المربي الأستاذ أحمد قاسم مال الله
يغادرنا بهدوء
السبت 14 ديسمبر 2024
بعد مسيرة عطاء طويلة وعظيمة في التعليم والحياة تستحق الوقوف عندها واستنطاق أيامها، باتت النويدرات، العكر، المعامير، وسترة وضواحيها ليلة الثلاثاء الموافق 24 نوفمبر 2024، في عزاء وذهول على نبأ مفجع كساها الحزن ثوبا أسود والذهول والحسرة برحيل عميد المعلمين وشيخهم الأستاذ أحمد قاسم مال الله الذي قضى نحبه في مستشفى السلمانية، ليلة قضاها الأهل والأصدقاء حزينة مؤلمة، تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنانه مع محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين.
لم يكن العم الوالد الأستاذ أحمد قاسم مال الله شخصية اعتيادية تعبر الدنيا وتغادرها دون أثر؛ وإنما كان شخصية استثنائية تفاعلت مع المجتمع البحريني تفاعلا بان أثره على أبناء قرية النويدرات وضواحيها في التشييع الذي جاء فيه الناس لوداعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه في مغتسل مقبرة النويدرات، فقد أحدث فيهم أثرا كبيرا إذ كان معلمهم ومربيهم لأكثر من سبعين عاما، وسيبقى هذا الأثر محفورا في سجل التاريخ المشرق والجميل لحركة التعليم في مملكة البحرين عموما، وقرية النويدرات وضواحيها خصوصا.
الأستاذ أحمد قاسم مال الله كان أبا للجميع وروحا جميلة حلقت في سماء العلم والتعليم طويلا، يبني ويعلم ويربي الجيل تلو الجيل في مدرسة المعامير الابتدائية التي بدأ العمل فيها سكرتيرا للمدرسة يفتحها كل صباح، ثم ترقى إلى أستاذ فيها ثم صار مديرا مساعدا إلى أن تقاعد، تجده حاضرا بتواضعه وابتسامته ووقاره في كل محافل القرية وضواحيها تجده في المسجد والمأتم والمحفل، وفي الأفراح والأتراح يلبي كل دعوة ويحضر في كل حدث تعليمي وديني.
كان الأستاذ رجل التواضع بامتياز بطبيعته في كل شيء، يرحب بالناس دون تكلف، وهو قريب من الناس جميعهم، فأهل قرية النويدرات أهله الذين تربطهم به علاقات النسب والجيرة الطيبة، فهو قريب جدا منهم فخلد في وجدانهم جميعا.
كان الأستاذ مثالا في الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة، كان وقورا مهابا مستقيما في عمله وفي حياته هذه الاستقامة خلقت منه إنسانا واعيا ومربيا فاضلا، لقد أدى رسالته التنويرية لأهل قريته وضواحيها بكل اقتدار وأمانه خبيرا بالأمور والناس، يضع الأمور في نصابها بالميزان القسط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا التواء، بعيدا عن الفتن والعصبيات والضجيج والشهرة، يربي الجيل على حب العلم والاستقامة التي ألزم بها نفسه طول تاريخه على هذه الأرض الطيبة، وسيرته تعج بالشواهد الكثيرة على ما أقول.
واليوم وبعد مسيرة طويلة ناصعة في التعليم والتربية ترجل عميد المعلمين وشيخهم الأستاذ أحمد قاسم مال الله عن هذه الدار، وصعدت روحه إلى بارئها الكريم، ليترك وراءه سيرة عطرة، عظيمة في مراميها، قوية في معانيها، وليضرب أروع الأمثلة في التفاني والحب لهذه المهنة، أعني مهنة التعليم والتربية وما تحمل من شواهد وقصص رائعة وجميلة وسيرة طيبة في ذاكرة الجميع، تستحق بحق الاقتداء بها واستنطاق محطاتها واستلهام قصص النجاح والتفوق فيها من عميد المعلمين وشيخهم الحكيم، الذي صقلته التجارب الطويلة حتى اقترب من أبناء قريته وضواحيها فأحبهم وعرفهم وخبرهم فمنحوه ما يستحق من المحبة والتقدير والاحترام.
رحم الله العم الوالد الأستاذ أحمد قاسم مال الله يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا، وعزاؤنا فيما خلفه الأستاذ من ذرية طيبة ومسيرة طويلة بيضاء نقية في التعليم لهذا البلد الكريم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
البروفيسور علي أحمد عمران
https://www.albiladpress.com/news/2024/5905/bahrain/892692.html
صحيفة البلاد البحرينية
السبت 14 ديسمبر 2024
13 جمادي الآخرة 1446
العدد 5905