم لفترة معينة وذلك بسبب صغر سنها وخوف الأم عليها خصوصا إذا كانت الزوجة الثانية وستعيش في بيت عائلة وهي غير مؤهلة لتحمل المسؤولية وتريد الأم أن تعودها على حياة الزواج وبالذات إذا كانت الوحيدة عند أهلها. وبعد العقد لا ترى الزوجة زوجها ولا يراها ويدعان اللقاء لليلة الدخلة خجلا وحياء من زوجها ولو رأته بالصدفة فهي تغطي وجهها وتهرب من مكان وجوده هو أو أي أحد من أهله، وبعد العقد يذهب والد العريس ومعه المهر المتفق عليه وهو “صداق يدفعه الزوج للزوجة كمعونة مالية ليساعدها في إعداد أثاث المنزل وشراء ثيابها التي تحتاج إليها عندما ستنتقل إلى حياة جديدة بانتقالها من بيت أبيها إلى منزل زوجها” (سركيس:1989، 382) وتقدم في قطعة خضراء تفاؤلا بهذه الليلة وخاتم فضة لعدم وجود الدبلة الذهب في تلك الفترة وترجع أصول هذه العادة إلى 2800 قبل الميلاد في مصر وتم استخدام خاتم الأصبع لأول مرة في زمن السلالة الثالثة في مملكة مصر القديمة وكانت الآراء تقول أن الخاتم رمز إلى القيود والأصفاد التي استخدمتها البرابرة لإجبار العروس على البقاء في بيت زوجها. كما كان شكل الخاتم يحمل معنى معين فيحمل الخاتم مفتاحا مصغرا ثبت من احد طرفيه على الخاتم ويتبادر للذهن أن هذا المفتاح يرمز لوسيلة تستخدمها العروس لفتح قلب زوجها وكشف أسراره، بل على العكس يمثل معتقدا أساسيا لعقد القران ذلك أن الزوجة تصبح مخولة لمقاسمة ثروة زوجها وهي من ضمن هذه العائلة ولها حق التصرف فيما تريد (باناتي:2003: 34، 35) أما الأصبع الذي يوضع عليه الخاتم فكان في القرن الثالث عشر ق. م، عند الإغريق وكان الهنود يضعونه على الإبهام في اليد اليمنى ونحن كذلك أثناء فترة العقد وعند الزواج ينقل الخاتم إلى بنصر اليد اليسرى أي أنه يعني تيسير الأمور في معتقداتهم. ويلاحظ الكاتب أن الشرقيين لم يهتموا بالخواتم معتقدين أنها مجرد حلي للزينة ليس لها أي معنى اجتماعي أو أثر ديني. وهنا أختلف مع الكاتب في أن الخاتم يعني الكثير فمجرد لبس الفتاة الخاتم يعني أنها متزوجة أي لم تعد فتاة وتتغير معاملتها عما قبل وتحترم أكثر من قبل الناس كما تختلف في وضعها في يد عن الأخرى ففي اليمنى تدل على الخطوبة واليسرى تدل على الزواج ومن الخطأ نقلها قبل الدخول في المرحلة الأخرى دون أن يكون هناك سبب لنقلها.
كما في عاداتهم أن يقدم العريس هدية لأم العروس وهي عبارة عن مرحلة “سلة كبيرة”سمك”“ومرحلة خبز أحمر” – ويكون هناك خبز أحمر كبير مختلف عن الباقي للعروس وللعريس يميزهم عن بقية الناس – وفي ذلك اليوم – يوم العقد سواء في العصر أو في المساء- حيث تقوم أم العروس بتوزيعه على الأهل والجيران تبركا بهذه المناسبة فأبنتهم وأبنهم قد انتقلا من هذه اللحظة كما يقول فان جنب في طقوس المرور، بالانتقال من مرحلة العزوبية وهي الحرية وعدم تحمل المسؤولية إلى مرحلة الزواج وهي التقييد وتحمل المسؤولية، ويدل الخبز الأحمر على وجود الفرح والسرور في هذا المنزل والسمك يعني الخير والبركة ومصدر رزقهم كما يحمل معنى إشهار الزواج وإعلانه ومشاركة الناس لهم هذه الفرحة. ويوزع على أهالي القرية لأنه في ذلك الوقت يكون كل شيء سرا إلى وقت اتمام العقد فكلتا العائلتين تلتزم بعدم نشر خبر الزواج وذلك في نظرهم قد يحصل حدث ولا تتم عملية الزواج ويكون هناك إحراج للعائلتين ولكي لا يؤثر أيضا على نصيب الفتاة المراد خطبتها أو لعدم مناظرة بعض الناس لهم على الزواج (الحسد) وكذلك لأهمية سمعة الفتاة عند الأهل.
مرحلة استعداد العروس وتجهيزها للزواج:
عندما يستلم والد العروس المهر وكان دائما يعطى دفعة واحدة ويكون نقداً وذلك يرجع لعمل الزوج وإمكانياته ففي بعض الشعوب يقدم المهر على أنواع مختلفة ففي “نجد” قد يمهر الرجل عروسه بقدر من الخيل والإبل، أو بعدد من النخيل أو بستان، أو بالسلاح كالسيوف والبنادق وهذا يرجع إلى الإمكانيات المتوفرة لديهم كما للبيئة دور، وفي قبائل أخرى قد يدفع المهر في صورة خدمات يؤديها الزوج لحساب الزوجة أو وليها (زناتي:1991، 84) ويكون تجهيز العروس والعريس بعد إشهار الزواج عن طريق توزيع الخبز الأحمر والسمك. عندها ينتقل أهل العروس إلى تجهيز أبنتهم للزواج وأول شيء يقوم به ووالدها هو أن يذهب إلى (البزاز) وهو بائع الأقمشة في القرية أو القرى المحيطة. ومنهم الحاج محمد العريبي والحاج علي بن جمعة، لكي يأتي لهم في اليوم التالي للبيت ويسمى هذا اليوم يوم “القصاص” أي تقطيع الأقمشة للعروس وتقوم الأم بإخبار الأهل والجيران عن هذا الموعد للحضور ومشاركتهم الفرحة ليروا الأقمشة التي ستختارها لأبنتها ويشاركونها الاختيار حيث أن “البزاز” يذهب مع والد العروس للمجلس ليشرب القهوة وهو من يتفاهم معه وليس المرأة فهي ممنوع أن تتكلم مع رجل غريب وتساومه في السعر فهذه المهمة يتولاها الرجل والتحدث مع الرجل الغريب في مجتمع البحث يعني سوء تربية الفتاة وعدم احترامها للعادات وهذا يؤثر على سمعتها، ومن ثم يتناول البائع وجبة الغذاء احتفالا بهذه المناسبة وهذا يعكس الكرم والطيب وحسن الضيافة لمن يأتي لمنزلهم حيث أن النساء يتأخرن في الاختيار ويأتي وقت الغذاء والضيف في منزلهم ومن المخجل أن يخرج من دون أن يتناول وجبة الغذاء. كما يكون ذلك بالنسبة لمن حضر من النساء أيضا حيث تأخذ الأم لأبنتها لأنها أكثر خبرة في هذا المجال ومرت بهذه التجربة حيث تشتري لها أربع صراولة وأثنى عشر ثوب وغشواية ودراعتين ورداء أسود ورداء أبوصيبع وبرنوص وطرا ريح وزيلة وغوري وتكون هذه الكمية التي تحتاجها في تلك الفترة ولكونها ستعيش مع أسرة زوجها، كما تصنع لها أمها ما تحتاج إليه من حصر لوضعها على السرير لترفعه وعددهم أثنى عشر نسبة إلى عدد الأئمة الأثنى عشر تبركا بهم ولطرح الخير والبركة لأبنتها وخمسة سفر، لأنه عندما تتلف سفرة في بيت زوجها فأنه مقسم عليها وعلى زوجات أخوة زوجها تبديل السفرة على كل واحدة منهن، وفي أثناء الاختيار تقوم النساء بالغناء والجباب وهن يرددن:
يالهيل يالهيل يالهيل يالهيل
يا من شعر رأسها يسحب الى الذيلي
نادوا الخياطة نادوا الخياطة
أتجي تخيط للعروس في أظلم وليلي
نادوا الفراشة نادوا الفراشة
تجي تفرش فرشة العروس في أظلم وليلي
نادوا الحناية نادوا الحناية
تجي اتحني العروس في أظلم وليلي
نادوا الطباخة نادوا الطباخة
تجي ضيفة العروس في أظلم الليلي
نادوا المشاطة نادوا المشاطة
تجي اتمشط العروس ففي أظلم الليلي
نادوا الخضابة نادوا الخضابة
تجي اتخضب العروس في أظلم الليلي
كما يقلن في رقة العروس وعدم تحملها مسؤولية بيت كبيرو هي:
يالهيل بالهيله
على من يقرض الهيله
فطوم صغيرة
ولا تكدر على العيله
يالهيل بالهيله
على من يقرض الهيله
تكدر اتسافر
غبيب الهند في ليلة
يالهيل بالهيله
على من يقرض الهيله
تقدر يالهيل بالهيله
على من يقرض الهيله
تقدر اتخيط
اثياب العرس في ليلة
يالهيل بالهيله
على من يقرض الهيله
تقدر اتفرش
فرش العرس في ليلة
يالهيل بالهيله
على من يقرض الهيله
تقدر بتطبخ
طبخ العرس في ليله
وبعدما تنتهي النساء من الشراء يتحاسب التاجر مع والد العروس وعندما لا تتوفر عنده بعض الأغراض يضطر والد العروس إلى أن يذهب إلى السوق لكن دون مرافقة النساء له فقد كان من المحرمات عندهم أن تذهب امرأة إلى السوق فهو مكان خاص للرجال فقط فهي مكانها المنزل حيث لا ترى ولا يراها الرجل الغريب لكي لا تقلل من حشمتها، حيث تقول ما تريده وهو يشتريه لها على ذوقه حتى لو كان لا يناسبها فهي ترضى به ولا تحاججه فهو قد قطع مشواراً للسوق وخصوصا أن المسافة التي تبعد سوق المنامة عن منطقة البحث طويلة، كما أن والد العروس يقوم بشراء الذهب وهي أربعة مراصغ ذهب لابنته وريشتان ذهب فقط هذا ذهب زواجها ويكون على قدر المهر أما الباقي فأنها تستعير من عند جيرانها أو أهلها وهذا يعكس قوة العلاقات الاجتماعية بين الناس وكذلك التفاوت في امتلاك البعض لكمية من الذهب والبعض لا يمتلك هذه الكمية فهو يرجع للمستوى المادي والاجتماعي. أما بالنسبة للبخور وماء الورد والفحم والتتن وأغراض الطبخ والحلوى والخبز الأحمر والسكسبال والنقل والجاكليت والطحين فهي من ضمن الضيفة وتكون على الزوج فأم العروس تسجل له كل ما تريده وهو يشتري لهم وهنا لا يوجد اختلاف بين الرجل في بيت العروس والرجل في بيت العريس فكلهم نفس الشيء.
أما بالنسبة لأنواع الملابس التي تلبسها العروس والعريس في الزواج والحلي والعطورات فأني أردت أن أتطرق إليها بشيء من التفصيل التوضيحي:
الملابس النسائية في الزواج:
كانت الملابس في الماضي تخاط باليد ولا يخلو بيت في القرية من امرأة تعرف الخياطة وكانت من الأعمال الضرورية التي يجب على كل امرأة أن تجيدها لتعرف أنها ربة بيت صالحة وماهرة. وعلى الرغم من اختلاف أنواع الملابس فكانت تتفنن في الاختيار المبني على الذوق الرفيع حيث تفصل الملابس عن كل مناسبة ففي المنزل ملابس خاصة والزيارات لها ملابس خاصة وكذلك الزواج له ملابس خاصة أيضا فكانت تلبس ما يناسبها. حيث كانت هناك مستويات متفاوتة لكل من يلبس الملابس وتعكس فئة وطبقة هؤلاء الناس من حيث انتماؤهم وثقافتهم. وبما أن موضوعي عادات الزواج والتراث المرتبط به وتعتبر الملابس من ضمن هذا التراث فإني سأتناول جزئية من موضوع الملابس النسائية في الزواج ولا سيما ملابس العروس في زواجها. وكانت وما تزال الملابس النسائية أداة للزينة تحرص المرأة على الخروج بأجمل ما عندها أمام المجتمع. وكانت ملابس الزواج تختلف في كل ليلة عن الأخرى (انظر الهامش).
ثوب النشل:
وهو ثوب فضفاض طويل يتميز بأتساع فتحات الأكمام وبكثرة الزخارف المعدة من خيوط الذهب “ألزري” التي تنتشر على الثوب كله. وقماش ثوب النشل من الحرير الناعم يمتاز بالألوان الزاهية كالأحمر والأخضر والبنفسجي وأفضل أقمشة (الخشخاش والبتة) وهو ثوب العروس عند زواجها. وكان ألزري الذي يستخدم في تطريز الثوب يستورد من الهند ويأخذ عدة زخارف ونقوش وكلها مستوحاة من البيئة وخصوصا البيئة الطبيعية المتوفرة لهم في ذلك الوقت. كالكازوة والبيذانة – شجرة الخارة- دق البزة- لبرج – شيشة حمد – الباجلة- وحب القفشة حيث كانت العروس تلبس ثوب النشل في ليلة الزواج وفي الغالب يكون اللون الأحمر والأخضر هما اللونان المميزان للزواج كما أنه يختلف القماش من شخص إمكانياته ضعيفة عن شخص إمكانياته جيدة حيث يكون قماش الحرير للثوب النشل سعره غالي عن الحرير التور وهو يكون أرخص وهو الذي يعمل منه بكثرة في مجتمع البحث كما أن من تقوم بخياطته تحتاج لوقت لكي تتقن الرسومات التي تطرزها حتّى يظهر بالمستوى المطلوب من أم العروس فهو لليلة زواج وهي ليلة من العمر الكل سيرى العروس بكامل زينتها فيها.
ثوب المفحح:
يتميز الثوب المفحح بتعدد ألوانه ويضم في العادة أربعة ألوان قاتمة يدخل فيها البنفسجي والأسود والأخضر والبرتقالي على شكل قطع عرضية متناسقة توزع في فتحات الأكمام الواسعة، ثم تنحدر تلك الألوان عند منتصف الثوب لتأخذ الشكل الطولي حتى تصل إلى أسفل الذيل ويمتد من أعلى الكتفين وعند فتحة الرأس شريط عريض من خيوط ألزري من الفضة أو الذهب ويصل الشريط حتى منتصف البدن، ويزخرف هذا الشريط بنقوش مختلفة كنقشه (الباجلا والبيزة). أما القماش الذي يصنع منه فيسمى (كف السبع) أو (الخشخاش) وهما نوعان من الحرير الخفيف وهذا يرجع لذوق العروس وأمها فتشتريه لها في حفل زواجها فقد تلبسه في ليلة الزواج بدلا من ثوب النشل فهو ثوب زاهي تقوم بخياطته الدايه وهو ثوب أيضا يحتاج لدقة في التفصيل.
الدراعة:
الدراعة تخاط من جميع الأقمشة ويمتاز هذا الزي بأن أكمامه ضيقة وتكاد تلتصق بالذراع وتزين فتحة الأكمام بشريط من ألزري أو (الكورار) وتأتي الدراعة على نوعين هناك دراعة “أم رسغ” تتميز بشريط ألزري العريض الملتف حول الرسغ والنوع الآخر (أم كتف) ويمتاز شريطها بالدقة ويطرز صدر الدراعة (الجيب) بخيوط ألزري وتنقش فيه بعض الزخارف الجميلة. وتمتاز الدراعة بالألوان القاتمة وحينما تلبس مع النشل أوغيره من الأثواب الشفافة تأخذ لونا معاكسا للون الثوب بغية تناسق الألوان وتعاكسها الجذاب لذلك فالدراعة تختلف عن الثوب في أنها خفيفة وتلبس في أي وقت بعكس الثوب، ولكثرة حركة المرأة في بيتها وعملها المستمر فهي دائما ما تفصل الثوب الذي ترتاح في لبسه أثناء عملها. ولذلك تختلف الدراعة باختلاف المناسبة التي تلبس فيها ففي مناسبة الزواج تكون مملوءة بالتطريز ألزري وكثرة الدقة في التصميم ويكون لكل يوم من أيام الزواج لون مختلف للدراعة التي تلبسها العروس.
السروال:
يخاط السروال من الأقمشة القطنية ذات الألوان الزاهية ويطرز عند نهاية الساق بنقوش جميلة متناسقة كتطريز (الباذلة – السفه- واللوزية والودعة وقرض الهيلة) وتطرز هذه الزخارف من خيوط ألزري والبر يسم، أما من أعلى وفي الوسط تماما فيشد السروال بواسطة حزام يسمى (دكة) ويختار لقماش السروال الألوان الجميلة الزاهية ويتكون السروال في الغالب من قطعتين تمتد الأولى من أعلى إلى أسفل تصل فوق الركبة بقطعة أخرى تختلف في اللون عن الأولى وتسمى (حدرة) وهناك نوع من السراويل يسمى السروال المعجل يلبس مع ثوب النشل أو سروال أبو خياطة وسروال القيطان ويكون في ليلة الزواج السروال ألقيطان المطرز بالخيوط الذهبية كسروال شيشة حمد أو الفلس أو المدرسة أو الخياطة وكلها أنواع من التطريز تفننت المرأة في المجتمع البحث في عملها وما زالت مستمرة عند البعض حيث تلبس العروس في ليلة الحنة السروال الأخضر المطرز بخيوط الزري ويوم الجلوة تلبس سروال زاهي مع الدراعة والمشمر الأخضر وهذا يعكس ذوق المرأة في لبسها.
الغشوة:
قطعة من قطن خفيف أسود اللون وترتديه النسوة خارج البيت لتستر به المرأة شعر رأسها ورقبتها ووجهها وتطرز بعض أنواعها بطرز النقدة وتضعها المرأة على وجهها حين خروجها من البيت ورؤية الغريب. لكن غشوة العروس لا تختلف عن الغشوة العادية لكنها تطرز بزخارف من خيوط الفضة وتغطي العروس وجهها بالغشوة وغالبا تكون شفافة حيث تلبسها في يوم الحناء والجلوة وليلة الدخلة وهي تعكس خجل وحياء الفتاة في حفل زواجها.
الملفع:
قطعة قماش سوداء غالبا ما يكون من التور الأسود الناعم مستطيل الشكل تستخدمه المرأة لتغطية رأسها أولحجب وجهها عند الخروج من البيت وقد يكون مطرزا بالنقدة بوريدات أو نجوم أو وحدات زخرفيه مختلفة تلبسه العروس في أيام المبارك أو في المناسبات.
العباءة (الدفة):
رداء تلبسه النساء والفتيات يستر الجسم كله من الرأس حتى أخمص القدمين، وهو رداء مفتوح من الأمام وبه فتحتان تسمحان لمد أصابع اليدين.
رداء أبو صيبع:
وهو قطعة قماش من الحرير يتكون من مربعات صغيرة من الألوان المختلفة ويخاط بخيط ألزري بأكمله وغلب عليه اللون الأحمر ويرجع تسميته إلى المكان الذي تم صنعه فيه وهي منطقة أبوصيبع وهو دائما تلبسه العروس في الجلوة.
المشمر:
هو عبارة عن قطعة من القماش تسمح بلف الجسم بأكمله من أعلى الرأس حتى أسفل القدمين. تستخدمه النساء داخل المنازل أو أثناء الزيارات القريبة داخل القرية، ويكون قماش المشمر من (الويل) أو القطن وهو خفيف وتغلب عليه الرسوم النباتية (المشجر) حيث تلبس العروس المشمر في ليلة ألحنا ويكون أخضر مزخرفا بخيوط الزري الأصفر وليلة الدخلة ويكون أيضا أخضر كما تلبس كل يوم من الأيام السبعة في المبارك مشمرا مزخرفاً وكذلك تجلى العروس بسبعة مشامر في الجلوة ولا يزال يستخدم بشكل واسع في القرى.
حذاء القدم: وهو عبارة عن قطعة من الخشب تلبسه العروس فقط يسمى “ القبقاب بوعود” ويجلب من النيبار. (مهرجان الخامس للتراث:1996).
الملابس الرجالية في الزواج:
أن ما يميز الرجل البحريني أنه يعتز اعتزازا شديدا بملابسه الشعبية ويعتبرها جزءا من هويته، فهو حافظ عليها من الاندثار والضياع وقد كان ينظر إلى الرجل الذي يلبس الملابس الغربية نظرة دونية، وعلى الرغم من أن الرجال كانوا لا يبذلون الكثير على ملابسهم بسبب توفير لقمة العيش لأبنائهم ألا أنهم يختارون ملابسهم على أساس المناسبة التي سيلبسونها فيها فملابس العمل تختلف عن الأيام العادية وتختلف عن ملابس الزواج وهذا ما يهمني في بحثي ملابس العريس في زواجه.
الثوب:
زى يلبسه الرجال من قماش المململ أو الويل أو النيسو وهي من الأقمشة الناعمة الرقيقة ويناسب جو الصيف الشائع في البحرين ويطرز الثوب في الجوانب بخيوط البريسم وكذلك عند الجيب ويلبسه العريس ليلة زواجه.
السروال:
كلمة فارسية (شلوار) وتلفظ (صروال) وغالبا ما يكون من اللون الأبيض ويلبس تحت الثوب للستر وهو دائما ما يلبسه لأنه بدون الصروال يحس بالخجل وذلك بسبب التعود على لبس هذا النوع من الصروال المقترن بالستر والحشمة وهما يشملان الرجل أيضا.
البشت:
هو رداء رجالي يصنع من وبر الجمال أو صوف الأغنام، وتعددت ألوانه فمنها الأبيض والأسود والأحمر والسكري والنباتي والبني والرمادي ويحاك البشت من الصوف الأصلي ويتم تطريزه ويعد البشت هيبة وشخصية للعريس تميزه عن الرجال فتعطيه إحساسا بالراحة النفسية لأن البشت لا يلبسه الرجل إلا في المناسبات.
الغترة:
وهي ممّا يلبسه الرجل وتأتي على شكل مثلث لتلبس ويسمى خام أي قماشها بالويل. وتتدلى في نهايتها أهداب الغتر (كراكيش) كلما كانت الغترة جديدة تعبر عمّن يلبسها إذا كان عريسا أو لوجود مناسبة فالرجل لم يكن يشتري له الملابس بكثرة نظرا لظروفه المادية الصعبة.
العقال:
وهناك نوعان: أسود يسمى فتلاً والآخر أبيض يلبسه كبار السن من علماء ووجهاء وأيضاً من عامة الناس كما يلبسه العريس ليلة زفافه وهو لا يلبس إلا في المناسبات مثل البشت.
النعال:
وهو ما يلبسه الرجل في قدمه وغالبا ما تكون النعل مصنوعة من الجلد ومن مسمياتها في البحرين:
1. النجدية من نجد
2. الزبيرية من العراق
3. المزرية من الهند
المسبحة:
وهي دوائر صغيرة من الكهرمان يؤتى بها من الحج وهي تلبس للزينة حيث يحملها العريس معه في ليلة زواجه عند قراءة المولد وفي الزفة (حبيل:200)
الزينة والحلي والبخور التي تتحلى بها العروس:
كما أن الذهب من أهم أدوات الزينة لدى المرأة البحرينية وخصوصا في الزواج فهي المناسبة الوحيدة التي تلبسه فيها قديما أي عندما تتزوج وبه تزهو وتظهر في أجمل صورة. ومن الحلي التي تلبسها العروس في مجتمع البحث هي:
قحفية وريقات وتضعها على رأسها ليلة زفافها وريشتان في شعرها من الجانبين تتحلى بهما وتكون رائعة وجميلة. أما الخزامة والقرنفلة تضعها في أنفها حيث تقوم بخرقها بإبرة لتدخل فيها الخزامة والقرنفلة ولا تلبسها إلا الفتاة المتزوجة أما البنت فهي لا تلبس مثل هذه الحلي وتلبسها العروس ليلة عرسها وتظهر في أبهى وأجمل صورة. وتراكي صباح الخير حيث تقوم الأم بخرق أذن إبنتها منذ صغرها وعندما تصبح عروسا تلبس التراكي تتزين بها.
أما حلي أصابع اليد فهي:
المحبس: الجف وهو عبارة عن خمسة خواتم مشبوكة بسلاسل تجمع على ظهر الكف لتصل الى اسورة في المعصم.
خواتم
حلي المعضد: مراصغ ( أبو سعفة)، البنجري، حب الهيل.
حلي الصدر: المرية، كرسي جابر، زنود فضة تضع في اليد من أعلى.
هيجل: وهو عبارة عن سلسلة في نهايتها مربع صغير هو فضة فيه فصوص خضراء ذهب.
مواد التزيين:
وهي ما تتعطر به المرأة في أيام زواجها لكونها عروسا ومحل أنظار الناس فحرصت على أن تظهر برائحتها الزكية لزوجها ومن ثم للناس ومن هذه المواد والعطور هي:
1. الحناء: حيث تعجن الحناء وتحني به شعرها قبل يوم من الحنا، لكي يصبغ لونه مما يعطي العروس لونا جميلا لشعرها، وكذلك في ليلة الحنا يعجن لها لكي يوضع في أيدي وأرجل العروس.
2. المشموم: يقطع ويوضع في شعر العروس ليعطيها رائحة زكية كما تعمل منه المرأة قلادة تلبسها في جيدها وتكون من المشموم والورد المحمدي والرازجي والياسمين ويكون للعروس رائحة لا أحد ينافسها عليها وتجعلها مميزة من بعد، كما تضع الداية المشموم والورد والياسمين في الفرشة لتعطيها رائحة عطرة.
3. الديرم: لحاء شجرة الجوز ويوضع على الشفاه ويصبغ لونها وتضعه العروس من ليلة الحنا ويكون له حرارة عندما يوضع على الشفاه كما تضعه طوال أيام العرس لتظهر كعروس جميلة تتزين به.
4. المحلب: بذور بعض النباتات صغيرة الحجم تجلب من إيران وباكستان وتقوم الداية بنقعها في الماء لتخرج منها رائحة زكية وتضع معها الرشوش وهو نوعان أحمر للشتاء وأبيض للصيف وهو من الورد الطبيعي المجفف يطحن ويخط مع الصندل والزعفران والودج مع بعض في طاسه صين لتدهن به شعر العروس. .
5. الكحل: الأفمد في لهجة مجتمع البحث وهو حجر طبيعي ثقيل الوزن ذو لون مكون من آلاف الرقائق المتراصة فوق بعضها إلا أنه في غاية الصلابة وأغلب أحجار الأفمد الموجودة في أسواق البحرين مستورد من المملكة العربية السعودية حيث اشتهرت بجودة تلك الأحجار والأغنياء تكون علبة الأفمد عندهم من ذهب. وهذا الأفمد يرسم عيون العروس ويزينها وتضعه الداية للعروس من ليلة الحناء إلى آخر يوم من المبارك كما تضعه الأم لولدها الرضيع اعتقادا منهم بأنه يوسع العينين.
6. البخور: وهو مادة صمغية إذا أحرقت فاحت منها رائحة طيبة مثل بخور اللبان وبخور بنات السودان وبخور البربر وترجع أصوله إلى عهود قديمة استخدم الإنسان الأعواد النباتية ذات الرائحة الزكية في أوقات فرحه وعند القيام بطقوس دينية تقربا للآلهة ولطرد الشياطين وتطهير الأماكن منها. واشتهرت البحرين بصناعة البخور ( أنظر المهن المرتبطة بالزواج) وكانت المرأة هي من تقوم بعمله وصناعته بإضافة العنبر والمسك.
أنواع البخور:
1. المعمول: يطحن نخال العود أو ما يسمى بالدكةَ ينخل وينظف جيداً ثم يخلط مع المسك الأبيض والأسود بعدها يضاف إلى الخلطة نخال الصندل بعد طحنه وتنظيفه ثم تضاف كمية من الجاوي المسحون ثم تعمل خلطة من السكر والماء والعنبر وتطبخ على نار هادئة ثم تضاف هذه الخلطة إلى الخلطة الأولى ليترك هذا الخليط مدة يوم كامل، وتسمى هذه العملية بالتخمير. بعدها يعمل على هيئة كرات صغيرة توضع في الظل أولاً للتماسك ثم تعرضِ لأشعة الشمس وبعدها يكون جاهزا للاستعمال حيث تستعمله المرأة البحرينية في المناسبات وهو مرتبط بالفرح يعني مناسبة فرح أي أن البخور رمز لوجود فرح وهذا ما قاله تيرنر في أن سلوكيات وأفعال الناس تدل على رموز معينة لا يفهمها إلا من يقوم بدراستها، لذلك ففي الزواج أن ما يميز بيت المعا ريس عن غيرهم هو رائحة البخور التي تلصق في ملابس من يذهب ليبارك لهم وعندما تخرج تلك المرأة وتراها في الشارع امرأة تسألها هل أنتِ آتية من بيت المعا ريس وذلك بمجرد أن شمت رائحتها. ويكون لبيت المعا ريس بخور خاص وقد يكون من النوعية الجيدة التي تتميز برائحتها الطيبة خصوصا أنه يكون حديث الشراء مما يجعل رائحته طيبة بعكس البخور الذي يترك مدة دون استخدام فأنه تخرج منه رائحة كريهة وفي كل يوم من الزواج تضع أم العروس والعريس البخور في بيتهما فهو له دور في تغيير النفسية بإضفاء الراحة والطمأنينة.
2. العود: هو خشبة كل شجرة دق أو غلظ وهو ما جرى فيه الماء من الشجر ويكون للرطب واليابس والجمع أعواد أو عيدان ولقد اشتهرت منطقة الخليج العربي باستعمال العود والتطيب به منذ زمن بعيد حيث كان تجار العرب والخليج يجلبونه معهم من الهند في تجارتهم ونظرا لغلائه فقليل من مجتمع البحث من يستخدمه وهم من الميسورين أما الفقراء فلا يستطيعون شراءه لأنه غالٍ ولكن رائحته زكية وجميلة وهنا ترتبط رائحة العود بأناس معينين وهم من يستطيعون شراءه.
3. الصندل: شجر هندي أبيض خشبه طيب الرائحة يحمل ثمراً في عناقيد وله حب أخضر، وخشب الصندل من الأدوية القلبية أحره الأحمر ثم الأصفر وأبرده الأبيض.
4. المسك: ضرب من الطيب وله رائحة عطره يستخدم كعطر وقد يتم خلطه مع العنبر والصندل لعمل بعض العطور أو البخور.
5. العنبر: طيب وهي سمكة كبيرة بحرية يتخذ من جلدها التراس ويقال للترس عنبر.
المجامر:
1. المبخرة: المجمرة التي يحرق فيها البخور وتستخدم في بيت المعاريس عندما يدار بها للناس لكي يتبخر والبعض له طريقة في عملية التبخير حيث يضع المبخرة أو الكبس أسفل الدراعة لكي تثبت رائحة البخور وتعلق فيها وهكذا تبخر الداية العروس لكي لا تذهب منها رائحة البخور والبعض يبخر ملابسه بوضعها تحت المزن وهو مصنوع من الخوص وبه فتحات ويكون مثل السلة يوضع على الكبس لتبخير الملابس.
2. الدوة: تصنع من طين وأشتهر أهالي عالي بصناعتها حيث يتم عمل القهوة عليها في بيت المعاريس ولا يتم إزاحتها لأنها تكون موجودة على مدار الساعة لعمل القهوة ويكون فيها الجمر مشتعلاً.
3. المقبس: موضع الحطب المشتعل بالنار ويصنع المكبس من الطين أو الجص وأشتهر أهالي عالي بصناعته.
4. النارجيلة: وهي مدخنه يدخن بها الناس وهي مادة مخدرة مثل السجارة مصنوعة من الطين وبها عود يتم من خلاله التدخين ومن أعلى توجد فتحة صغيرة لوضع الفحم في علبة معدنية وتستخدم في المناسبات عندما لا تكون الأم تستخدمها فهي عندما تتزوج أبنتها أو أبنها تحضرها من عند الجيران لوجود بعض النساء التي تشرب هذا النوع فهي تكون موجودة باستمرار (حربان:2004).
اختيار الداية:
تقع عملية اختيار الداية على أم العروس والداية هي امرأة تقوم بخدمة العروس وتجهيزها وتعديلها بدأ من خياطة ملابسها إلى وقت انتقالها إلى بيت زوجها. وهنا تكمن أهمية عدم جعل العروس لوحدها في وقت تحتاج فيه إلى من يرفع من معنوياتها وإلى من يزيح عنها عبء مسؤوليات الزواج من تجهيز واستعداد. فكانت العروس في مجتمع البحث تلقى كثيراً من الرعاية والاهتمام والاحتفال بانتقالها إلى مرحلة الزواج لكي تكون على أتم الاستعداد لهذه المرحلة ومن غير المحبب أن تجهز العروس نفسها فهي لها مكانة وقدر كبيران، ولذلك يكون اختيار الداية وفق معايير وأسس أولا تكون متزوجة لسهولة إيضاح المعلومات المتعلقة بالزواج للعروس لأن الأم تخجل أن تعلم أبنتها وأيضا أن الأم لن تستطيع أن تتعامل مع ابنتها بسهولة فهي ستتعرض لعراقيل في كيفية إيصال المعلومة ونظرا لصغر سن ابنتها التي قد تضعف أمامها بعكس شخص آخر غير الأم فتوكل هذه المهمة للداية وقد تكون الخالة أو العمة أو الجارة أو بنت العم أو بنت الخالة، وتمتاز الداية بالعمل المتواصل وتكون بقوة جسدية أي من النساء “هبات الريح” أي يعملن بجد ورغبة كما أنها تكون ملمة بكل الأمور المتعلقة بالمنزل من طبخ وخياطة وحسن القيادة ولها أولاد لكي تكون وجه سعد على الفتاة فهن لا يخترن المرأة العاقر أو التي لها مشاكل مع زوجها لكي لا يتأثر حظ أبنتهم بدايتها لذلك يكون الاختيار في غاية الدقة، لأن كل الأعمال هي التي تقوم بها وعندما تحتاج إلى مساعدة الأهل والجيران تطلب منهم ما تريد فهم يساعدونها وتكون لها شعبية بين نساء الفريك لكي تأخذ ما تريده من حاجيات ليست متوفرة عند أم العروس فالناس كانوا يساعدون بعضهم البعض دون مقابل مادي وذلك لضعف الإمكانيات فالكل يتعاون لأنه إن لم يتعاون فهو سيحتاج اليهم في وقت لاحق ولكن نظرا لموقفه المسبق لن يساعدوه، وكان اختيار الداية صعبا في بعض الأحيان خصوصاً إذا كانت أم العروس غير اجتماعية فهي لن تستطيع أن تختار لأبنتها الداية المناسبة لكن جيرانها لايدعون هذه المرأة لوحدها وإنما يساعدونها ويقفون لجانبها فكان التضامن الاجتماعي عندهم عالياً فهم متماسكون مع بعضهم البعض في الأفراح والأحزان كأنهم عائلة واحدة مترابطة.
إذن فالداية امرأة متخصصة، ومن المهام التي تقوم بها أولا تأخذ أقمشة العروس لكي تخيطها وعندما لا تستطيع وحدها فإن جيرانها وأصحابها يساعدونها في ذلك وقد تكون أكثر من داية واحدة للعروس إذا كانت المهام كثيرة لا تستطيع داية واحدة أن تنجز جميع المهام، ليكون تسليم الملابس في الفترة المحددة لتكملة بقية أغراضها وغالبا ما تكون الفترة المحددة لتجهيز العروس تبدأ من أسبوع إلى شهر فقط ولا تتعداه. وفي هذه الأثناء لا تبرح العروس منزلها إلا في الأشياء الضرورية فقط كالذهاب للعين أولجني الثمار ومن عاداتهم أيضا أن العروس لا ترى عريسها إلا ليلة الزواج وإن رأته بالصدفة فهي تهرب أو تغطي وجهها عنه حياء وخجلا. فأم العريس وأهلها لا يرون العروس إلا صباح الصبحة ومن معتقداتهم أيضا أن أم العريس لا تذهب في عقد ولدها لأنها ستكون نحساً على ابنها أو أنها ستؤثر على حظه. كما تقوم الداية بإخبار أم العروس بكل متطلبات الزواج لكي يحضرها والد العريس. فوالد العروس يشتري أيضا من المهر “ريح ومخاد وغوري وزيله وسحارة وصندوق منجم” أي فرش السرير وحاجيات الحمام” “المسبح” فهم يعملون في بابكو أو البا أي أن أعمالهم تؤهلهم لإنجاز حفل الزواج وذوو الدخل المحدود أيضا يقومون بحفل زواج فهي من الأمور الواجب عملها سواء كانت العائلة فقيرة أو غنية فالناس سيساعدونهم ولن يتخلو عنهم في هذه الليلة فهي ليلة من العمر ولن تتكرر وإن تكررت بالنسبة للرجل فهي لن تكون مثل أول مرة. أما بالنسبة للمرأة فهي لن تتكرر إلا إذا توفى زوجها أو طلقها وهذا غالبا ما يحدث، فإذا كانت المرة الثانية للزوجة فغالبا ما يُرفضُ أن يقام لها حفل وذلك لنظرة الناس إليها على أنها أم لأولاد ومن المخجل أن يُقام لها حفل أما البعض فيكون عنده عادياً إذا كانت الإمكانيات متوفرة حتى لو عندها أولاد. وبعد خياطة الملابس تقوم الداية بتجميع المناظر التي ستضعها في “الفرشة” وهي غرفة نوم العروسين، وهذه مهمة تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين فالفرشة مثل المسرح الآن تحتاج إلى دقة في التصميم وجهد وهذا يدل على فن المرأة ودخولها في جميع الأعمال بغض النظر عن صعوبة هذه الأعمال، حيث تجمع من كل منزل منظرتين ثلاث إلى أن تحصل على عدد المناظر التي تصل تقريبا إلى ثلاثين منظرة. فأم العروس لا تستطيع شراء كل هذه المناظر. فكل بيت عنده يعطي الداية وتقوم الداية بوضع علامة عليها أو رمز، لكي تعرف صاحب هذه المنظرة لترجعها وعندما تنكسر تدفع الأم غرامة على هذه المنظرة. فهي لا تدفع إيجارا ولكن تعوضها عندما تنكسر، وتطلب السناحات وهي قطع قماش خضراء وحمراء اللون تضعها على الجدران والسقف وأثوابا مطرزة بزخارف جميلة وغتر لوضعها في الفرشة، وسحارة وهي عبارة عن سلة مصنوعة من الخوص، وصندوق منجم لوضع ملابس العروس والعريس فيه، وسرير“سجم أو كرباية” مصنوع من الخشب ويوضع عليه الطراريح والمخاد، وقطع من القماش الحرير الشفاف ليغطى كل جوانب السرير. كما تكون الأم قد جهزت لابنتها اثنى عشر حصير لوضعه على السرير لترفعه ولعدم إحساس العريسين بخشونة خشب السرير. كذلك عدد من الحصر لفرش الأرضية حيث أن الألوان معظمها تكون حمراء أو خضراء وذلك لتأثير هذه الألوان على نفسية العريسين وإدخال البهجة والسرور والتفاؤل بالحياة الجديدة وتكون الغرفة مصنوعة من سعف النخيل “برستج” لعدم وجود بيوت مبينة في ذلك الوقت وتحتوي على حمام صغير “مسبح” يغطى بقطعة من القماش ويوضع فيه سلة صغيرة لوضع الماء للعرسان وعلبة لصب الماء.
وبعد اكتمال أغراض الفرشة تقوم الداية ومعها أهل العروس والجيران بمساعدتها في تنسيق وتعديل الفرشة، كما أنه قد تدخل في الفرشة الحس الهندي والفارسي في بعض أغراضها. وتقوم الداية بوضع السناحات أولا وذلك بضربها بمسامير لتثبت على الجدار أي تضعها على أربعة الجدران حيث تغطي الجدران بأكملها ثم تضع القطعة الحمراء على السقف وبعدها تضع المناظر من أعلى إلى أسفل وذلك بوضع ثلاثة مناظر على بعض على طول الجدران. أما بقية الجدار من أسفل فهي تضع عدة أثواب ملونة أي ثوب حمراء وثوب بيضاء وثوب خضراء إلى أن تكمل كل الجدران كما تضع غتر حيث تكون الثياب مرتبة ويظهر جانب التطريز فيها أي وضعها بالطول لكي تبين النقوش التي فيها فكل شيء في الفرشة زاهي وتشع ألوانه، ثم تضع في أحد أركان الفرشة السرير وتضع عليه الحصر ثم الطراريح والمخدة وتكون لشخصين ثم تغطى الطراحة بقطعة قماش حمراء، وفي ركن آخر تضع صندوق منجم عليه سلة كبيرة الحجم مصنوعة من أعواد ملونة من عذق النخلة، وعلى الأرضية تفرش الحصر ومن ثم توضع بجانب الجدران دواشق وعليها مساند ألوانها زاهية حمراء أو خضراء وعلى الدوشق تكيات صغيرة، كما توضع أيضا طاولة صغيرة من الخشب لوضع الصينية عليها وعلى هذه الصينية مبخر ومرش، الذي يحتوي على ماء الورد ووضع البخور المعمول عليها وبعض العطورات والمشموم مما يعطي رائحة زكية للفرشة ويكون هذا عصرية الدخلة وما إن ينتهين من الفرشة تقوم الداية بإغلاقها لحين ليلة الدخلة وممنوع أن يدخلها أحد لكي لا تتعرض للتخريب أو يدخلها شخص كاره أو حاسد لهذا الزواج فيقوم بعمل سيء فيها كربط بعض السناحات ليتضرر حظ كل من العريس والعروس، وفي الحقيقة أن هذا العمل الشاق يحتاج لمهارة وفن.
وبعد الانتهاء من تعديل الفرشة تقوم الداية بمهمة أخرى وهي دعوة أهالي القرية للحضور ليباركوا الزواج ويكون عادة لجميع أفراد القرية فلم يكن هناك تحديد لفئة دون أخرى فالكل يكون معزوماً لحضور الزواج ومساعدتهم، حيث تدعوهم إلى يوم النذر“تقميع الأظافر” والحنة ويوم الوليمة (يوم الزفاف)، كما تذهب إلى القارية التي ستقرأ على العروس وهي امرأة متخصصة في قراءة المولد النبوي والجلوات ومدائح أهل البيت (ع) وتكون عادة القارية على مستوىمن العلم بأمور الدين والدنيا وقد تكون زوجة لشيخ كما أن لها مكانة اجتماعية بين الناس وهيبة وهذه المعايير التي تجعل منها امرأة تختلف عن الباقي بعلمها ومالها وهذه المرأة قد تكون متعلمة لكنها تبخل أن تعلم غيرها من النساء لكي لا تصل إلى نفس المكانة التي وصلت إليها. وتكون القراءة فقط في يوم الزفاف من الصبح إلى العصر.
الأكلات المرتبطة بالزواج:
كان لتأثير الطقس والمناخ دور لا يستهان به من حيث اختيار وإعداد الأطعمة. فطبيعة المناخ الحار تفرض على الأفراد تناول بعض الوجبات التي تتلائم مع هذا الجو الحار وخصوصا أنه كان يقام الاحتفال بالزواج في نهاية الصيف باعتبار قدوم الربيع. وجوهم غالبا صيف لأن بيوتهم كانت مصنوعة من السعف وعند إقامة مثل هذه المناسبات لن يكونوا مستعدين كما لو كانت في جو خالٍ من الأمطار والرياح التي تعيق عملهم.
وللبعد الجغرافي والإقليمي أيضاً تأثيره الخاص فيما يتم تناوله من أطعمة ومأكولات، وكون المجتمع البحريني يشكل أحد المجتمعات العربية الإسلامية ولاحتكاكه أيضاً بالشعوب والحضارات والثقافات الأخرى فقد وردت إلى المجتمع البحريني أصناف متنوعة من الأطعمة والطبخات وخاصة من (الهند وإيران والعراق) وقد تم إدخال بعض التغييرات على تلك الأطعمة لتتناسب مع الذوق المحلي وتصبح بعد ذلك أحد الأطعمة الشعبية التي تشملها السفرة البحرينية والخليجية.
وهناك أطعمة مرتبطة بمناسبات واحتفالات مختلفة ومن المناسبات التي تعد لها أطعمة متنوعة هي مناسبة الزواج ففيها تقدم الأطعمة المالحة والحلوى والمكسرات لذلك نلاحظ تأثير الطعام بالعادات والتقاليد المتبعة في كل منطقة تجعل لها خصوصية في طبخ أكلة معينة تمثل طابع تتميز به بين كل المناطق أو في داخل الحي الواحد. ومن هذه المأكولات المرتبطة بمناسبة الزواج سواء المالحة أو الحلوة والمكسرات ما يلي:
أولا: الأكلات الحلوة:
1. الخنفروش: وهو أحد أهم الأكلات الشعبية التي تقدم في المناسبات والأعراس والأعياد والزيارات المتبادلة بين أهل البحرين، ويقدم للعريس في صباح الصبحة للفطور به وكذلك للضيوف والخنفروش يحتوي على مواد مختلفة مثل الطحين والبيض والزعفران وماء الورد والهيل والسكر. تخلط هذه المواد وتصب على شكل أقراص صغيرة ويقلى في الزيت ويكون الزيت قليلاً، وهذه الأكلة من الصعب أن يتقنها من ليس لديه خبرة فيها فهي تحتاج لفن وخبرة.
2. العصيدة: وهو نوع من الحلاوة مذاقها طيب وتقدم قديماً للعرسان في فطور الصباح وكذلك للمرأة النفساء. وتحتوي على طحين وسكر أو دبس وهي أكلة تعطي طاقة وقوة لاحتوائها على سعرات حرارية كثيرة.
3. الممروس (بثيثة): التمر غذاء رئيسي لأهل الخليج عامة وأهل البحرين خاصة، لأن معظم الأكلات تدخل في مكوناتها التمر ومن أمثالها البثيث وهو يحتوي على التمر والطحين المحمص والبزار الأسود.
4. الخبيصة: وهي وجبة أساسية في الزواج وتعتمد في تحضيرها على السكر والدهن والهيل والزعفران والطحين والدبس كما أنها توزع على الجيران في صباح الصبحة فرحاً وابتهاجا بهذه المناسبة.
5. قرص الطابى (الطابج): وهو طبق محبب عند كبار السن الآن لأنه يذكرهم بأيام زمان، وعند الأهالي في القديم حيث كان يكثر من صنعه في رمضان بشكل يومي وكذلك في كدوع الزواج وهو يحتوي على طحين وسكر وزعفران وهيل وعادة تكون العجينة خفيفة، حتى تصب بالفنجان في المقلة إلى أن يحمر القرص وبعدها يرش بالسكر أو الدبس ويكون طعمه لذيذا.
6. البلاليط: وهو وجبة محببة في وجبة الصباح وعند وجود زائر كما يكثر صنعه في رمضان وأيام الزواج، مكوناته وهو عبارة عن شعيرية ذات رقائق ضعيفة وتتكون من السكر والهيل والزعفران وماء الورد وكذلك يضع عليه قرص من البيض المقلي عند الطلب ونلاحظ في مكونات الأكلات الحلوة السكر والطحين الذي يحمل سعرات حرارية عالية وطاقة وذلك بسبب الجو الحار الذي يحتاج فيه الناس لتعويض الفاقد من خلال هذه الأكلات ولكثرة الأعمال التي يقومون بها في مناسبة الزواج.
ثانياً: الأكلات المالحة:
وهذه الأكلات تكون لوجبة الغداء والعشاء في الزواج وعادة ما تتكون من الأرز والسمك واللحم لوجود هذه الأشياء بكثرة بعكس الدجاج الذي يربى في المنزل ولا يذبح إلا إلى الناس الغرباء المهمين لندرته, ومن هذه الأكلات المرتبطة بالزواج هي:
1. البرنجوش ( العيش المحمر): وهي كلمة أصلها فارسي، وهو من الأكلات القديمة والتي تعد لتضعها أم العروس تحت سرير أبنتها كعشاء للجان ولكي ينشغلوا به عن المعاريس وفي الصباح تأخذه الداية لترميه في العين ولا أحد يأكل منه لأكل الجان منه. كما يقدمها أهل العريس في صباح الصبحة لأهل العروس وتحضر عن طريق:
– غسل الأرز.
– يضاف الدبس والهيل الى الماء حتى يكون طعم الماء حلواً.
– يضاف الرز إلى الماء المغلى.
– بعد أن ينضج الرز يصفى من الماء ويضاف له وهو في المصفاة زعفران وماء ورد ثم يرجع الى القدر.
يقدم البرنجوش مع السمك المشوي.
2. الصالونة: وهي المرق وتعد وجبة أساسية في غذاء العرس ويتم تحضيرها كالتالي:
– يتم تقطيع الخضروات التي توضع فيها وهي (الباميةوالبوبر والطماطم والبصل والآلو والجزر).
– ينظف اللحم.
– يحمص البصل قليلا ثم توضع عليه الخضروات المقطعه واللحم وقليل من الماء الى أن يجف.
– بعدها يوضع ماء على حسب كمية اللحم وتكون عبارة عن المرق.
– يطبخ لها الأرز الأبيض.
3. مجبوس اللحم: وهي وجبة العشاء في الزواج وتتكون من الأرز واللحم وتحضر كذلك:
– ينظف اللحم ويفرم البصل.
– يحمص البصل الى أن يصبح لونه ذهبياً ثم يوضع في الماء الى أن يطبخ أو يغلى ثم يوضع الأرز.
– يجف الماء ويستوي الأرز ويقلى له الآلو ويصبح جاهزاً للأكل.
ثالثاً: المكسرات:
وتكون هناك أنواع خاصة تقدم للضيوف في الزواج وبالذات في الجلوة وهي:
1. السكسبال (الفول السوداني).
2. النقل ( مثل البندق).
3. الجوز.
4. الحلاوة (الجاكليت).
5. النخج.
6. حب الحمام ( مثل البيض الصغير ملون داخله فول سوداني).
7. قطع سكر.
رابعاً: المشروبات:
وهي الماء والقهوة والليمون وبعد فترة ظهر العصير (الشربت) ماءورد أحمر والشاي (بنادر التراث:2003).